مخاوف عالمية من أزمة ديون.. اليابان تثير الذعر في الأسواق

تسود أجواء القلق في الأسواق العالمية بشأن احتمال نشوء أزمة مالية عالمية بسبب أزمة سندات حكومية بدأت تتكشف في اليابان.
ففي مزاد حكومي أُجري يوم الثلاثاء الماضي، فشلت الحكومة اليابانية في جذب اهتمام كافٍ بسندات مدتها 20 عاماً، ما أدى إلى ارتفاع حاد في العائدات – وهي تكلفة اقتراض الحكومة – لأعلى مستوياتها منذ عقود.
وسرعان ما أصابت عدوى القلق الأسواق العالمية، حيث يتخوف المستثمرون من أن تكون اليابان مجرد مقدمة لما قد يحدث في اقتصادات مثقلة بالديون مثل بريطانيا والولايات المتحدة.
وأطلق رئيس الوزراء الياباني، شيغيرو إيشيبا، تحذيراً صريحاً أمام البرلمان، واصفاً الوضع المالي لبلاده بأنه "أسوأ من اليونان"، في إشارة إلى مدى هشاشة ثالث أكبر اقتصاد في العالم إذا ما فقدت الأسواق ثقتها فيه.
ويبلغ الدين العام في اليابان 235% من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب بيانات صندوق النقد الدولي، وهو أعلى بكثير من نسبة 142% في اليونان خلال أزمة اليورو عام 2009.
مستقبل قاتم
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة تليغراف، لم تقتصر التحذيرات على إيشيبا، إذ قال وزير المالية، كاتسونوبو كاتو، إن فقدان ثقة الأسواق في السياسة المالية اليابانية قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار الفائدة، وضعف الين، وتضخم مفرط، ما سيسبب "تأثيراً مدمراً على الاقتصاد".
وتراجع الاقتصاد الياباني بنسبة 0.2% في الربع الأول من هذا العام، متأثراً بعزوف المستهلكين. ومع بلوغ التضخم نسبة 3.6%، رفع بنك اليابان أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ عام 2008، ويقلل تدريجياً من مشترياته الضخمة للسندات الحكومية التي لطالما دعمت السوق لعقود.
لكن التراجع في الطلب على هذه السندات بات واضحاً، إذ لم يجد بنك اليابان بعد مشترين بدلاء – حتى من المؤسسات التقليدية مثل شركات التأمين وصناديق الاستثمار اليابانية الكبرى. وتترقب الأسواق قرار البنك المركزي في يونيو بشأن الاستمرار في تقليص مشترياته أو تعديل استراتيجيته.
قلق دولي
ومن الناحية الدولية، يثير هذا التطور قلقاً في بريطانيا والولايات المتحدة. تقول كاثلين بروكس، المحللة في "XTB": "الضغوط على السندات اليابانية والأمريكية تظهر أن المستثمرين مستعدون لمعاقبة الدول التي تعاني من ديون ضخمة وعجز مالي متزايد". وأضافت أن هذا الأمر "أثر سلباً على بريطانيا سابقاً، ويضغط حالياً على الولايات المتحدة، وبدأ الآن يظهر في اليابان".
ففي بريطانيا، يُنذر استمرار ارتفاع العائدات بتكاليف إضافية على دافعي الضرائب، إذ ستضطر الحكومة لإنفاق المزيد على الفوائد بدلاً من الخدمات العامة. ويزيد ذلك الضغط على وزيرة المالية البريطانية، راشيل ريفز، التي تجد نفسها في مأزق سياسي بين الحاجة إلى ضبط الإنفاق وواقع ارتفاع تكلفة الاقتراض.
من جهة أخرى، يتوقع بنك "BNP Paribas" أن تواجه الولايات المتحدة احتمالاً غير ضئيل لـ"لحظة ليز تراس" – في إشارة إلى اضطرابات السوق خلال فترة رئيسة الوزراء البريطانية السابقة. ويضيف البنك: "الإدراك هو الواقع في الأسواق"، محذراً من أن ارتفاع مستويات الدين دون إصلاح مالي واضح يُنذر بأزمة ثقة قد تكون كارثية.
ووسط هذه الاضطرابات، يأمل البعض أن تساعد عملية "تطبيع" سوق السندات اليابانية – عبر تقليل تدخل بنك اليابان تدريجياً – في استعادة توازن الأسواق. لكن اختباراً حقيقياً قادم في الأسبوع المقبل، مع طرح سندات لأجل 40 عاماً، في ظل توتر واضح بين المستثمرين.
ووفقا لتقرير الذي نشرته الصحيفة، فإن السؤال الذي يُطرح الآن: هل يمكن لأزمة سندات يابانية أن تهز النظام المالي العالمي وتضغط على الاقتصاد البريطاني؟ وبالفعل هناك الكثير من العوامل المترابطة مثل قرارات بنك اليابان، سلوك المستثمرين اليابانيين، السياسات المالية في واشنطن، والوعود الانتخابية في طوكيو.
ويرى المحللون أن اليابان ليست وحدها، لكن وضعها يعكس حالة من "القلق المتصاعد" بين المستثمرين حول العالم. وفي ظل هذه الظروف، قد يجد القادة في بريطانيا والولايات المتحدة أنفسهم مطالبين بتحركات أكثر جرأة لضبط أوضاعهم المالية، وإلا فإن "التقلب قد يصبح هو القاعدة"، كما يقول تقرير "BNP Paribas"