أوروبا في 2022.. العودة إلى عصر الفحم بشراهة
عاد الدخان يتصاعد بكثافة من فوهات محطات لتوليد الطاقة الكهربائية من الفحم في أوروبا، في مشهد يعود للثورة الصناعية.
وبعد وقف بعضها عن العمل لمدة تزيد على 7 سنوات، عادت العديد من الدول مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا والنمسا وبولندا والمجر والتشيك واليونان والمملكة المتحدة، إلى استخدام الفحم كمصدر لتوليد الكهرباء.
هذه العودة، تأتي مع تراجع إمدادات الغاز الطبيعي الروسي بأكثر من 75% عما كانت عليه في عام 2021، في ردة فعل انتهجتها موسكو ضد البلدان الداعمة لأوكرانيا، خلال الحرب الروسية الأوكرانية المندلعة منذ فبراير/شباط 2022.
ووفق بيانات رسمية صادرة عن المفوضية الأوروبية، يبلغ إجمالي عدد محطات توليد الطاقة الكهربائية العاملة بالفحم في دول التكتل 324 محطة، كانت نصفها أغلق بشكل نهائي بحلول ديسمبر/كانون الأول 2021.
ورغم أن أوروبا كانت تحتفل بالتوجه نحو إغلاق نصف محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في، أو أعلنت عن موعد تقاعدها قبل عام 2030، إلا أن تبعات الحرب في شرق أوروبا، أعادت دول القارة سنوات إلى الخلف.
وينتج الفحم أكبر نسبة من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلوغرام من جميع أنواع الوقود الأحفوري، مما ينتج عنه ضعف كمية الغاز الطبيعي، كما أنه يتسبب في تلوث الهواء عن طريق إطلاق الجسيمات عند الاحتراق.
إلا أن التخلص التدريجي من استخدام الفحم، والذي كان أمرا أساسيا لمعالجة تغير المناخ، أصبح هدفا مؤجلا لعديد من دول التكتل بصدارة ألمانيا وفرنسا، في انتصار لمصالحها الضيقة على حسب التغير المناخي الذي طالما نادى به الغرب.
بالأرقام، تظهر بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، أن عام 2020 شهد انخفاضا قياسيا بنسبة 4.2% في الاستهلاك العالمي للفحم، قبل أن ينمو بنسبة 6.3% في 2021، ويتوقع أن ينمو بنسبة 8% في 2022.
وسجلت ألمانيا، التي كانت تعمل على التخلص التدريجي من الطاقة النووية وتسعى بقوة إلى مصادر الطاقة المتجددة، أكبر زيادة في استهلاك الفحم خلال 2021 مقارنة بالعام السابق، ودخلت نادي أكبر 10 مستهلكين على مستوى العالم.
وتشير التقديرات الرسمية إلى أن استهلاك ألمانيا سيشهد قفزة جديدة في 2022، بعد نمو بنسبة 17.5% في 2021 مقارنة مع 2020، مع إعادة فتح محطات لتوليد الكهرباء من الفحم، اعتبارا من يوليو/تموز الماضي.
وعلى مستوى أوروبا، تشير تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، إلى أن استهلاك الاتحاد الأوروبي من الفحم سيبلغ 490 مليون طن متري، صعودا من 447 مليون طن متري في 2021، و392 مليون طن متري في 2020.
ومع زيادة الطلب الأوروبي على الفحم، بسبب حالات عدم اليقين التي سببتها الحرب الروسية الأوكرانية، فقد تضاعفت أسعاره 8 مرات خلال العام الجاري لتصل إلى أكثر من 400 دولار للطن.
ويتوقع أن حصة الفحم في إنتاج الكهرباء في الاتحاد الأوروبي، والتي بلغت 15% بشكل عام العام الماضي، قد ترتفع إلى أكثر من 24% بحلول نهاية العام.
قبل العقوبات الأوروبية على روسيا، كانت موسكو هي الدولة التي تزود دول الاتحاد الأوروبي بأكبر قدر من الفحم، حيث شكلت حوالي 25% من صادراتها من الفحم.
وكان الاتحاد الأوروبي يعتمد على روسيا في 45% من واردات الفحم و70% من إمدادات الفحم الحراري.
aXA6IDMuMTQyLjE1Ni41OCA= جزيرة ام اند امز