اليوم الخامس للحرب.. تصعيد ميداني بانتظار محادثات بيلاروسيا و"تحول تاريخي" للناتو
دخلت الحرب الروسية الأوكرانية يومها الخامس، وسط تصعيد عسكري من موسكو تقابله مقاومة شديدة من كييف في ظل الدعم الغربي بالأسلحة من جانب، وفرض عزلة دولية على روسيا من جانب آخر عبر العقوبات القاسية.
وزادت عزلة روسيا على الصعيدين السياسي والاقتصادي، اليوم الإثنين، في الوقت الذي تواجه فيه قواتها مقاومة شديدة في العاصمة الأوكرانية وغيرها من المدن للتصدي لأكبر هجوم على دولة أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية.
ويتواصل الهجوم الروسي على أوكرانيا التي تقاوم بشراسة، الإثنين، غداة تلويح فلاديمير بوتين بالتهديد النووي الذي واجهه الأوروبيون بالتعهد إرسال أسلحة إلى كييف، في وقت بدأت فيه محادثات بين موسكو وكييف في بيلاروسيا.
وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيجري الإثنين مباحثات هاتفية مع حلفائه من دون أن يحدد هويتهم عند الساعة 16,15 بتوقيت غرينتش بغية "التنسيق لرد موحد" في وجه "مستجدات" الهجوم الروسي.
وكان بوتين الذي تصطدم قواته على الأرض بمقاومة الأوكرانيين وتعبئة الدول الغربية، أمر الأحد "بوضع قوات الردع التابعة للجيش الروسي في حالة تأهب خاصة"، الأمر الذي يشمل القوات النووية عازيا هذا القرار إلى "التصريحات المعادية الصادرة عن حلف شمال الأطلسي" و العقوبات "غير المشروعة" المفروضة على روسيا.
وسرعان ما نددت الولايات المتحدة بتصعيد "غير مقبول" متهمة بوتين بـ"فبركة تهديدات غير موجودة بهدف مواصلة العدوان". واعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج أن سلوك موسكو "غير مسؤول".
الاتحاد الأوروبي يسلح أوكرانيا
وردا على ذلك، أعلن الاتحاد الأوروبي تخصيص 450 مليون يورو لتمويل إرسال أسلحة إلى أوكرانيا وحظر وسيلتي الإعلام الروسيتين "أر تي" و"سبوتنيك" في أوروبا وإغلاق مجاله الجوي أمام كل الطائرات الروسية وهو قرار اتخذته كندا أيضا.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين "للمرة الأولى سيمول الاتحاد الأوروبي عمليات شراء وتسليم أسلحة وتجهيزات أخرى إلى بلد يقع ضحية حرب، هذه نقطة تحول تاريخية".
وفي تطور رئيسي قد يكون مصدر تصعيد محتمل مع موسكو التي هددت أي دولة تساعد أوكرانيا، أعلن الاتحاد الأوروبي مساء الأحد نيته تزويد القوات الأوكرانية طائرات مقاتلة.
ورحب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بتشكيل "ائتلاف دولي مناهض للحرب" دعما لبلاده ودعا الأجانب إلى مواجهة "مجرمي الحرب الروس في إطار "لواء دولي" في طور التشكيل.
المستجدات الميدانية
على الأرض، أكد الجيش الأوكراني صباح الاثنين أن القوات الروسية حاولت "مرات عدة" مهاجمة مشارف كييف خلال الليل إلا أن كل الهجمات صدت.
وأكد الجيش عبر "فيسبوك" أن "الوضع في عاصمة بلدنا تحت السيطرة".
واستهدفت المدينة التي كانت خاضعة لحظر تجول حتى الساعة الثامنة بالتوقيت المحلي (الساعة السادسة ت غ) من يوم الاثنين، خلال الليل أيضا بإطلاق ثلاثة صواريخ دمر أحدها على ما أوضح مستشار الرئيس الأوكراني أوليكسي أريتوفيتش.
وأكد المسؤول نفسه في شريط مصور نشره عبر تليجرام ليل الأحد الإثنين أن مدينة برديانسك في الجنوب والبالغ عدد سكانها 110 آلاف نسمة، بات في المقابل "محتلة من قبل العدو".
خاركيف.. ثاني أكبر المدن الأوكرانية
وأشارت وسائل إعلام أوكرانية إلى سماع دوي انفجارات قوية ليلا في خاركيف ثاني مدن البلاد في الشمال الشرق التي أعلنت القوات الأوكرانية أنها استعادت السيطرة عليها بعد خول مدرعات روسية إليها ليلا.
من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية انها طوقت مدينة خيرسون الواقعة في الجنوب والبالغ عدد سكانها 290 ألف نسمة.
وأقر الجيش الروسي للمرة الأولى الأحد بخسائر بشرية في صفوفه، لكنه لم يدل بأرقام محددة.
أوكرانيا "لن تستسلم"
وأعلنت رئاسة أوكرانيا أنها قبلت إجراء مفاوضات مع روسيا عند حدود بيلاروس قرب مدينة تشرنوبيل الأوكرانية. وكانت روسيا قالت إنها ستباشر الأحد.
ونبه وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا إلى أن بلاده "لن تستسلم" في مواجهة موسكو فيما قال الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقطع مصور "لا أعول كثيرا على تحقيق نتيجة" ولكن "علينا أن نحاول".
واستمر تدفق اللاجئين الهاربين من أوكرانيا في حين اتهمت كييف موسكو أمام محكمة العدل الدولية بالتخطيط لإبادة في أوكرانيا.
ومنذ الخميس فر نحو 368 ألف شخص إلى دول الجوار و"يستمر عددهم بالارتفاع" بحسب مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.
وستطرح فرنسا، اليوم الإثنين، أمام مجلس الأمن مشروع قرار حول المساعدة الإنسانية في أوكرانيا.
عقوبات غير مسبوقة
وتوصف العقوبات التي فرضها الغرب على الأصعدة السياسية والاستراتيجية والاقتصادية وأخرى متعلقة بالشركات بأنها لم يسبق لها مثيل في نطاقها وتنسيقها.
وانخفضت العملة الروسية الروبل بنحو 30 في المئة إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق مقابل الدولار بعد أن كشفت الدول الغربية يوم السبت عن عقوبات صارمة تشمل منع البنوك الروسية من نظام سويفت المالي العالمي.
وقال البنك المركزي الأوروبي إن فروعا أوروبية تابعة لبنك سبيربنك الروسي الذي تملك الحكومة الروسية غالبية الأسهم فيه تواجه الفشل أو ستفشل على الأرجح بسبب الضرر الذي لحق بسمعتها جراء الحرب على أوكرانيا.
وسارع البنك المركزي الروسي لاحتواء تداعيات العقوبات الموسعة وقال إنه سيستأنف شراء الذهب في السوق المحلية ويخفف القيود على المراكز المفتوحة للعملات الأجنبية لدى البنوك.
وقالت اليابان إن الدول الغربية طلبت منها الانضمام إلى إجراءات تمنع روسيا من استخدام نظام سويفت المالي العالمي وإنها تدرس أيضا فرض عقوبات على بعض الأفراد في روسيا البيضاء التي كانت منطقة انطلاق رئيسية للغزو الروسي.
من جهة أخرى، ارتفع سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط أكثر من ستة في المئة الاثنين بينما ارتفع سعر برميل برنت أكثر من خمسة في المئة.
مقاطعة رياضية
واتخذت إجراءات كثيرة على صعيد الرياضة لمقاطعة روسيا. ففرض الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) على روسيا أن تخوض مبارياتها تحت راية محايدة، ولعب مبارياتها البيتية خارج قواعدها، عقب غزوها أوكرانيا.
والاثنين تجتمع الدول الـ193 الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة في إطار "جلسة استثنائية طارئة" لإصدار موقف حول النزاع الذي أسفر منذ الخميس بحسب كييف، عن سقوط نحو 200 قتيل مدني وعشرات العسكريين.