من أبوظبي لموسكو.. حوار خليجي روسي يعزز الشراكة والتعاون
اجتماع وزاري خليجي روسي في موسكو،الإثنين، هو السادس ضمن سلسلة جولات الحوار الاستراتيجي، الهادفة لتعزيز التعاون والشراكة بين الجانبين.
الاجتماع الذي شارك فيه وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي وممثلوهم ونظيرهم الروسي سيرجي لافروف يكتسب أهمية خاصة لأكثر من سبب، أبرزها أنه يأتي بالتزامن مع مرور أكثر من 500 يوم على بدء الأزمة الأوكرانية، وسط جهود خليجية تقودها السعودية والإمارات للدفع بحل سياسي للأزمة.
وقبل 4 شهور، نجحت جهود دولة الإمارات في فبراير/ شباط الماضي في إتمام صفقة تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا تم بموجبها عودة 63 أسير حرب "من الفئة الحساسة" إلى روسيا، مقابل استعادة أوكرانيا 116 أسيرا.
أيضا يكتسب هذا الاجتماع أهمية خاصة كونه يأتي بعد نحو عام من الحوار الاستراتيجي الخامس في الرياض الذي عقد بعد نحو 6 أعوام من الاجتماع الرابع الذي عقد في موسكو عام 2016، الأمر الذي يؤشر إلى عودة دورية الاجتماعات السنوية بين الجانبين بشكل منتظم، حرصا من الجانبين على تعزيز الشراكة الاستراتيجية التي تجمعهما، وتعزيز التعاون بينهما.
كذلك يكتسب هذا الاجتماع أهمية خاصة، كونه يأتي بعد نحو شهر من زيارة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى روسيا في 16 يونيو/ حزيران الماضي، وعقده قمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد خلالها نهج دولة الإمارات الثابت في دعم السلام والاستقرار على الساحتين الإقليمية والدولية والحلول السياسية للنزاعات والصراعات بما في ذلك الأزمة الأوكرانية من خلال خفض التصعيد والحوار والدبلوماسية، منوهاً بأهمية تكثيف الجهود لتخفيف التداعيات الإنسانية للأزمة، ودعم مبادرات تبادل الأسرى للطرفين.
وأكد خلال اللقاء حرص دولة الإمارات على بناء جسور التعاون وإقامة الشراكات مع جمهورية روسيا الاتحادية ومختلف دول العالم بما يعزز المصالح المشتركة ويحقق التنمية والازدهار للجميع.
جسور وشراكات حرصت الإمارات على القيام بدور بارز في إقامتها بين دول الخليج وروسيا .
ويأتي عقد الاجتماع الوزاري المشترك السادس للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية وروسيا، في العاصمة الروسية موسكو اليوم الاثنين، ضمن سلسلة اجتماعات للحوار الاستراتيجي بين الجانبين، انطلق أولها في العاصمة الإماراتية أبوظبي في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2011.
وتم خلال اجتماع أبوظبي التوقيع على مذكرة تفاهم تنظم آليات الحوار الاستراتيجي بين الجانبين ووضع قواعد وأسس لتعاون خليجي روسي مستدام في مختلف الجوانب يعزز أمن واستقرار وازدهار دول المنطقة والعالم.
وما بين الاجتماع الأول والسادس، عقدت 4 اجتماعات للحوار الاستراتيجي، الثاني في الرياض في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، والثالث في الكويت فبراير/ شباط 2014، والرابع في العاصمة الروسية موسكو مايو/ أيار 2016، والخامس في الرياض يونيو/ حزيران 2022.
رسائل هامة
وأكد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية العماني، الذي ترأس ( كون بلاده رئيس الدورة الحالية لمجلس التعاون الخليجي) إلى جانب نظيره الروسي سيرجي لافروف، الاجتماع، أهمية الاجتماع في تعميق التفاهم المشترك بين الجانبين الخليجي والروسي حول العديد من الاهتمامات المشتركة وفي تعزيز علاقات التعاون في كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية وقضايا المناخ والطاقة المتجددة وغيرها من المجالات ذات الاهتمام المشترك، موضحا أن الصراع المتصل بأوكرانيا له تداعيات على الأمن والسلم الدوليين.
وأكد أن مجلس التعاون الخليجي يؤمن بأهمية التوجه نحو حل سلمي، ويؤكد أهمية تحكيم لغة الحوار ومعايير القانون الدولي وحل النزاع بين جميع الأطراف بالوسائل السلمية وعلى أساس احترام مبادئ حسن الجوار وسيادة الدول واستقلالها.
وشهد اجتماع اليوم توجيه رسائل هامة سواء على صعيد التعاون والشراكة بين الجانبين، أو على صعيد القضايا الإقليمية والدولية.
وأعرب عن التزام دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بدعم كافة الجهود الرامية إلى تحقيق المصالحة والسلام، وتوسيع جميع الجسور الدبلوماسية وتعزيز التواصل والحوار بين الأطراف المعنية، حتى يتحقق السلام ويعم الأمن والاستقرار والرخاء، تلبية لآمال وطموحات الشعبين وسائر الشعوب في المنطقة.
وقال إن "التطورات السياسية والاقتصادية في منطقة الخليج ترتكز على احترامنا الثابت لسيادة الدول وسيادة القانون، مع تبني قيم حسن الجوار والحوار الإيجابي البنَّاء والانفتاح على الشراكة والكسب المشترك، وجميع تلك المرتكزات هي بلا شك من العوامل الرئيسية والضرورية لمواصلة النمو الاقتصادي والازدهار للجميع".
من جهته، قال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، إن العلاقات بين روسيا ودول الخليج قائمة على أساس الصداقة والشراكة والاحترام المتبادل، مضيفا "لا نسعى من خلال تحالفاتنا إلى تهديد أي دولة".
لافروف قال أيضا خلال الاجتماع إن "الحوار الاستراتيجي بين روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي بحث التوصل إلى حل سلمي للأزمة في اليمن".
وأضاف أن "موقفنا موحد مع دول الخليج تجاه وحدة سوريا وسيادتها على أراضيها"، كما رحب بتطوير العلاقات بين إيران والدول العربية.
وحول ملف السودان، قال لافروف: "نحن قلقون تجاه استمرار أعمال العنف في السودان وسقوط ضحايا".
وزير الخارجية الروسي قال أيضا إن "روسيا تتفق مع دول الخليج على أهمية تسريع حل القضية الفلسطينية".
وكشف لافروف في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع، عن نمو التبادل التجاري بين روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي إلى مستوى 11 مليار دولار عام 2022، على الرغم من الصعوبات الجيوسياسية.
وأكد لافروف أن العلاقات بين روسيا دول الخليج مبنية على أساس الاحترام، حيث أعرب عن استعداد بلاده لتلبية الطلب الإضافي للدول العربية على الحبوب، مشددا على عدم وجود أي عقبات أمام ذلك.
بدوره ، أعرب أمين عام التعاون الخليجي جاسم البديوي عن تطلع دول مجلس التعاون دائما للحوار مع روسيا وتعزيز العلاقات معها.
وأشار إلى أن خطة العمل المشترك مع روسيا تشكل حجر زاوية للعلاقات الثنائية، مضيفا: "نقف على مسافة واحدة من كل شركائنا الدوليين".
وتناول الاجتماع استعراض العلاقات الثنائية بين دول المجلس وروسيا الاتحادية، وسبل دعم وتعزيز التعاون المشترك في مختلف القطاعات التي تهم الجانبين، لا سيما الاقتصادية والاستثمارية والتجارية والسياحية، كما تم تبادل الرؤى حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها القضية الفلسطينية ومستجدات الأزمات في سوريا واليمن والسودان.
جولات الحوار الاستراتيجي
وقبيل اجتماع اليوم، عقدت 5 جولات للحوار الاستراتيجي بين الجانبين، حيث عُقد الاجتماع الوزاري المشترك الأول للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون وروسيا الاتحادية، في أبوظبي في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، وتم فيه التوقيع على مذكرة تفاهم تنظم آليات الحوار الاستراتيجي بينهما.
وترأس الاجتماع من جانب مجلس التعاون الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي، ومن الجانب الروسي نظيره الروسي سيرجي لافروف.
وأكد الجانبان في ختام الاجتماع التزامهما بتعزيز النظام العالمي القائم على مبادئ التعددية والالتزام بأحكام ميثاق الأمم المتحدة وغيرها من مبادئ ومعايير الشرعية الدولية والالتزامات الدولية واحترام الحقوق والمصالح المشروعة والسيادة الوطنية لجميع الدول.
كما أكد الجانبان أن العلاقات بين دول المنطقة يجب أن تكون مبنية على حسن الجوار والاحترام الكامل لسيادة الدول، واستقلالها، وسلامة أراضيها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
وشددا على أهمية الالتزام بمبادئ الشرعية الدولية، وحل النزاعات بالطرق السلمية، وجعل منطقة الشرق الأوسط، بما فيها منطقة الخليج، خالية مــن أسلحة الدمار الشامل ووسائل نقلها.
وعقد الاجتماع الثاني في الرياض 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 وتصدر أجندته بحث الأزمة السورية وتطوراتها.
وفي 19 فبراير/شباط 2014، استضافت الكويت الاجتماع الوزاري المشترك الثالث للحوار الاستراتيجي بين الجانبين، وتعهد المشاركون في الاجتماع بتعزيز العلاقات الثنائية على كافة الأصعدة بما فيها التجارية والاقتصادية ودعم كافة الآليات التي من شأنها تعزيز العلاقات وضمان استدامتها.
وفي 26 مايو/أيار 2016، عقد الاجتماع الوزاري المشترك الرابع للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون الخليجي وروسيا الاتحادية، في العاصمة الروسية موسكو.
وتم خلال للاجتماع الاتفاق على استمرار التعاون في مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتعزيز التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، كما تم خلاله الاتفاق على مكافحة الإرهاب والعمل معاً لمنع ودحر الأعمال الإرهابية، من خلال التعاون الدولي.
تم أيضا خلال الاجتماع الاتفاق على تفعيل وتطوير الحوار السياسي حول القضايا الإقليمية والدولية الملحة، ومواصلة الاتصالات المنتظمة بين وزراء الخارجية، بالإضافة إلى المشاورات بين وزارات الخارجية لتحقيق ذلك.
وفي مطلع يونيو/ حزيران 2022، استضافت العاصمة السعودية الرياض، الاجتماع الوزاري المشترك الخامس للحوار الاستراتيجي الخليجي الروسي.
وجرى خلال الاجتماع، استعراض العلاقات الخليجية-الروسية وأبرز الموضوعات ذات الاهتمام المشترك على الساحتين الإقليمية والدولية وسبل خدمة المصالح المشتركة.
وعقب الاجتماع، أكد المجلس الوزاري الخليجي دعمه لجهود الوساطة لحل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، ووقف إطلاق النار، وحل الأزمة سياسياً، وتغليب لغة الحوار، وتسوية النزاع من خلال المفاوضات.