وسط تنديد دمشق.. أهداف عملية أردوغان العسكرية بسوريا
أثار تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بتنفيذ عملية عسكرية جديدة على الحدود الجنوبية لبلاده، تكهنات حول الأهداف المحتملة.
وبعد يومين من إعلان أردوغان عن الخطة، قالت صحيفة "يني شفق" الموالية للحكومة، اليوم الأربعاء إنه تم اتخاذ الاستعدادات لعملية جديدة بهدف توسيع "المناطق الآمنة" التي أقيمت بالفعل في شمال سوريا، مع تحديد عدة أهداف.
وقالت الصحيفة "من بين الأهداف المحتملة للقوات المسلحة التركية وما يعرف بالجيش الوطني السوري (المدعوم من تركيا) تل رفعت وعين العرب (كوباني) وعين عيسى ومنبج"، وفق رويترز.
تحرك إلى العمق
وسيطرة تركيا على البلدات التي تقع على امتداد قطاع بوسط الحدود التي يبلغ طولها 911 كيلومترا مع سوريا أو بالقرب، منه يمكن أن توسع وجودها العسكري وتعززه بالقرب من ساحل البحر المتوسط على طول ما يقرب من ثلاثة أرباع الحدود.
ولا توجد حتى الآن مؤشرات تذكر على حدوث نفس التحركات العسكرية التي سبقت عمليات التوغل التركية الأربع الماضية في شمال سوريا.
وقال أردوغان إنه سيجري اتخاذ قرارات تتعلق بعمليات عسكرية في اجتماع لمجلس الأمن القومي غدا الخميس.
وتخضع المناطق المستهدفة المحتملة لسيطرة وحدات حماية الشعب المدعومة من الولايات المتحدة والتي تعتبرها أنقرة امتدادا لحزب العمال الكردستاني، وهو جماعة كردية مسلحة تشن تمردا في جنوب شرق تركيا منذ عام 1984، وتصنف تركيا الجماعتين ضمن المنظمات الإرهابية.
وكانت وحدات حماية الشعب الهدف الرئيسي لعدة عمليات نفذتها تركيا في شمال سوريا منذ عام 2016 وسيطرت خلالها على مئات الكيلومترات من الأراضي وتوغلت بعمق نحو 30 كيلومترا.
وقال نوري محمود، المتحدث باسم وحدات حماية الشعب لـ"رويترز"، إن الجماعة تأخذ تهديدات أردوغان على محمل الجد، مضيفا "على التحالف الدولي وأمريكا وروسيا الالتزام بالوعود التي قطعوها تجاه هذه المنطقة. يجب أن يكون لوجودهم في مناطقنا جدوى، بمعنى أن يوقف الهجمات المتكررة على شعبنا".
تل رفعت؟
وذكرت صحيفة يني شفق أن الهدف الأهم لأحدث عملية سيكون "تل رفعت" التي تبعد حوالي 15 كيلومترا عن الحدود التركية، والتي قالت إن المقاتلين الأكراد يستخدمونها قاعدة لشن هجمات في عفرين وأعزاز وجرابلس التي تسيطر عليها تركيا ومقاتلون سوريون مدعومون من أنقرة.
وتقع تل رفعت شمالي مدينة حلب وإلى الجنوب مباشرة من أعزاز. وتنفيذ عملية هناك فقط لن يمثل توسعة "للمناطق الآمنة" التي أقامتها تركيا على الحدود، لكنه سيدفع قواتها إلى عمق أكبر في سوريا.
وقالت دارين خليفة، المحللة المعنية بشؤون سوريا في مجموعة الأزمات الدولية، "من غير الواضح ما إذا كان أردوغان يتحدث عن عملية في تل رفعت أو في مناطق أبعد إلى الشرق، لكنها سلطت الضوء على أهمية البلدة.
وقالت إن تل رفعت يمكن أن تمنحه ما يريد، وسيجنبه ذلك إثارة مشكلة كبيرة، مضيفة "لا أعتقد أن الأمريكيين يهتمون بأمر تل رفعت".
وتتمركز معظم القوات الأمريكية في شمال سوريا في مناطق أبعد إلى الشرق.
وذكرت دارين خليفة أن روسيا، التي نشرت قوات في المنطقة، "لم تعالج مخاوفه بشأن هجمات المسلحين من تل رفعت على المناطق التي تسيطر عليها تركيا"، وأن "أردوغان يقول منذ سنوات إنه ينبغي السيطرة على البلدة".
كوباني؟
تحدثت تقارير عن أن بلدة كوباني (عين العرب) ذات الأغلبية الكردية بأنها هدف محتمل آخر، إذ كان لنجاح وحدات حماية الشعب الكردية في هزيمة تنظيم "داعش" هناك عام 2015 دور في تحول دفة الأمور ضد التنظيم.
وقال نوري محمود المتحدث باسم وحدات حماية الشعب الكردية "كوباني تمثل قيمة انتصار عالمي في الحرب على الإرهاب". وأضاف "ليس هناك شك في أن قواتنا ستفعل ما يلزم للدفاع" عن المنطقة.
وتشكل وحدات حماية الشعب عنصرا أساسيا في قوات سوريا الديمقراطية، التحالف الذي تعتمد عليه الولايات المتحدة إلى حد بعيد في محاربة تنظيم "داعش".
لكن دارين خليفة هوّنت من شأن احتمالات استهداف تركيا لكوباني، وقالت "لا أعتقد أن هناك أي رغبة في التعثر في كوباني"، مشيرة إلى التغيرات السكانية الكبيرة وردود الفعل التي ستنشأ إذا فر السكان الأكراد.
وأضافت "رغم أن القوات الأمريكية ليست موجودة في منبج فعليا، فإنها منطقة نفوذ أمريكية"، لذلك "أتوقع أن تؤدي أيضا إلى رد فعل أمريكي".
خوف من الداخل
ويمكن أن يؤدي أي هجوم على كوباني أيضا إلى إثارة رد فعل قوي من أكراد تركيا الذين يشكلون حوالي 20 بالمئة من سكان البلاد. وكان هجوم تنظيم "داعش" على كوباني في عام 2014 قد أثار احتجاجات قتل فيها العشرات في تركيا.
وحذر مدحت سنجار، الرئيس المشترك لحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد في تركيا، من عواقب خطط أردوغان لتنفيذ عمليات عسكرية جديدة.
وقال لنواب الحزب "يجب أن نتوقع جميعا أن هذا سيؤدي مرة أخرى إلى دوامة دامية في هذه المنطقة وفي البلد".
وحديث أردوغان عن عملية عسكرية يسلط أيضا مزيدا من الضوء على الخلاف بين تركيا وشركائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) بشأن انضمام فنلندا والسويد إلى الحلف، حيث تتهم تركيا البلدين بإيواء أشخاص مرتبطين بحزب العمال الكردستاني.
وقال محللون إن خطط العملية العسكرية تعكس اعتقاده بأن الغرب لن يعارض مثل هذه العمليات عندما يحتاج إلى دعم أنقرة لمساعي الدولتين الأوروبيتين الانضمام إلى الحلف.
وأضاف المحللون أن إعلان أردوغان يهدف كذلك إلى تعزيز الدعم من جانب القوميين في وقت يستعد فيه لانتخابات صعبة العام المقبل. حيث عززت العمليات العسكرية عبر الحدود معدلات تأييده في الماضي.
موقف سوريا
بدورها، قالت وزارة الخارجية السورية، اليوم الأربعاء، إنها "ستعتبر أي توغل عسكري تركي في أراضيها "جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".
وأوضحت الوزارة في بيان إنها بعثت برسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن وصفت فيها تصرفات تركيا بأنها غير شرعية.
وتابعت في بيان نقلته وكالة الأنباء الحكومية "إنها ترقى إلى توصيفها بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".