بعد عقود من التجاهل.. هل يحسم «الآسيويون» سباق البيت الأبيض؟
قبل نحو 10 أيام من الانتخابات الرئاسية الأمريكية لا يزال السباق محتدما، ما يسلط المزيد من الضوء على تأثير الكتل الانتخابية المختلفة.
ومن بين الكتل الانتخابية التي باتت تحظى بالاهتمام مؤخرا، يأتي الناخبون الأمريكيون من أصول آسيوية، وهم الكتلة التي تجاهلها السياسيون وخبراء الاستطلاعات لفترة طويلة.
ووسط مخاوف من تأثير محتمل للصين، لفت الناخبون الأمريكيون من أصول آسيوية الانتباه في ظل التقارب الكبير في استطلاعات الرأي بين المرشحة الديمقراطية ونائبة الرئيس كامالا هاريس وخصمها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب
وبينما صوت الناخبون من الأمريكيين الآسيويين والمحيط الهادئ بأغلبية ساحقة لصالح الحزب الأزرق في الماضي، إلا أنهم لم يكونوا مرتبطين بحزب معين.
ويعني ذلك أنهم أهداف يمكن إقناعها، وفق ما ذكرته الإذاعة الوطنية الأمريكية "إن بي آر".
ويعرف الأمريكيون من أصول صينية كيف يمكن للخطاب التحريضي والعلاقات المتوترة بين واشنطن وبكين أن يؤجج العداء ضدهم، والذي كان قد تصاعد على مستوى البلاد في أعقاب جائحة كوفيد-19، خلال رئاسة ترامب.
شك وحساسية
يواجه الأمريكيون من أصول آسيوية، تحديدا الصينية، نظرات من الشك والحساسية حتى في الحياة اليومية مثلما تقول ميشيل أو، النائبة الديمقراطية في مجلس نواب ولاية جورجيا.
وأشارت أو إلى معاناتها من الأوصاف التي تلاحقها مثل "الجاسوسة الصينية" و"عميلة الحزب الشيوعي".
وفي تصريحات لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، قالت أو إنه في أبريل/نيسان الماضي أصدرت الولاية مشروع قانون يحظر على "عملاء" الصين وغيرهم من "الأعداء الأجانب" شراء الأراضي الزراعية في الولاية، وكذلك الممتلكات القريبة من المنشآت العسكرية.
وأوضحت أن مؤيدي القانون من الجمهوريين دافعوا بأنه سيصد التهديدات الأمنية الوطنية. لكن أو وغيرها من المنتقدين اعتبروا أنه يغذي كراهية الأجانب ويعكس القانون المخاوف بشأن نفوذ الصين في ولاية جورجيا المتأرجحة التي لعبت دورا كبيرا في حسم انتخابات 2020 والتي يسعى كل من هاريس وترامب للفوز بها.
وفي جورجيا، اشتدت المخاوف بشأن جرائم الكراهية بعدما اقتحم مسلح ثلاثة منتجعات صحية بأتلانتا في 2021 وقتل ثمانية أشخاص، ستة منهم من النساء الآسيويات.
وتضم ولاية جورجيا، أكثر من 80 ألف شخص من أصول صينية يمكن خلالهم فهم الضغوط الجيوسياسية التي تثقل كاهل الناخبين الأمريكيين الصينيين قبل انتخابات البيت الأبيض.
«الأسرع نموا»
قال مرتضى خواجة، المدير التنفيذي لمنظمة "الأمريكيون الآسيويون من أجل العدالة في أتلانتا"، وهي مجموعة للدفاع القانوني "الناخبون الأمريكيون الآسيويون في جورجيا هم أسرع كتلة تصويتية نموًا".
وأضاف: "إنهم يريدون أن يروا أنفسهم ممثلين، وأن يروا مرشحين ينبثقون من تلك المجتمعات".
ومنذ 2010، نما عدد سكان جورجيا من الأمريكيين الآسيويين وسكان جزر المحيط الهادئ بأكثر من 50% حيث استقر العديد من الناس في مقاطعتي فورسيث وجوينيت في منطقة أتلانتا.
وفي 2020، أوضح الأمريكيون من أصول آسيوية قوتهم الانتخابية حيث ارتفعت نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 84% مقارنة بانتخابات عام 2016.
وهي الزيادة التي ساهمت في فوز الرئيس الأمريكي جو بايدن على الفوز بولاية جورجيا المتأرجحة، كما ساهمت في فوز الديمقراطيين بمجلس الشيوخ.
ولم يقتصر الأمر على ولاية جورجيا لكنه امتد للمستوى الوطني حيث زادت نسبة مشاركة الأمريكيين الآسيويين بنسبة 40% والذين صوت معظمهم لصالح بايدن.
أكثر حسما
في هذه الدورة، قد يكون الناخبون من أصول آسيوية أكثر حسمًا، وفي الفترة ما بين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران الماضيين، سجل الأمريكيون الآسيويون أكبر زيادة في تسجيل الناخبين مقارنة بأي مجموعة عرقية أخرى في الولايات المتحدة، وبنفس الفترة في عام 2020.
وقالت سينثيا تشوي، المؤسس المشارك لتحالف Stop AAPI Hate، ومقره الولايات المتحدة: "بصفتنا أسرع مجموعة عرقية نموًا في البلاد، لم يعد بإمكان المسؤولين اعتبارنا أمرًا مفروغًا منه".
وأضافت: "نحن نستحق حماية حقوقنا وأن نشعر بأننا قادرون على ترسيخ جذورنا في هذا البلد وأن نحصل على الحماية والشعور بالأمان".
وتأتي هذه التطورات في ظل المنافسة المحتدمة مع الصين والتي أصبحت واحدة من المجالات النادرة للاتفاق بين الحزبين.
انقسامات سياسية
ولا تزال تفضيلات التصويت لدى الأمريكيين من أصل صيني غامضة إلى حد ما، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن المجتمع ليس متجانسا، في ظل انقسامات سياسية عميقة عبر الأجيال والمهن والجنس ومستوى التعليم.
ومثل المجموعات الديمغرافية الأمريكية الآسيوية الأخرى، لا يتمتع العديد من الأمريكيين من أصل صيني أيضا بتقاليد عائلية طويلة في التصويت للجمهوريين أو الديمقراطيين، ما يعكس ضعف الانتماء الحزبي.
ومع ذلك فهناك بعض الاتجاهات الشاملة، فعلى الصعيد الوطني يميل غالبية الناخبين من أصول صينية إلى الحزب الديمقراطي، وفقًا لمركز بيو للأبحاث.
ووجد استطلاع للرأي أجرته AAPI Data عام 2024 أن 65% أيدوا هاريس، في مقابل 24٪ أيدوا ترامب. ويعتقد 45٪ أن هاريس ستقوم بعمل أفضل في التعامل مع الصين, وهو أكثر من ضعف النسبة المئوية التي دعمت نهج ترامب.
ويُعد الاقتصاد قضية رئيسية بالنسبة لهذه الكتلة ومع ذلك ينقسم الأمريكيون الصينيون حول الحزب صاحب للأداء الأفضل في هذا المجال.
«نهج صارم»
وبحسب استطلاع أجرته مؤسسة AAPI Data، يعتقد ثلث المشاركين من الأمريكيين من أصل صيني أن نهج الجمهوريين أفضل، في حين اختار ٣١% الديمقراطيين وقال ٢٩% إنهم لا يشعرون بفرق.
ووفقًا لمركز بيو، فإن الأمريكيين من أصل صيني هم المجموعة الوحيدة بين الأمريكيين الآسيويين التي لا تنظر الأغلبية فيها إلى وطنهم الأصلي بشكل إيجابي، مما يؤكد أن بعض الناخبين قد يفضلون نهجًا صارمًا تجاه الصين في انتخابات هذا العام.
وقالت فاي لينغ وانغ، أستاذة الشؤون الدولية في معهد جورجيا للتكنولوجيا، إن بعض الأمريكيين من أصل صيني في جورجيا قد يفضلون ترامب لأن خطابه يجعله يبدو أكثر صرامة مع بكين من هاريس.
من ناحية أخرى، يعتقد ما يقرب من ثلثي الأمريكيين الصينيين أن العلاقة الحالية بين الولايات المتحدة والصين تؤثر سلبًا على كيفية معاملتهم، وفقًا لدراسة حديثة أجرتها لجنة 100 غير الربحية وNORC في جامعة شيكاغو.
وقد تثبت هذه القضايا أنها محورية في يوم الانتخابات في جورجيا حيث تشير استطلاعات الرأي إلى هامش ضئيل بين هاريس وترامب.
وبعد أربع سنوات من ظهور الأمريكيين الآسيويين بجورجيا في صناديق الاقتراع بأعداد قياسية، قد يستعد هؤلاء الناخبون أنفسهم الآن لجولة أخرى.
aXA6IDMuMTM2LjE5LjEyNCA= جزيرة ام اند امز