"إدانة قوية".. القصة الكاملة لأسد الله أسدي وإرهاب إيران
قررت محكمة بلجيكية، اليوم الخميس، سجن الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي ٢٠ عاما بتهمة الشروع في القتل والتخطيط لهجوم إرهابي، في ضربة قوية لطهران.
ورغم إسدال الستار على القضية بصدور الحكم، لا تزال بعض فصول المؤامرة الإيرانية التي كانت تستهدف اجتماعا للمعارضين في باريس في يونيو ٢٠١٨، تتكشف.
وكان أسدي يخطط بالتعاون مع زوجين بلجيكيين منحدرين من أصول إيرانية، لتفجير اجتماع للمعارضة الإيرانية في باريس، ما كان يمكن أن يوقع عددا كبيرا جدا من القتلى.
لكن في ٣٠ يونيو ٢٠١٨، وبالتحديد في تمام الساعة 4:50 مساءً، أوقفت الشرطة البلجيكية سيارة الزوجين الإيرانيين قبل اقترابها من الحدود الفرنسية.
ونجح روبوت مملوك للشرطة في إخراج القنبلة من السيارة المرسيدس تمهيدا لنزع فتيلها. لكن فجأة حدث "اشتعال عرضي"، كما كتب الخبراء في تقرير حصلت عليه صحيفة "زوريشر تسايتونغ" السويسرية.
ومع التوتر ومحاولة إبعاد القنبلة المشتعلة، انفجرت مادة TATP المكونة لها، على مسافة تقل قليلاً عن ثلاثة أمتار من السيارة.
ووفق الصحيفة ذاتها، أدت موجة الصدمة إلى تفكيك الروبوت الذي يجري التحكم فيه عن بعد والتابع لوحدة المتفجرات البلجيكية.
ولاحظ الخبراء أن الانفجار لم يحدث حفرة في الأرض. لكن الحطام المتطاير من الروبوت أصاب شرطي كان يقف على مسافة بعيدة.
هذه القنبلة كان مخطط لها أن تنفجر في مكان آخر، وبالتحديد في قاعة مؤتمرات في ضاحية فيلبينت بباريس، حيث عقد الاجتماع السنوي للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI) يوم السبت 30 يونيو 2018.
ويقدم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية نفسه على أنه تحالف لجماعات المعارضة الإيرانية. ويكره النظام الإيراني هذا المجلس وزعيمته مريم رجوي، وخطط مرارًا وتكرارًا لشن هجمات على أهدافه في ألبانيا في السنوات الأخيرة.
من أين جاءت القنبلة؟
قبل أيام من ساعة الصفر، حصلت الاستخبارات البلجيكية على معلومات سرية مفادها بأن طائرة تابعة للخطوط الجوية النمساوية، هبطت في فيينا، قادمة من طهران، في 22 يونيو 2018، وعلى متنها المستشار الثالث للسفارة الإيرانية في النمسا، أسد الله أسدي الذي يحمل في حقيبته جهاز تفجير.
ولم يكن أسدي شخصية عادية، إذ يقول الصحفي الاستقصائي والخبير في شؤون الاستخبارات، رونين بيرغمان، لشبكة "بي آر 24" الإعلامية الألمانية إن "أسد الله هو قائد وحدة الاستخبارات الإيرانية العاملة في فيينا، وكان مسؤولا عن التحركات السرية الإيرانية في غرب أوروبا"، لكنه دبلوماسي يحمل حصانة ولا يمكن تفتيش حقائبه.
وقبل 4 أيام من موعد الهجوم، قاد أسدي سيارة مستأجرة من فيينا في 26 يونيو، حاملا القنبلة، وعبر الحدود النمساوية الألمانية من منطقة سوبن، وكانت محطته الأولى في ألمانيا دار ضيافة شاعرية بالقرب من مدينة ريغنسبورغ.
اليوم التالي، قاد أسدي السيارة إلى مدينة كوشيم الجميلة الواقعة على نهر موسيل، وكان يصطحب عائلته، ليظهر أنه في رحلة سياحية، ويزيل أي شكوك حول تحركاته.
وفي 28 يونيو، وصل الدبلوماسي الإيراني لوكسمبورج، حيث ترك سيارته في مرآب للسيارات في ثياتر بلاتس عند دقات الواحدة ظهرا، والتقى بعد ذلك بقليل الزوجين البلجيكيين، إذ حان وقت تسليم القنبلة استخدامها في الهجوم.
العميل دانيال والزوجان
وبالفعل تسلم الزوجان البلجيكيان، أمير س.، ونسيمة ن، القنبلة وعادا إلى بلجيكا قبل أن تلقي السلطات القبض عليهما في طريقهما لباريس في ٣٠ يونيو ٢٠١٨.
ولم يكن أمير وزوجته منفذين فقط للهجوم، فقط كانا عميلين لطهران جرى زرعهما في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لسنوات.
ووفق اعترافات أمير، فإن الاستخبارات الإيرانية جندته كعميل في ٢٠٠٧، وكان يقدم بالتعاون مع زوجته معلومات دورية عن المعارضة في المنفى.
وأوضح "سافرنا بالطائرة كثيرا إلى ميونيخ ومنها انتقلنا بالقطار إلى سالزبورج في النمسا ثم فيينا، للقاء دانيال، وهو الاسم الكودي لقائدنا (أسد الله)".
كما عقد الزوجان لقاءات أخرى مع دانيال لكن في ميونيخ، وتسلما مبالغ مالية قدرت أحيانا بمئات اليوروهات، وأحيانا أخرى بآلاف اليوروهات.
لكن التحقيقات كشفت مفاجأة أخرى، إذ أقر أمير أنه سافر رفقة زوجته مرتين لطهران قبل الهجوم المخطط له في باريس، وخضعا للتدريب.
ودانيال لم يكن سوى الاسم الكودي للأسدي؛ ثالث مستشار للسفارة الإيرانية في فيينا، والذي كان جاسوسا محترفا متنكرا في زي دبلوماسي، وفق الصحيفة السويسرية.
ووفق معلومات جهاز المخابرات البلجيكي، كان دانيال يقود شبكة الاستخبارات الإيرانية في أوروبا الغربية، ويركز بشكل خاص على المعارضة الإيرانية في المنفى. وتحت قيادته، قامت الاستخبارات الإيرانية بقتل معارض إيراني بالرصاص في شوارع هولندا عام 2017.
الخطر قائم
ورغم اعتقال الأسدي في ١ يوليو ٢٠١٨، والحكم عليه بالسجن 20 عاما، اليوم، فإن الخطر لم ينته بعد.
ووفق محاضر الاستجواب، فإن أسدي هدد المحققين بأن جماعات مسلحة ستنفذ هجمات في أوروبا في حال إدانته.
فيما يقول جافيد دابيران، نائب رئيس المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في ألمانيا، في تصريحات صحفية إن هناك مؤشرات على أن إيران لن تتوقف عن اتخاذ إجراءات ضد خصومها على الرغم من اعتقال أسدي.
وأوضح: "لقد تلقينا مؤشرات محددة على التجسس، وأخرى متعلقة بشن هجمات على مكتبنا هنا".
aXA6IDMuMTQ1LjcuMTg3IA== جزيرة ام اند امز