فريدريش ميرتس.. «أيوب» السياسة الألمانية يحكم

يرتبط الصبر في ثقافتنا بالنبي أيوب، ويستخدم هذا الربط في الأمثلة الدارجة، لكن اليوم، انتقلت العبارة إلى ألمانيا، لوصف فريدريش ميرتس.
فقائد حزب "الاتحاد المسيحي" الفائز بالانتخابات التشريعية الألمانية، ميرتس، صبر لمدة 25 عاما لتحقيق هذه النتيجة والصعود لسدة الحكم، بعد أن كان أكثر الوجوه الموهوبة في السياسة الألمانية في مطلع الألفية.
وبحسب النتائج الأولية فاز حزب ميرتس بالأكثرية حيث حصد 29% من الأصوات يليه حزب "البديل من أجل ألمانيا" (أقصى اليمين) بنسبة 19.5%.
وميرتس الذي تعثر مساره السياسي بشكل متكرر إثر سيطرة المستشارة أنجيلا ميركل سياسيا وشعبيا على المحافظين في البلاد لمدة 16 عاما، قاد حزبه إلى العودة للسلطة بعد غياب دام 3 أعوام فقط.
وبذلك، أصبح ميرتس البالغ من العمر 69 عاماً هو الأكبر سناً منذ المستشار الأسبق كونراد أديناور، الذي تولى المسؤولية في عام 1949 بصفته أول مستشار للجمهورية الاتحادية الجديدة في سن الثالثة والسبعين.
بداية المسيرة
وبدأت مسيرة ميرتس السياسية في عام 1989 كعضو في البرلمان الأوروبي، قبل أن يصبح في عام 1994 عضوًا في البوندستاغ (البرلمان) الألماني.
وسرعان ما صنع ميرتس لنفسه اسماً كسياسي وخبير مالي ليبرالي، حينما كان هيلموت كول مستشاراً فيدرالياً وزعيماً للاتحاد الديمقراطي المسيحي.
وبعد فضيحة تبرعات ضربت الاتحاد المسيحي، تولى ميرتس رئاسة المجموعة البرلمانية في البرلمان عام 2000، وهذا ما جعله زعيم المعارضة في ذلك الوقت.
ووصف مايكل شبرنغ الذي نظم حملة الاتحاد المسيحي الانتخابية لعام 2002 ما حدث لميرتس بعد ذلك، في مقال سابق نشرته صحيفة "هامبورغ أبندبلات"، بالقول: "كانت قصة نموذجية لرجل موهوب، ولكنه متغطرس ومغرور استهان بامرأة ماكرة وحازمة ومتواضعة، هي ميركل".
وبعد خسارة انتخابات البرلمان عام 2002، طالبت ميركل زعيمة الاتحاد الديمقراطي المسيحي، برئاسة المجموعة البرلمانية، واضطر ميرتس، إلى الاستسلام وأصبح نائبا لها، وبالتالي فقد فرصته في الوصول للمستشارية.
انسحاب
وتبع ذلك صراع صعب، انتهى باستقالة ميرتس من جميع المناصب القيادية في الحزب والمجموعة البرلمانية. لكنه ظل عضوا في البرلمان حتى عام 2009،
المحامي ورجل المال صاحب الباع الطويل، كرس نفسه منذ 2009، لمهنته. أو كما يُقال غالبا في مثل هذه الحالات: لقد علّق اتصالاته السياسية، تماما كما يعلق لاعب الكرة حذائه معلنا الاعتزال.
عمل ميرتس محاميا، بل عمل في شركات محاماة كبيرة، وأصبح رجلًا ثريًا. ومن عام 2016 إلى عام 2020 كان رئيساً لمجلس الإشراف على فرع ألمانيا لأكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، بلاك روك.
عودة للسياسة
ولم يعد ميرتس إلى السياسة إلا في الولاية الأخيرة لميركل في حكم ألمانيا، وحاول تسلق سلم قيادة الاتحاد المسيحي.
وبعد خسارة الاتحاد المسيحي الانتخابات الماضية في 2021، ألقى ميرتس بنفسه في سلم القيادة، وفاز بالانتخابات الداخلية لقيادة الحزب بنسبة 62%، بعد أن فشل في محاولتين سابقتين.
ففي 2018، خسر ميرتس انتخابات رئاسة الحزب أمام وزيرة الدفاع السابقة أنجريت كرامب كارينباور. كما خسرها في 2020 أمام رئيس الحزب السابق أرمين لاشيت.
أفكاره السياسية
ومنذ لحظة توليه رئاسة "الاتحاد المسيحي" بشكل رسمي مطلع 2022، صعد الحزب إلى صدارة استطلاعات الرأي، ولم يغادر القمة أبدا طوال 3 سنوات، حتى الفوز بانتخابات اليوم.
ورغم مرور سنوات بين اعتزاله السياسة وعودته إليها، لم تتغير أفكاره، إذ ظل يؤيد استخدام المفاعلات النووية في توليد الطاقة. ويطالب بتطبيق سياسة اقتصادية أكثر ليبرالية وتقليص البيروقراطية.
وكما كان قبل 25 عاما تقريباً، يشتكى من آثار سياسة الهجرة الألمانية، ويتحدث عن "مشاكل مع الأجانب" ويصر على وجود "ثقافة رائدة" في المجتمع، يسير ميرتس على نفس الخط مع صعوده إلى سدة الحكم، ويتبنى موقفا متشددا في قضايا الهجرة.
أما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، يظل ميرتس متمسكا بدور أكبر لألمانيا دوليا، وقال خلال مؤتمر ميونخ للأمن الأسبوع الماضي، إن ألمانيا يجب أن يكون لها دور أكبر في الاتحاد الأوروبي، وتعهد بدعم أوكرانيا وتأييد عضويتها في حلف شمال الأطلسي.
aXA6IDE4LjE4OS4yOS40MyA=
جزيرة ام اند امز