مساع لكسر جمود مفاوضات وقف النار بغزة.. وهذه المقترحات على الطاولة
رغم العثرات التي وقفت حائلا دون التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، فإن واشنطن ما زال لديها أمل بإمكانية إقناع حماس وإسرائيل بالمضي قدمًا في المفاوضات.
ويعمل المسؤولون الأمريكيون المشاركون في محادثات وقف إطلاق النار في غزة مع مفاوضين آخرين لوضع استراتيجيات جديدة لإقناع إسرائيل وحماس بالموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار، بحسب صحيفة «بوليتيكو» الأمريكية.
وقال خمسة مسؤولين مطلعين على المخططات، إن الأفكار تراوحت بين السماح لزعيم حماس يحيى السنوار بالمرور الآمن خارج غزة، ومنح منظمات حقوق الإنسان إمكانية الوصول إلى سجناء إسرائيل، إلى الحد من عدد القوات الإسرائيلية على طول الحدود المصرية.
وتناقش الولايات المتحدة هذه المقترحات مع إسرائيل ومصر وقطر على أمل دفع إسرائيل أو حماس - أو كلتيهما - إلى المضي قدماً في التوصل إلى اتفاق، بحسب الصحيفة الأمريكية.
لكن المسؤولين الأمريكيين غير مقتنعين بأن أياً من هذه الخيارات سوف تكسر الجمود، فقد أصبحوا يشعرون بالإحباط على نحو متزايد إزاء «حماس»، تقول «بوليتيكو»، مشيرة إلى أن المسؤولين يتحركون الآن لشن حملة ضغط لإقناعها بقبول الشروط التي طرحتها في السابق وتقليص مطالبها بالإفراج عن السجناء من إسرائيل.
وفقاً لاثنين من المسؤولين الأمريكيين واثنين آخرين من المسؤولين الإسرائيليين، فإن المحادثات في الأيام الأخيرة كانت واسعة النطاق، وشملت مقترحات من أطراف مختلفة، بما في ذلك إسرائيل.
وأشاروا إلى أن حقيقة أن مجموعة التفاوض اضطرت إلى العودة إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى نسخة أخرى من الاتفاق تثير تساؤلات حول ما إذا كان الاتفاق الأكبر الذي طرحه الرئيس جو بايدن في مايو/أيار - والذي يتضمن ثلاث مراحل منفصلة - قابلاً للتحقيق في الأمد القريب.
ولقد توقفت محادثات وقف إطلاق النار منذ أن قتلت حماس ستة رهائن في 31 أغسطس/آب، مما أجبر الولايات المتحدة على إعادة النظر في اقتراح طرحته في وقت سابق من هذا الصيف ــ وهو الاقتراح الذي أشادت به باعتباره وسيلة محتملة لإبرام الصفقة.
وقد أضافت إسرائيل وحماس مطالب جديدة إلى الاتفاق في الشهر الماضي، ومع تصاعد التوترات في أعقاب مقتل الرهائن، لم ير المسؤولون الأمريكيون أي مؤشر على استعداد أي من الجانبين للتنازل.
وقال مسؤولان أمريكيان وآخران إسرائيليان وخامس من الشرق الأوسط لـ«بوليتيكو»، إن المحادثات في الأيام الأخيرة كانت واسعة النطاق، وشملت مقترحات من أطراف مختلفة، بما في ذلك إسرائيل.
وفي إفادة صحفية، يوم الخميس، قالت وزارة الدفاع الأمريكية، إن (البنتاغون) لا يعتقد أن جهود التوصل لوقف إطلاق النار في غزة تنهار، مؤكدة أن الوزير لويد أوستن وجه رسالة لإسرائيل مفادها: ضرورة تهدئة التوتر في الشرق الأوسط.
رسالة توازت مع أخرى، وجهتها الخارجية الأمريكية، قائلة إن الولايات المتحدة ملتزمة بالدفاع عن إسرائيل ضد حزب الله ووكلاء إيران الآخرين، في تحذير لما يعرف بـ«محور المقاومة» من أي رد انتقامي على الدولة العبرية.
رسائل جاءت في الوقت الذي قالت فيه الخارجية الأمريكية، إنها «تعمل على اقتراح منقح للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار (..) اقتراح يمكن أن يدفع الأطراف إلى اتفاق نهائي».
ويأمل المسؤولون الأمريكيون أن تساعد المفاوضات في الأيام المقبلة في دفع الجانبين إلى الاقتراب من «نعم».
وفي مقابلة أجريت معه الأسبوع الماضي، قال السيناتور كريس كونز (ديمقراطي من ولاية ديلاوير) في إشارة إلى الاتفاق: «لقد تأخر الأمر شهورًا. لقد استمر الصراع المستمر لفترة أطول مما ينبغي، لذا فأنا أعلم أن قدرًا هائلاً من الجهد يُبذل للتوصل إلى اتفاق نهائي. سأصدق ذلك عندما يحدث بالفعل. أنا متفائل بإمكانية حدوث ذلك».
ولا يزال المفاوضون يعملون على المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي للصحفيين: «كنا نجري مناقشات نشطة، عن بعد بالطبع هذا الأسبوع، طوال الأسبوع، لمعرفة ما إذا كنا لا نستطيع إيجاد طريقة للمضي قدمًا».
وكان الاقتراح الأمريكي الأصلي - الذي قدم إلى إسرائيل وحماس في بداية أغسطس/آب الماضي- متوافقًا مع الصفقة الأوسع المكونة من ثلاث مراحل والتي أعلن عنها بايدن في مايو/أيار الماضي.
ورفض المسؤولون الأمريكيون تفصيل هذا الاقتراح للصحفيين، لكن المسؤولين الإسرائيليين وصفوه بأنه يتضمن معلومات حول وجود قوات الدفاع الإسرائيلية في محور فيلادلفيا على المدى القصير والطويل، وتبادل الأسرى والرهائن.
نقاط الخلاف
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن حماس وإسرائيل على خلاف بشأن هاتين القضيتين؛ فإسرائيل تريد الاحتفاظ بقوة داخل ممر فيلادلفيا ـ وهي منطقة منزوعة السلاح على طول الحدود بين غزة ومصر. ولم توافق حماس على هذه الشروط.
فضلاً عن ذلك، فقد رفعت حماس بشكل كبير عدد السجناء المحكوم عليهم بالسجن المؤبد الذين تريد إطلاق سراحهم من السجناء الإسرائيليين. ويصر المسؤولون الإسرائيليون على أن مطلب حماس غير واقعي ويتعارض مع الشروط التي وافقت عليها في يوليو/تموز.
كما تردد الطرفان في تصنيف الرهائن؛ فحماس تصنف جميع الرهائن الإسرائيليين الذكور على أنهم جنود ــ حتى وإن كان بعضهم مدنيين أو مسنين ــ وترفض إطلاق سراحهم في عملية تبادل أولية.
ولقد ترك الموقف المتوتر إدارة بايدن مع خيارات قليلة، وأصبح المسؤولون يشعرون بالإحباط بشكل متزايد إزاء التغييرات في المطالب من كلا الجانبين.
وعلاوة على ذلك، يقول المسؤولون الأمريكيون إن الجانبين وافقا على ما يقرب من 90% من الصفقة - وهي الشروط التي من شأنها أن تسمح بزيادة كبيرة في المساعدات الإنسانية للقطاع.
وقال مسؤولون إسرائيليون لمسؤولين أمريكيين كبار في الأيام الأخيرة إنهم بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود للضغط على حماس من خلال انتقاد قيادتها لتغيير شروط الاتفاق الذي وافقت عليه سابقا.
وبحسب «بوليتيكو»، فإن هذه الصفقة أكبر من معظم الاتفاقات السابقة، فهي تتضمن 18 فقرة تتناول عدة احتمالات، وتتضمن ثلاث مراحل: تبادل الأسرى، ووقف القتال، وشروط انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع.
ورغم العقبات، يصر المسؤولون الأمريكيون على أن الطريق إلى الأمام لا يزال مفتوحاً. أما المسؤولون الإسرائيليون فهم غير متأكدين من ذلك. فقد أعربوا في الأيام الأخيرة عن أسفهم خلف الأبواب المغلقة لأن الصفقة ضخمة للغاية ــ وأن حياة الرهائن لابد وأن تحظى بالأولوية وأن يتم التفاوض عليها بشكل منفصل عن النقاط الأخرى في الصفقة.
«أنا لست متأكدًا من أن أي شخص يعرف متى قد يتم التوصل إلى اتفاق» قال السيناتور كريس مورفي (ديمقراطي من ولاية كونيتيكت)، مضيفًا: «أنت تحاول معرفة ما يدور في أذهان القادة الأجانب. لا يبدو أن نتنياهو مهتم بالتوصل إلى هذه الصفقة. يبدو أن حماس تعتقد بالتأكيد أنه من الأفضل لها الاستمرار في الصراع».
تصاعد التوترات
وتؤكد هذه المحادثات، التي عقدت خلال قمة الشرق الأوسط والولايات المتحدة في واشنطن الأسبوع الماضي، على مدى تصاعد التوترات بين المسؤولين في واشنطن وتل أبيب.
ففي الأسبوع الماضي، انتقد وزير الخارجية أنتوني بلينكن قوات الدفاع الإسرائيلية لقتلها آيسينور إيجي، وهي مواطنة أمريكية، أثناء احتجاج في الضفة الغربية في السادس من سبتمبر/أيلول.
وقد وجه بلينكن بعضاً من أقسى العبارات التي أطلقها مسؤول أمريكي كبير حتى الآن بشأن العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ بدء الحرب في غزة العام الماضي.
وقال بلينكن للصحفيين في لندن في العاشر من سبتمبر/أيلول: "في تقديرنا، تحتاج قوات الأمن الإسرائيلية إلى إجراء بعض التغييرات الأساسية في الطريقة التي تعمل بها في الضفة الغربية، بما في ذلك تغييرات في قواعد الاشتباك الخاصة بها. والآن لدينا المواطن الأمريكي الثاني الذي قُتل على أيدي قوات الأمن الإسرائيلية. هذا أمر غير مقبول. يجب أن يتغير".
وحتى قبل مقتل الرهائن في أغسطس/آب، بدا أن المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين على خلاف بشأن التقدم المحرز في اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
aXA6IDQ0LjE5Mi45NS4xNjEg جزيرة ام اند امز