معرض في مدريد يبرز تأثير إسبانيا على عالم الموضة عبر التاريخ
ملك إسبانيا فيليبي الثاني (1527-1598) اعتمد اللون الأسود في لباسه وانتشرت هذه الموضة عبر القارة برمتها
يغوص معرض حالي في مدريد في تأثير إسبانيا على عالم الموضة عبر التاريخ، وعودة العلامة الإسبانية إلى الواجهة الآن.
عندما تطرح كلمة "أسود" و"أزياء راقية" يبدر إلى الذهن فورا فستان دار "شانيل" الأسود القصير، لكن إسبانيا هي بالفعل من جعلت هذا اللون رائجا وباتت تتبناه مجددا بدفع من جيل المصممين الشباب.
ويقول راوول مارينا، مفوض معرض "مودوس: على الطريقة الإسبانية" الذي يستمر حتى الـ3 من مارس/آذار المقبل "تمر إسبانيا بمرحلة مهمة جدا مع مصممين مثل بالومو سباين ولياندرو كانو ومانيه مانيه يعيدون إلى إسبانيا مكانتها في مجال الموضة".
ويضيف "يحدث المصممون الشباب حركة وضجة من خلال بصمة إسبانية 100%". ويتجلى ذلك خصوصا من خلال استخدام اللون الأسود.
على مدى قرون لم يكن اللون الأسود يلبس كثيرا، فالصباغ في الماضي لم يكن يصمد طويلا ويتحول سريعا إلى اللون الرمادي أو البني، لكن مع غزو الإسبان للقارة الأمريكية اكتشفوا في القرن الـ11 شجرة البقم.
فخشب هذه الشجرة التي كانت منتشرة فيما صار يعرف بالمكسيك يسمح بالتوصل إلى صباغ أسود كثيف ودائم.
واعتمد ملك إسبانيا فيليبي الثاني (1527-1598) الذي كان على رأس قوة أوروبية عظمى، سريعا اللون الأسود في لباسه، وانتشرت هذه الموضة عبر القارة برمتها.
وكتبت أماليا ديسكالسو، الخبيرة في تاريخ الموضة، في كتيب المعرض تقول إن أذواق سلاسة هابسبورج التي كان ينتمي إليها فيليبي الثاني "كانت مرجعا لنظيراتها الأوروبية تماما مثل ملابسه السوداء الصارمة التي استحالت رمزا للأناقة المطلقة".
وتدريجياً تلاشى رابط اللون الأسود مع إسبانيا، لكن رابطه مع الأناقة تواصل، والدليل على ذلك "الفستان الأسود القصير" من تصميم كوكو شانيل في العشرينيات أو تصاميم الإسبانيين كريستوبال بالنسياجا (1895-1972) وماريانو فورتوني (1871-1949).
في القرن الـ16 استحدثت إسبانيا إلى جانب الأسود ما يعرف بـ"التنورة المقببة" التي توضع تحت الفستان لإعطائه نطاقا أكبر، ولاقى هذا التصميم كذلك نجاحاً كبيراً في أوروبا، يضاف إلى ذلك "جواردا إينفانته" أو القفص، وهو كناية عن تنورة توضع تحت الملابس وتتسم بأرداف واسعة.
ويقول راوول مارينا "كان يقال إن هذا التصميم يخفي الحمل". ويتجلى تأثير هذا التصميم الأخير في الملابس المخملية على شكل جرس للمصمم المعاصر خوانخو أوليفا الواردة في المعرض.
وأثر اثنان من أكبر التقاليد الإسبانية على الأزياء الراقية أيضا، وهما الفلامنكو ومصارعة الثيران، فثمة سترة من تصميم دار "جيفانشي" مصنوعة من المخمل الأسود المطرز بالأحمر مستوحاة من ملابس مصارعي الثيران، وعلى فستان أسود من تصميم "لانفان" مع ثنيات كثيرة ودوائر سكرية اللون، يبرز تأثير ملابس الفلامنكو في هذا التصميم.
ويوضح راوول مارينا "غالبا ما يقال إنه على الصعيد العالمي تأثر المصممون الأجانب بكل ما هو إسباني، وهم يفتخرون بذلك أكثر منا"، لكنه يضيف أن الوضع يتغير الآن مع عودة رموز موروثة من التقاليد والديانة.
واختار بالومو سباين إلباس بيونسه في يوليو/تموز 2017، في أول جلسة تصوير مع طفليها التوأم، معطفا مطبعا بزهور فاقعة الألوان، ووشاح عروس أزرق لازوردي على امتداد الجسم.
وتقول مستشارة الموضة مارتا بلاندو إن الوسط "يشهد يقظة في حين كان كل شيء إسباني حتى فترة قصيرة يذكر بفرانكو"، لكن هذا الشعور يتلاشى بعد 43 عاما على وفاة الديكتاتور الإسباني.
وتؤكد "يمكن للياندرو كانو أن يستوحي من مصارعة الثيران ومن التقاليد الدينية دون أن ينعت بأنه فاشي".
وتشير إلى أن المستهلكين الإسبان عادوا ليشعروا بـ"الفخر" حيال بلدهم، فنجاحات إسبانيا الكثيرة في مجال فن الطبخ مع فيران إدريا، والرياضة مع رافايل نادال، ومنتخب كرة القدم وصناعة الألبسة مع "زارا"، تسهل هذا الشعور برأيها.
وتختم قائلة "فيران أدريا خلصنا من عقدنا والأمر نفسه يحصل على صعيد الموضة".