الجيوش الإلكترونية.. الوجه الجديد للحرب
مفهوم الحرب الإلكترونية يتحول الى طريقة جديدة في نزاعات الدول الكبرى على تأمين مصالحها الدولية.
أعلن وزير الدفاع الروسي، الأربعاء، عن إنشاء روسيا جيشا إلكترونيا تابعا لمؤسسة الدفاع الروسية خلال خطاب بمجلس الدوما الروسي، في خطوة تعد تحولا في مسار الحرب بشكل عام.
وأشار موقع التلفزيون الروسي إلى مقابلة أجراها مع ليونيد إفانشوف، رئيس أكاديمية دراسة الصراعات الجيوسياساية، أوضح بها أن "البنية العسكرية الجديدة للجيش الروسي ستقوم بعمل تحليلات جيوسياسية وتحديد الضربات الإعلامية والتحضير للضربات المضادة، بالإضافة إلى أبحاث تحسين حماية البنية التحتية الروسية".
وحذر مدير الاستخبارات الألمانية هانس جورج مانسن في وقت سابق من الهجمات الإكترونية بشكل عام، مشيرا إلى قدرتها على "تركيع" الدول.. في ملمح إلى تورط موسكو باستهداف عدد من الدول الأوروبية بهجمات إلكترونية.
وقامت الحكومة الأمريكية بعمل تحقيقات موسعة حول اختراقات إلكترونية حدثت لعدد من منشآتها، أبرزها خوادم رسائل الحزب الديموقراطي الأمريكي، والتي كشفت العديد من أسرار وفضائح الحزب خلال انتخابات الرئاسة الأمريكية، وأشارت أجهزة الاستخبارات الأمريكية إلى تورط موسكو أيضا في عملية الاختراق تلك.
يشير معهد "راند" الأمريكي للأبحاث الأمنية إلى أن الحرب الإلكترونية هي أعمال تقوم بها الدول أو المؤسسات الدولية للهجوم أو لمحاولة تدمير أجهزة الكومبوتر وشبكات المعلومات الخاصة بدولة أخرى، بهدف تعجيز قدراتها وجعلها معرضة لأي هجوم بهدف السيطرة عليها.
ويقول جيفري كار، المحلل الأمريكي المتخصص في الحرب السيبرانية (الإلكترونية)، أن هناك جبهتين رئيستين في الحرب الإلكترونية في أي بلد، الأولى هي الجهات الرسمية مثل الجيش الإلكتروني الروسي، وقوات حماية الشعب الإلكترونية الصينية وأجهزة الأمن القومي والاستخبارات الأمريكية، أما الثانية فتكون عن طريق الاستعانة بـ"هاكرز" أو مخترقين محترفين، أفرادا أو منظمات مثل "أنونيموس" على سبيل المثال، لتنفيذ أعمال الاختراقات بعيدا عن الشبهات.
وأضاف كار أن الحرب الإلكترونية ليست بحديثة كما يظن، بل لها تاريخ طويل من الردود بين كل من روسيا والولايات المتحدة والصين، وبالرغم من نفي جميع تلك البلدان أي صلة لهم في الهجمات الإلكترونية، إلا أن دولا عديدة أخرى بدأت في تشكيل جيوشها الإلكترونية منذ التسعينيات.
ويشير الرئيس السابق لوحدة "ناتيف" الاستخباراتية التابعة لديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي، ياكوف كيدمي، أن الجيوش الإلكترونية أصبحت جزءا أساسيا في القوات المسلحة لأية دولة، بما في ذلك الجيش الإسرائيلي والبريطاني والصيني والأمريكي وعدد من الدول الأوروبية.
وأضاف كيدمي أن تلك الجيوش تمارس نشاطها في 3 إتجاهات رئيسية، الأول في الدعاية والدعاية المضادة، والثاني نشاط ميداني هدفه تزويد العدو بمعلومات مضللة تدفعه للتصرف بشكل خاطئ، والثالث هو محاولة اختراق البنية التحتية للعدو للحصول على معلومات أكثر حول نظمه أو لتدمير البنية التحتية والمعلومات الحساسة التي يمتلكها.
ويشير معهد راند إلى أن هناك 5 دول حول العالم هي الأقوى في مجال الهجمات السيبرانية والجيوش الإلكترونية، وقد رتبها معهد راند من الأقوى إلى الأضعف بحسب البنية التحتية والقدرات ومواقع الرصد بالإضافة الى الميزانية التي تخصصها كل دولة للحرب الإلكترونية، حيث تأتي الولايات المتحدة في المركز الأول تليها الصين ثم روسيا ثم إسرائيل في المركز الرابع وبريطانيا في المركز الخامس.
ويشير المعهد إلى أن هناك لاعبين بارزين من غير الدول الخمس الكبري، أبرزهم إيران وكوريا الشمالية، إلا أن أيران أصبحت تجذب الكثير من أنظار مؤسسات الحماية الإلكترونية العالمية وأجهزة الاستخبارات الدولية بسبب هجماتها المستمرة على دول الجوار في المنطقة، حيث تقوم تلك الهجمات بزعزعة التوازن القائم بين القوى الخمس العظمي.
وقامت مجموعة مخترقين إيرانية تدعى "روكيت كيتين"، يعتقد أنها تعمل بشكل مباشر مع الحرس الثوري الإيراني، بشن هجمات على دول في المنطقة وبعض الدول الكبرى، حيث قام معهد راند برصد 18 هجوما على المملكة العربية السعودية خلال 2016 فقط، بالإضافة الى 17 هجوما على الولايات المتحدة وهجمات متعددة على كل من إسرائيل وتركيا والمملكة المتحدة.
وتشكل تلك الهجمات بشكل عام خسائر ضخمة للدول التي تعرضت لتلك الهجمات، حيث أنفقت الولايات المتحدة وحدها أكثر من 15 ميلون دولار يوميا لمدة شهر في محاولة لإغلاق الثغرات التي حدثت في عدد من مؤسسات البنية التحتية الأمريكية، وتلكف العالم أكثر من 4 تريليون دولار سنويا لتطوير برمجيات الحماية ضد الاختراقات، بحسب معهد راند.