حكاية أوراق شجر البن مع أبناء "بينش شيكو" في إثيوبيا.. شوربة ودواء
لأوراق شجر البن حكايات خاصة عند قومية "بينش شيكو" بجنوب إثيوبيا، خاصة النساء، حتى بات هناك مثل شعبي يربط المرأة بشجرة البن.
يقول المثل الشعبي إن المرأة في قومية "بينش شيكو" تنسي فقرها ومصاعب حياتها، ما دام ورق شجر البن بجوارها.
و"بينش شيكو" هي إحدى قوميات إقليم شعوب جنوب إثيوبيا، الذي يتميز بتعدد قومياته وشعوبه إذ يوجد به أكثر من 50 قومية من مجموع قوميات إثيوبيا، البالغ نحو 83 قومية.
وتشتهر قوميات الإقليم بالزراعة والرعي، إلا أن هذه القومية عرفت بابتكاراتها ومستوى استخداماتها لأوراق شجرة البن دون غيرها من الأشجار والنباتات التي تذخر بها المنطقة.
وتحتل شجرة البن موقعا مهما لدى إنسان هذه القومية، خاصة المرأة، فهي تعطي أوراق شجر البن اهتماما خاصا وتستفيد منها في أغلب مصادر رزقها، فضلا عن وجباتها الغذائية اليومية التي تعدها من ورق شجرة البن بطرق مختلفة.
وقال تسفاي ورقو، وهو من أبناء قومية بنتش شيكو بإقليم شعوب جنوب إثيوبيا، إن البن الإثيوبي معروف عالميا، "لكن منطقتنا معروفة ليس ببذرة البن فقط، وإنما بشرب أوراق شجرة البن، مع كيفية إعداد حساء (شوربة) ورق البن، التي لا تفارق وجبة الإفطار الجماعي في المنطقة".
وأوضح ورقو للتلفزيون المحلي أن المرأة عند قومية بينش شيكو تتصدر المشهد بحيوتها ونشاطها الفريد، فتبدأ يومها الصباحي بالتجول داخل مزرعتها المجاورة لمنزلها والتي يغلب عليها أشجار البن.
وأضاف أن سيدات القومية يعملن بصورة مستمرة في حقولهن، وخلال العمل تجدهن يتغنين بنغمات شعرية تعبر عن سعادتهن .
وقبل أن ترسل شمس الصباح أشعتها تبدأ المرأة من قومية بينش شيكو بجمع أوراق شجرة البن، لتعد فنجان قهوة الصباح والتي تعرف محليا بـ"شيمو"، وهو أمر تعتاده سيدات هذه القومية يوميا دونما ملل أو كلل.
وتتغنى سيدات القومية في حقولهن بنغمات شعرية تعبر عن سعادتهن، غالبا ما تدور حول خيرات الأرض ونعيمها.
وكذا الحال عندما يعدن في المساء إلى منازلهن من يوم ملئ بالعمل والإنجاز حاملين ما جمعنه من أوارق شجرة البن لاستخدامات متعددة، من بينها حساء أوراق البن بمذاقه، الذي لا يقارن، بحسب ورقو.
ولفت إلى أن المرأة في قومية بينش شيكو تجهز حساء من أوراق شجرة البن، خاصة أن المنطقة تشتهر بإنتاج البن الطبيعي ذات النكهة المميزة، دون استخدام أي من أنواع الأسمدة الكيمائية.
وحول عملية تحضير الوجبات من أوراق البن، قال ورقو إن المواد الغذائية والوجبات التي تحضرها المرأة من أوراق شجرة البن عديدة، حيث تستخدم الأوراق الصفراء من شجرة البن.
وأضاف: "تبدأ بجمعها وغسلها جيدا ثم يتم تحميصها، وبعد أن تستوى هذه الأوراق على النار، ويتحول لونها إلى اللون البني، يتم فركها يدويا بعد أن تضعها من الموقد".
وأوضح أنه بعد ذلك يتم إعداد القدر بإضافة كمية معينة من المياه المغلية، ثم إضافة الأوراق المحمصة التي تم تحضيرها مسبقا، وتخلط بالزنجبيل ونبتة السذاب ونبات الهال والثوم، التي يتم زراعتها هي الأخرى في مزرعة الاسرة المجاورة للمنزل.
وتكون نتيجة هذا كله شوربة البن بنكهتها ومذاقها المميز، والتي تعرف محليا باسم "شيمو".
ويعتبر سكان منطقة قومية بينش شيكو بإقليم شعوب جنوب إثيوبيا ، شوربة البن دواء لكونه يجهز بالبهارات والتوابل الطبيعية والصحية، ويعالج به مرضى الملاريا والزكام والكحة.
وفي كل صباح تجد أفراد وأسر قومية بينش شيكو يتحلقون لتناول مشروب شيمو، وعادة ما يتم تناوله مع الجيران، الأمر الذي يساعد في توطيد العلاقات وينعكس على التعايش السلمي بالمنطقة.