أوروبا وتغير المناخ.. الحرارة القاسية تصعد الملف إلى صدارة الأولويات
يؤثر تغير المناخ على أوروبا بأشكال مختلفة اعتمادا على المنطقة، ويمكن أن يؤدي إلى فقدان التنوع البيولوجي وحرائق الغابات.
كما يؤدي تغير المناخ إلى انخفاض غلة المحاصيل وارتفاع درجات الحرارة، ويؤثر أيضا على صحة الناس، لذا فإن مواجهة تغير المناخ أولوية بالنسبة للاتحاد الأوروبي، خاصة مع ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية بشكل كبير منذ الثورة الصناعية، حيث كان العقد الماضي خلال الفترة من عام 2011 وحتى عام 2020 الأكثر دفئا على الإطلاق.
ووفقا لبيانات برنامج كوبرنيكوس الأوروبي كان عام 2023 هو الصيف الأكثر سخونة وثالث أحر عام على الإطلاق، حيث تشير معظم الأدلة إلى أن هذه الزيادات في درجات الحرارة ترجع إلى الزيادة في انبعاثات غازات الدفيئة الناجمة عن النشاط البشري.
وتراوحت حصة الاتحاد الأوروبي من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية من 15.2٪ في عام 1990 إلى 7.3٪ في عام 2019، كما يعد الاتحاد الأوروبي عضوا ملتزما في مفاوضات الأمم المتحدة بشأن المناخ.
ويقول الاتحاد الأوروبي إنه لاعب رئيسي في مفاوضات الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، وقد وقع اتفاقية باريس للمناخ، جميع دول الاتحاد الأوروبي وتنسق مواقفها وتضع أهدافا مشتركة لخفض الانبعاثات على مستوى الاتحاد الأوروبي.
وبموجب اتفاقية باريس التزم الاتحاد الأوروبي في عام 2015 بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة في الاتحاد الأوروبي بنسبة 40٪ على الأقل عن مستويات عام 1990 بحلول عام 2030، وفي عام 2021 تم تغيير الهدف إلى تخفيض بنسبة 55٪ على الأقل بحلول عام 2030 وحياد الكربون بحلول عام 2050.
وفي عام 2008 حدد الاتحاد الأوروبي هدفا لخفض الانبعاثات بنسبة 20٪ أقل من مستويات عام 1990، حيث انخفضت الانبعاثات بنسبة 24٪ في عام 2019 و31٪ في عام 2020، ويرجع ذلك جزئيا إلى جائحة كوفيد.
وتم تحديد أهداف جديدة عام 2021، حيث جعل الاتحاد الأوروبي الحياد المناخي، أي هدف صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050، ملزما قانونا في الاتحاد الأوروبي.
وهذا الهدف المتمثل في صافي الانبعاثات الصفرية منصوص عليه في قانون المناخ، حيث تعد الصفقة الخضراء الأوروبية خارطة طريق الاتحاد الأوروبي لتصبح محايدة مناخيا بحلول عام 2050.
وتم تحديد التشريع الملموس الذي سيمكن أوروبا من تحقيق أهداف الصفقة الخضراء في برنامج "فيت فور 55" الذي قدمته المفوضية في يوليو/تموز 2021.
ويعمل الاتحاد الأوروبي أيضا على تحقيق اقتصاد دائري بحلول عام 2050، وإنشاء نظام غذائي مستدام وحماية التنوع البيولوجي.
وللحد من الانبعاثات من الصناعة ومحطات الطاقة أنشأ الاتحاد الأوروبي أول سوق للكربون، وفق مخطط تداول الانبعاثات، ويتعين على الشركات شراء تصاريح لانبعاث ثاني أكسيد الكربون، ويغطي هذا النظام 40٪ من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة في الاتحاد الأوروبي.
ولمواءمة نظام تبادل الانبعاثات مع الأهداف الأكثر طموحا للصفقة الخضراء، تم تحديث المخطط لتقليل الانبعاثات من الصناعة بنسبة 62٪ بحلول عام 2030، ويشمل نظام تداول الانبعاثات المنقح قطاعات مثل المباني والنقل البري اعتبارا من عام 2027، والنقل البحري.
كما أن القطاعات التي لم تدرج بعد في نظام مقايضة الانبعاثات، مثل البناء والزراعة وإدارة النفايات، ستخفض أيضا انبعاثاتها من خلال تقاسم الجهود بين دول الاتحاد الأوروبي، حيث ولمواكبة حزمة “ فيت فور 55” الطموحة يجب أن تزيد أهداف التخفيض لهذه القطاعات من 29٪ إلى 40٪ بحلول عام 2030.
وفيما يتعلق بالنقل البري، أيد البرلمان الأوروبي في يونيو/حزيران 2022 اقتراحا لتحقيق صفر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للسيارات والشاحنات الصغيرة الجديدة في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2035.
وكان البرلمان الأوروبي صوت على مراجعة نظام تداول انبعاثات الطيران، بما في ذلك جميع الرحلات الجوية من المنطقة الاقتصادية الأوروبية في المخطط في أبريل/نيسان 2023، واعتمد البرلمان الاقتراح للتخلص التدريجي من البدلات المجانية للطيران بحلول عام 2026 وتعزيز استخدام وقود الطيران المستدام.
ويسهم تحسين كفاءة الطاقة وإنتاج طاقة أنظف في تحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي المناخية وتقليل اعتماده على الواردات، ففي مارس/آذار 2023 توصل البرلمان والمجلس إلى اتفاق لتعزيز الطاقة المتجددة، حيث من المتوقع أن ترتفع حصة مصادر الطاقة المتجددة في الاستهلاك النهائي للطاقة في الاتحاد الأوروبي إلى 42.5٪ بحلول عام 2030، بينما من المتوقع أن تستهدف كل دولة 45٪.
بالإضافة إلى ذلك، يريد الاتحاد الأوروبي تحسين كفاءة الطاقة بأهداف جديدة، تتمثل في تقليل الاستهلاك النهائي للطاقة بنسبة 40٪ واستهلاك الطاقة الأولية بنسبة 42.5٪ بحلول عام 2030.
ويتضمن الانتقال إلى اتحاد أوروبي محايد للكربون بحلول عام 2050 بموجب الصفقة الخضراء إعادة النظر في دورة حياة المنتجات بأكملها، وتعزيز الاستهلاك المستدام والاقتصاد الدائري، بما يؤدي إلى تقليل استهلاك الموارد، وتقليل النفايات، وتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة.
وتعد استعادة النظم الإيكولوجية الطبيعية والحفاظ على التنوع البيولوجي أمرا مهما للتخفيف من تغير المناخ، وزيادة قدرة تخزين الكربون في الطبيعة وزيادة القدرة على التكيف مع تغير المناخ.
ولأن الغابات تلعب دورا حاسما في امتصاص انبعاثات الكربون وتعويضها، اعتمد البرلمان الأوروبي، في أبريل/نيسان 2023، قواعد لضمان عدم مساهمة السلع المستوردة إلى الاتحاد الأوروبي في إزالة الغابات أو تدهورها في أي جزء من العالم.
aXA6IDMuMTQ1LjEwMy4xMDAg جزيرة ام اند امز