إضرابات وإصابات وقوة مفرطة.. الوجه الأسود لاحتجاجات فرنسا
ما زالت الاحتجاجات المناهضة لقانون التقاعد الجديد، تلقي بظلالها على الساحة السياسية الفرنسية.
الاحتجاجات التي شهدت اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الشرطة أسفرت عن إصابة نحو 1100 من عناصر الشرطة ورجال الإطفاء بحسب ما أعلنه وزير الداخلية الفرنسي، اليوم الأحد.
وقال دارمانين لصحيفة "لو جورنال دو ديمانش" الفرنسية إن 1093 من أفراد عناصر الشرطة والإطفاء أصيبوا منذ اندلاع الاحتجاجات في مارس/آذار الماضي، مضيفا أنه وقعت 2579 حادثة حرق متعمد و316 هجوما على مبان عامة.
ورغم أن دارمانين لم يقدم أرقاما للمتظاهرين المصابين، إلى أنه قال إن 36 ضابطا يخضعون للتحقيق للاشتباه في استخدامهم القوة المفرطة.
ورفض دارمانين الاتهامات بأن الشرطة كانت عدوانية في تعاملها مع المتظاهرين وأنها استخدمت القوة بشكل غير متناسب، معتبرا أن "الحق في التظاهر لا يشمل الحق في استخدام العنف".
فرنسا شهدت 10 أيام احتجاجية دعت لها النقابات والاتحاد العمالية بعد دفع الرئيس إيمانويل ماكرون والحكومة بخطط لزيادة سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما، فيما ترفض الحكومة تقديم تنازلات كبيرة بشأن الإصلاحات، لتهدئة الشارع.
إضرابات مستمرة
يأتي ذلك فيما يواصل مراقبو الملاحة الجوية في فرنسا إضرابهم عن العمل احتجاجا على قانون التقاعد الجديد.
وأثر الإضراب أمس السبت على الرحلات في مطاري بوردو وتولوز، جنوب غربي البلاد.
وطلبت المديرية العامة للطيران المدني من شركات النقل الجوي إلغاء نحو 20% من رحلاتها، كما طلبت المديرية من الشركات إلغاء نحو 25 %من الرحلات المقررة اليوم الأحد بمطارات باريس أورلي، وبوردو، وتولوز، ونانت.
ويدعم المراقبون المضربون طلبات المتظاهرين بإسقاط قانون التقاعد الجديد المثير للجدل.
كما يواجه الفرنسيون أزمة نقص الوقود في المحطات، خاصة في منطقة "إيل دو فرانس" شمال وسط فرنسا، نتيجة إضراب العاملين في المصافي ومستودعات النفط ضد قانون إصلاح نظام التقاعد، وهو الأمر الذي ينذر بعودة طوابير طويلة من الانتظار أمام محطات الوقود.
وفي خطوة غير مسبوقة، دعا الرئيس الفرنسي قطاعات الاقتصاد لخفض استهلاك المياه بنسبة 10% وذلك خلال عرض خطة "الاعتدال" أمام الخزان المائي لبلدية سافين لولاك لمواجهة ارتفاع أسعار الاستهلاك.
ماكرون أشار إلى ضرورة تطبيق ترشيد غير مسبوق لسياسة استهلاك المياه في فرنسا، وقال "أود تحديد هدف لبلدنا.. بحلول عام 2030، تقليل استهلاك المياه بنسبة 10% في كل القطاعات".
الأزمات طالت أيضا صائدي الأسماك احتجاجا على ما وصفوه بموت الصناعة، حيث أضربوا عن العمل غضبا من التعديلات الجديدة في قانون العمل.
ويطالب الصيادون برفع الحظر المفروض على الصيد في قاع البحار في المناطق البحرية المحمية حتى 2030، كما ينتقدون قرار مجلس الدولة الفرنسي الذي فرض إغلاق بعض مناطق الصيد في المحيط الأطلسي خلال ستة أشهر من أجل الحفاظ على الدلافين.
تعنت حكومي
وتعيش فرنسا على وقع احتجاجات ومظاهرات نقابية ضد قانون رفع سن التقاعد، في عدد من المدن الفرنسية؛ وعلى رأسها العاصمة باريس، كما تتواصل الإضرابات التي شملت قطاع السياحة والقطاعات العمالية والتعليمية كافة.
وكانت الحكومة الفرنسية قد رفضت في وقت سابق ، مطلبا نقابيا جديدا لإعادة النظر في مشروع القانون، الذي يمد سن تقاعد عامين ليصل إلى 64 عاما، مما أثار حفيظة قادة العمال الذين طالبوا الحكومة بإيجاد سبيل للخروج من هذه الأزمة.
وقالت الحكومة إنها مستعدة للتحدث إلى النقابات، ولكن بشأن مسائل أخرى، وشددت على تمسكها بموقفها من قانون التقاعد.
وخرج ملايين المتظاهرين في احتجاجات وانضموا لموجة الإضرابات التي بدأت في منتصف يناير/كانون الثاني الماضي للاعتراض على مشروع القانون.
وتفاقمت حدة الاحتجاجات بعد أن استخدمت الحكومة سلطات دستورية خاصة لتمرر مشروع القانون من خلال البرلمان بدون تصويت.
ماكرون، الذي تعهد بإصلاح نظام التقاعد في حملتيه للانتخابات الرئاسية، قال إن مشروع قانون سن التقاعد ضروري حتى لا تفلس البلاد، فيما ترى النقابات وأحزاب المعارضة أن هناك سبلا أخرى لتحقيق هذا الهدف.
وما بين الموقفين الرافض للنظام الجديد والحكومة التي تتبناه، شهدت فرنسا واحدة من أسوأ أعمال العنف في شوارعها منذ سنوات مما أعاد إلى الأذهان مشاهد اضطرابات وقعت خلال احتجاجات السترات الصفراء في أثناء فترة ولاية ماكرون الأولى.
واشنطن تتخلى عن ماكرون
وفي خطوة وصفها مراقبون بأنها خطوة للخلف من ماكرون، علق البيت الأبيض على الاحتجاجات التي تشهدها فرنسا، معربا عن تأييد الولايات المتحدة لـ"الحق في الاحتجاج السلمي".
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي للصحفيين، يوم الخميس الماضي: "نؤيد حق الناس في الاحتجاج والتعبير عن آرائهم والتظاهر سلميا مثلما نؤيده في أي مكان آخر".