أول امرأة بريطانية تحج في مكة.. قصة تاريخية وقبر استثنائي
يتدفق الزوار المسلمون من جميع أنحاء بريطانيا إلى المرتفعات الشمالية الغربية من اسكتلندا، لزيارة قبر سيدة من العصر الفيكتوري.
هذه السيدة يعتقد على نطاق واسع أنها كانت أول مسلمة بريطانية المولد تؤدي فريضة الحج في مكة المكرمة.
وقال تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إن الزوار المسلمين من جميع أنحاء اسكتلندا يتجهون مع نهاية كل أسبوع لزيارة قبر السيدة الأرستقراطية إيفلين كوبولد.
ورافق معد التقرير مجموعة من 20 شخصًا في رحلتهم مشيًا لمسافة 10 كيلومترات (6.2 ميل) في منطقة وستر روس في جلين كارون، وصولا إلى القبر.
وتأتي هذه الزيارات في إطار مراسم احتفالية نظمتها مؤسسة "المتحولون إلى الإسلام" ( The Convert Muslim Foundation)، وهي مؤسسة خيرية مقرها المملكة المتحدة توفر شبكات دعم للأشخاص الجدد في الإسلام.
قصة إيفلين
ولدت الليدي إيفلين في إدنبرة عام ١٨٦٧، وأمضت طفولتها مقسمة بين اسكتلندا وشمال أفريقيا. إذ أن والدها هو المستكشف “إيرل دونمور السابع” المشهور بكثرة أسفاره إلى دول عديدة مثل الصين وكندا، وشمال أفريقيا، وكانت والدتها وصيفة للملكة فيكتوريا ومولعة بالسفر أيضا معها.
ونتيجة لسفريات والدها الاستكشافية، قضت الليدي إيفيلين معظم طفولتها في شمال أفريقيا خاصة “في الجزائر”، وانخرطت مع الأطفال الجزائريين، ولعبت معهم، وتأثرت بهم، فكانت تهرب من مربيتها وتذهب معهم إلى المساجد، فتعلمت اللغة العربية، وتأثرت روحيا بالصلاة والصيام وروح الإسلام في طفولتها.
وعند زيارة إيفيلين لروما عاصمة إيطاليا في وقت لاحق، التقت بابا الفاتيكان؛ وهو يعلم تلقائيا أنها مسيحية بحكم أنها بريطانية، لكن أراد أن يعرف مذهبها، ففاجأها بسؤال: هل أنت كاثوليكية؟ فأجابته تلقائيا دون تفكير: ” أنا مسلمة”.
وكتبت لاحقًا: "من دون وعي كنت مسلمة صغيرة في الصميم".
في إحدى رحلات والدها، التقت في القاهرة مع رجل الأعمال، جون كوبولد، وكان هذا اللقاء بالقاهرة سببا في زواجها من هذا الشاب.
بعدها، أخذت الليدي إيفلين الاسم العربي زينب وأدت في النهاية مناسك الحج فى مكة في سن الـ65.
وفي حين كان عدد السيارات محدودا في عام 1933، وكان الحجاج يأتون إلى الأراضي المقدسة في مكة والمدينة بوسائل النقل البدائية عن طريق الإبل.
وكانت الليدي إيفيلين أول من حج بالسيارة عام 1933، وكان يرافقها سائق ومرافق لحمايتها، كما استعانت بالمطوف كي يلقنها أركان الحج.
وتحدثت الليدي إيفيلين عن رحلة الحج في مكة، ورؤيتها لمنظر الكعبة المهيب، والطواف، والحجر الأسود في وقت لاحق.
وحاولت زيارة كل الأماكن التي وردت في السيرة النبوية في مكة المكرمة حتى أنها وهي في الخامسة والستين من عمرها، تسلقت "جبل النور” بارتفاع 642 مترا ومنحدر شديد حتى وصلت إلى غار حراء الذي نزل فيه الوحي أول مرة على النبي صلى الله عليه وسلم.
وتوفيت الليدي إيفلين في يناير/كانون ثاني 1963 عن عمر ٩٦ عاما خلال شتاء شديد البرودة ودُفنت على منحدر تل منعزل في عزبة جلين كارون الخاصة بها.
مزار
وبدأت فكرة جعل قبرها مزارا للمسلمين على يد "إيفون ريدلي"، التي تعيش في منطقة الحدود الإسكتلندية، هي واحدة من المسلمين الذين اعتنقوا الإسلام بعد أن أدت تجربتها في العمل كصحفية في أفغانستان وأسرها على يد طالبان عام 2001 إلى اعتناقها الإسلام.
وفي كتابها "في أيدي طالبان"، قالت ريدلي إنها مندهشة من الاحترام والمجاملة التي أظهرها لها رجال طالبان.
وخلال أسرها، وعدت الصحفية بدراسة القرآن وفعلت ذلك بعد إطلاق سراحها. وعلمت ريدلي، عن الليدي إيفلين من سيدة أخرى هى بتول التوما أثناء وجودهما في تركيا.
وقالت "لقد بدأت في قراءة المزيد عن هذه المرأة الإسكتلندية الرائعة، لذلك قررت أنا وبتول أننا سنجمع مجموعة من المتحولين إلى الإسلام ونقوم بزيارة إلى قبرها".
من جهتها، قالت بتول، وهي أحد المعتنقين للإسلام من أيرلندا "منذ أن سمعت عن الليدي إيفلين، كنت مهتمة بقصتها. لقد كانت سيدة رائعة جدًا لم تسمح لنفسها بالتهميش لمجرد كونها امرأة".
aXA6IDMuMTIuMzYuNDUg
جزيرة ام اند امز