العيسوية بالقدس.."غزة الصغرى" بين أنياب وباءين
العالم أمام وباء يجهد لإغلاق صفحته، وفلسطينيو العيسوية بين أنياب وباءين أحدهما جاثم بلا لقاح
في الوقت الذي يسابق فيه العالم الزمن لإغلاق صفحة وباء كورونا، يجد الفلسطينيون في بلدة العيسوية بالقدس الشرقية المحتلة أنفسهم أمام وباءين أحدهما جاثم بلا لقاح.
قبيل موعد صلاة الفجر بقليل، اليوم الإثنين، وصلت سيارة تقل 4 مستوطنين إلى بلدة العيسوية بالقدس الشرقية قبل أن توقفهم دورية للشرطة الإسرائيلية وتأمرهم بالرحيل.
لم تتضح أهداف هذه المجموعة الإسرائيلية، لكن السكان في البلدة الأكثر استهدافا بالانتهاكات الإسرائيلية في القدس المحتلة، يخشون من أن تكون بداية لعدوان دموي عليهم.
ومنذ الاحتلال الإسرائيلي للقدس الشرقية عام 1967، صادرت إسرائيل آلاف الدونمات من أراضي البلدة وأقامت عليها مستوطنة "التلة الفرنسية" في قلب القدس الشرقية.
وصادرت إسرائيل ما تبقى من الأراضي لغرض توسيع مستوطنة "معاليه أدوميم"، شرق القدس.
ووفق ما تحدث به محمد أبو الحمص، عضو لجنة الدفاع عن أراضي العيسوية، لـ"العين الإخبارية" لم يتبق لسكان البلدة بعد المصادرات الإسرائيلية سوى 2400 دونم من أصل أكثر من 12500 دونم.
ولم تكتف السلطات الإسرائيلية بحجز السكان البالغ عددهم نحو 19000 نسمة في حيز ضيق، وإنما تلاحقهم حتى في داخل بلدتهم.
ففي العام 2008 شرعت فاطمة عبد المجيد عليان بإقامة بناية من 3 طوابق لتقيم فيها مع أبنائها.
تقول فاطمة عليان لـ"العين الإخبارية": "استمرت عملية البناء 8 سنوات وما أن انتهينا حتى قامت البلدية الإسرائيلية مستخدمة جرافة، بهدم البناية في يوم واحد".
وأضافت "حاولنا جاهدين الحصول على رخصة بناء ودفعنا الكثير من الغرامات لتفادي عملية الهدم، لكنهم أصروا على الهدم".
وتعيش عليان وأفراد عائلتها الآن في منازل مستأجرة، في حين تحول منزل أحلامهم إلى ركام ما زال في مكانه حتى اليوم.
وعلى مدى السنوات القليلة الماضية هدمت السلطات الإسرائيلية عشرات المنازل الفلسطينية في البلدة وأنذرت بهدم عشرات المنازل الأخرى بزعم البناء غير المرخص.
ويقول الناشط هاني العيساوي إنه في الوقت الذي يتم فيه هدم المنازل الفلسطينية فإن السلطات الإسرائيلية تواصل مصادرة أراضي البلدة لغرض الاستيطان.
وفي حديثه مع "العين الإخبارية" ذكر العيساوي أنه تمت مصادرة 90% من أراضي العيسوية لغرض الاستيطان وبهدف منع التوسع العمراني الفلسطيني.
ويحاول السكان في بلدة العيسوية منذ عقود إقناع البلدية الإسرائيلية القبول بمخطط هيكلي للبلدة، ولكن دون جدوى رغم أن السكان أنفسهم دفعوا تكاليف هذا المخطط.
وينظر إلى بلدة العيسوية على أنها نموذج لقمع الاحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين في مدينة القدس الشرقية.
وتقتحم دوريات الشرطة الإسرائيلية البلدة يوميا في ساعات الليل والنهار يتخللها إطلاق كثيف لقنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المعدني المغلف بالمطاط على السكان.
وبحسب أبو الحمص فإنه في غضون 14 شهرا اعتقلت الشرطة الإسرائيلية نحو 1000 فلسطيني في بلدة العيسوية وحدها، منهم 60 تم تقديم لوائح اتهام ضدهم بزعم رشق الحجارة.
غزة الصغرى
وأضاف: "يتعامل الاحتلال الإسرائيلي مع العيسوية وكأنها غزة صغرى ويعتقد أنه بممارساته وانتهاكاته سيلقن الفلسطينيين في مدينة القدس الشرقية درسا قاسيا".
وأشار أبو الحمص إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي نفذت أكثر من 500 اقتحام للبلدة خلال 14 شهرا بينها تدريبات على اقتحام منازل فلسطينية.
وقال: "أدت مجمل هذه الاقتحامات إلى استشهاد فلسطيني واحد وإصابة 190 آخرين نتيجة استنشاق الغاز المسيل للدموع وبالرصاص المعدني المغلف بالمطاط ونتيجة الضرب".
ولفت إلى أن جزءا كبيرا من المعتقلين والمصابين هم من الأطفال بينهم ممن فقدوا أعينهم نتيجة الإصابة بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط.
وتتسبب الاقتحامات للمنازل، خاصة في ساعات الليل والفجر، وفق أبو الحمص، بحالة من الرعب لدى الأطفال وهو ما تكون له "انعكاسات نفسية طويلة المدى".
قبل سنوات أقام سكان البلدة مبنى خدماتيا أطلقوا عليه اسم" الديوانية" وفيه قسم يلتقي فيه أهالي البلدة لبحث القضايا التي تتطلب قرارات.
وفي المبنى يجري أيضا تنظيم دورات مهنية لبنات وشباب وأطفال البلدة.
على مدى سنوات استأجرت البلدية الإسرائيلية قسما من المبنى وهو ما شكّل عائدا ماليا لتنظيم الدورات.
غير أنه بعد خروج البلدية من المبنى، أصدرت الأولى أمرا بهدمه بزعم البناء غير المرخص.
وفي هذا الصدد، قال أبو الحمص: " سنحاول وقف قرار الهدم من خلال الاعتراض عليه ولكنني لست متفائلا".
وفضلا عن مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية فإنه يتعين على السكان أيضا مواجهة فيروس كورونا.
وبحسب معطيات إسرائيلية فإن 56 فلسطينيا على الأقل من سكان البلدة أصيبوا بالفيروس منذ بداية شهر يونيو/حزيران الماضي.
ويهدد الفيروس بالمزيد من الإصابات بعد أن فقدت البلدة سيدة سبعينية في أواسط أبريل/نيسان الماضي نتيجة الإصابة بالوباء.
معاناة ربما لخصها أبو الحمص بقوله "نحن نواجه وباءين: وباء كورونا ووباء الاحتلال الإسرائيلي".
aXA6IDMuMTQ3Ljg2LjI0NiA=
جزيرة ام اند امز