فتنة بيتكوين.. من ينظم مملكة العملات المشفرة في أمريكا؟
دائما ما تتسبب العملات المشفرة في نشوب خلاف في الولايات المتحدة، بعد إقرار مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون جديدا للأصول الرقمية.
ففي الوقت الذي يعتبر البعض مشروع القانون انتصارا لصناعة العملات المشفرة، يراه آخرون يشكل تخفيفاً للقواعد ويزيد من المخاطر التي يواجهها المستثمرون.
ويحظى مشروع القانون بدعم أغلبية ساحقة من الجمهوريين و71 ديمقراطيا في مجلس النواب الأمريكي.
إثارة الجدل
سيقسم مشروع القانون مسؤولية تنظيم العملات المشفرة بين لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) ولجنة تداول العقود الآجلة للسلع (CFTC).
ويأتي مشروع القانون بعد سنوات من النقاش بين المنظمتين حول مسؤولية كل طرف في تنظيم العملات المشفرة.
تعتبر لجنة تداول العقود الآجلة للسلع العملات المشفرة مصنفة كسلع، ومن ثم لديها سلطة تنظيم تداولها، بينما تقول لجنة البورصة إن بيتكوين وممثلين آخرين يمثلون الأوراق المالية الخاضعة لولايتها القضائية.
ويدعم الاقتراح الجديد تعزيز السلطة التنظيمية لهيئة تداول السلع الآجلة (CFTC) مقابل إضعاف إشراف هيئة الأوراق المالية والبورصات (SEC) على الأصول الرقمية، لكن الأخيرة ستستمر في لعب دور مهم في تنظيم الصناعة.
لكن مشروع القانون لا يزال في حاجة إلى موافقة مجلس الشيوخ وتوقيع الرئيس جو بايدن ليصبح قانونا فعليا، ومن غير الواضح إذا كان سيحظى بالدعم في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون.
إذا أقره مجلس الشيوخ فسينشئ مشروع القانون إطارا تنظيميا للأصول الرقمية، ويساعد على تحديد متى تكون الرموز الرقمية مؤهلة كأوراق مالية أو سلع.
يصنف مشروع القانون الأصول الرقمية، حيث تعتبر العملات المشفرة سلعا تنظمها لجنة تداول العقود الآجلة للسلع الأمريكية (CFTC) إذا كانت سلسلة الكتل التي تعمل عليها وظيفية ولا مركزية.
إذا كانت تقنية blockchain الخاصة بالعملة المشفرة تعمل بشكل صحيح ولكنها ليست لامركزية، فسيتم اعتبارها ورقة مالية ضمن اختصاص هيئة الأوراق المالية والبورصات.
انقسامات حول المشروع
وعلى الرغم من موافقة مجلس النواب الأمريكي على مشروع القانون، فإن المشرعين منقسمون حول التشريع الجديد وتأثيره على صناعة العملات المشفرة ومصالح المستثمرين.
ويقول مؤيدو مشروع القانون في الكونغرس الأمريكي إنه سيوفر الشفافية التنظيمية ويساعد على تحفيز نمو الصناعة، بينما يحذر آخرون من أنه يهدد الجهود المبذولة لحماية المستثمرين.
ووصفت ماكسين ووترز، النائبة الديمقراطية في لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب، مشروع القانون بأنه أحد أسوأ مشاريع القانون التي رأتها على الإطلاق.
ولكن من ناحية أخرى، يعتقد الجمهوريون في مجلس النواب الأمريكي أن مشروع قانون FIT21 سيعزز الإشراف على مجال الأصول الرقمية سريع النمو، ويعزز الشفافية والمساءلة بين بورصات العملات المشفرة والوسطاء والتجار.
أكد النائب فرينش هيل، جمهوري من ولاية أركنساس صوت لصالح مشروع القانون، أن التشريع لن ينشئ نظام تخفيف لمحتالي العملات المشفرة أو يمنع البورصة من حماية أسواقها.
ويعتقد باتريك ماكهنري، جمهوري من ولاية كارولينا الشمالية ورئيس لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب، أيضا أن مشروع القانون يساعد على حل الارتباك في ظل الإطار التنظيمي الحالي، كما يوفر قواعد واضحة للصناعة ويوفر منصة للأمريكيين للتعامل مع المعاملات الرقمية.
في حين أعرب البيت الأبيض عن معارضته FIT21، لأنه يفتقر إلى الحماية الكافية للمستهلكين والمستثمرين، فإنه لم يهدد صراحة باستخدام حق النقض ضد التشريع.
التحذيرات والمخاوف التنظيمية
وحذر رئيس لجنة الأوراق المالية غاري جينسلر من أن مشروع القانون سيخلق ثغرات تنظيمية جديدة ويقوض عقودا من الرقابة.
وحذر جينسلر من أن مشروع القانون الذي وافق عليه مجلس النواب يعرض المستثمرين وأسواق رأس المال لمخاطر عديدة، مشيرًا إلى أن العملات المشفرة يجب أن تمتثل القوانين نفسها التي تنطبق على الأصول الأخرى لمنع حالات الاحتيال في السوق.
وأكد رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصة الأمريكية أنه بموجب مشروع القانون لن تعتبر عقود الاستثمار المسجلة من خلال تقنية بلوكتشين أوراقا مالية، وبالتالي حرمان المستثمرين من حماية قوانين الأوراق المالية.
ومن بين الانتقادات الأخرى، قال جينسلر إن مشروع القانون سيسمح لمصدري عقود الاستثمار في العملات المشفرة بمعاملة منتجاتهم كسلع رقمية لن تنظمها لجنة الأوراق المالية.
ويعتقد جينسلر أن سجل صناعة العملات المشفرة الحافل بالفشل والاحتيال والإفلاس لا يحدث بسبب عدم وجود قواعد أو قواعد غير واضحة، ولكن لأن العديد من اللاعبين في الصناعة لا يتبعون القواعد.
لا يحظى رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات بشعبية في صناعة العملات المشفرة بسبب إجراءاته الإدارية المتكررة ضد الشركات في الصناعة، وإحجامه عن الموافقة على قوائم الأصول الجديدة.
ردود فعل متباينة
أما بالنسبة لصناعة العملات المشفرة نفسها فقد كانت ردود الفعل على مشروع القانون في الولايات المتحدة متباينة، إذ أعرب البعض عن تفاؤلهم بشأن تخفيف القيود التنظيمية بينما يعتقد البعض الآخر أن التشريع لا يغير الواقع كثيرا.
يجادل مؤيدو القانون بأن المنظمين عالقون في الماضي ويطبقون قواعد غير فعالة للإشراف على التوسع الكبير في شعبية العملات المشفرة.
يحظى مشروع القانون بدعم بعض مؤيدي العملات المشفرة والهيئات العاملة في الصناعة، الذين طالما نظروا إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية باعتبارها عقبة أمام اعتماد الأصول الرقمية على نطاق أوسع.
ويعتقد المطلعون على الصناعة أن منح هيئة تداول السلع الآجلة (CFTC) صلاحيات أوسع لتنظيم العملات المشفرة سوف يخفف من ضغوط السوق، لأن لوائحها أقل صرامة من تلك الخاصة بلجنة البورصة الأمريكية.
تعتقد شخصيات صناعة العملات المشفرة أيضا أن تصويت الحزبين هو تصويت رمزي للصناعة نفسها وقد يبشر بمستقبل أفضل لهذه الصناعة.
ووصفت شيلا وارين، الرئيس التنفيذي لمجلس ابتكار العملات المشفرة، التصويت بأنه لحظة حاسمة.
قال "غاربييل شابيرو" الخبير القانوني في العملات المشفرة إن مشروع القانون لا يغير حتى الوكالات المسؤولة عن تنظيم الصناعة، إذ ستظل لجنة الأوراق المالية والبورصات تتمتع بسيطرة كبيرة، لكن مع نظام تنظيمي مزودج مقسم بين اللجنة وهيئة تداول السلع الآجلة.
- أشار "شابيرو" إلى أن مشروع القانون يمنح لجنة تداول السلع الآجلة سلطة لم تكن تتمتع بها من قبل وهي سلطة تنظيمية على سوق السلع الفورية، معتبرا أن القانون يشكل "خداعا شديدا للسوق".
- يرى الخبير أن مشروع القانون يعتبر وسيلة حكومية لمعاقبة الأنشطة التي كانت صناعة العملات المشفرة تقوم بها بالفعل بدون إذن.
- يتفق "ستيفن بالي" الخبير القانوني في مجال العملات المشفرة مع هذا الرأي، مشيرا إلى أنه لا يوافق على مشروع القانون الذي يستحدث بلا داع مزيدا من الاختصاص للجنة تداول السلع الآجلة فيما يتعلق بالتعاملات الفورية.