القبة الذهبية الأوروبية.. مشروع طموح مليء بالعقبات

لم يعد امتلاك نظام دفاع صاروخي متكامل متعدد الطبقات خيارًا مؤجلا في أوروبا، بل ضرورة ملحة إذا أرادت القارة حماية نفسها.
وبحسب مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، أظهرت التطورات الأخيرة، لا سيما الحرب في أوكرانيا، مدى الفتك الذي تسببه الصواريخ الباليستية والصواريخ الجوالة، مما يضع أوروبا أمام تحدٍ كبير يفرض عليها تعزيز دفاعاتها الجوية والصاروخية بشكل عاجل.
هذه اليقظة الأمنية تزامنت مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن مشروع "القبة الذهبية لأمريكا"، الذي يهدف إلى بناء منظومة دفاعية متكاملة تحمي البلاد من الهجمات الصاروخية على مراحل متعددة، بدءًا من الكشف المبكر في الفضاء، مرورًا باعتراض الصواريخ في أجواء الأرض، وصولاً إلى مراحل الهبوط النهائي.
وتعتمد هذه المنظومة على دمج أجهزة استشعار فضائية وتقنيات الذكاء الاصطناعي وشبكات رادار متقدمة، لتشكيل درع دفاعي متعدد الطبقات قادر على مواجهة تهديدات متطورة مثل الصواريخ فرط الصوتية والصواريخ الباليستية العابرة للقارات.
ورغم الطموحات الكبيرة، يواجه المشروع تحديات تقنية وإنتاجية كبيرة، إضافة إلى ارتفاع التكاليف التي قد تصل إلى مئات المليارات على مدى عقود.
فجوة كبيرة
أما في أوروبا، فتختلف طبيعة التحديات لكنها لا تقل إلحاحًا. فالدفاع الصاروخي ظل لفترة طويلة مهملًا في سياسات الدفاع الأوروبية، مقارنة بقدرات أخرى مثل الحرب الإلكترونية والطائرات بدون طيار.
والنتيجة هي فجوة كبيرة في قدرة أوروبا على حماية أجوائها من التهديدات الصاروخية، خاصة في مواجهة روسيا التي تمتلك ترسانة صاروخية ضخمة ومتنوعة.
وقد أظهرت تقارير أن حلف شمال الأطلسي "الناتو" يمتلك أقل من 5 في المائة من القدرات اللازمة للدفاع عن أوروبا الشرقية، وهو ما يجعل القارة عرضة لمخاطر كبيرة في حال نشوب صراع واسع النطاق.
على الجانب الهجومي، تمتلك أوروبا عددًا محدودًا من الصواريخ ذات المدى البعيد القادرة على الوصول إلى العمق الروسي، مع اعتماد رئيسي على فرنسا والمملكة المتحدة فقط في هذا المجال.
كما أن مخزونات الأسلحة الحالية غير كافية لحملة طويلة الأمد، مما يزيد من هشاشة القدرات الدفاعية والهجومية الأوروبية.
في مواجهة هذه التحديات، بدأت أوروبا خطوات إيجابية لتعزيز قدراتها، مثل مبادرة "النهج الأوروبي للضربات بعيدة المدى" التي تهدف إلى زيادة الاستقلالية في إنتاج الصواريخ وتنويعها.
بالإضافة إلى إطلاق "الدرع السماوي الأوروبي" الذي يسعى لتطوير منظومات دفاع جوي وصاروخي متكاملة.
كما حددت خطة "إعادة تسليح أوروبا/الجاهزية 2030" الدفاع الجوي والصاروخي كأولوية قصوى، ويتوقع أن تعلن قمة وزراء دفاع "الناتو" القادمة أهدافًا جديدة لتعزيز هذه القدرات.
ولكي تنجح أوروبا في بناء نظام دفاع صاروخي قوي وفعال، يجب أن تتحرك بسرعة وبشكل استراتيجي، عبر تسريع عمليات الشراء، وتعزيز التعاون مع الحلفاء مثل الولايات المتحدة وإسرائيل وكوريا الجنوبية، وضمان مشاركة جميع أعضاء "الناتو" الأوروبيين، بما في ذلك الدول الصغيرة عسكريًا.
كما ينبغي تجنب الأخطاء التي تعيق جهود الولايات المتحدة، مثل غياب التكامل بين طبقات الدفاع المختلفة، والتركيز على بناء نظام مترابط ومتكامل يعتمد على بنية تحتية موحدة للبيانات وشبكات اتصال متطورة.
وبحسب التقرير، تواجه أوروبا أيضًا تحديًا كبيرًا في توسيع قاعدة صناعاتها الدفاعية، خصوصًا في ظل الطلب العالمي المتزايد على مكونات أساسية مثل المستشعرات ومحركات الدفع، مع وجود منافسة شديدة على الطاقة الإنتاجية.
كذلك، من الضروري أن تتمتع منظومات الدفاع الصاروخي بسهولة التنقل، لتجنب أن تصبح أهدافًا سهلة في ظل قدرات الضربات الدقيقة والمراقبة المستمرة التي يمتلكها الخصوم.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjQg
جزيرة ام اند امز