شتاينماير رئيسا لألمانيا.. رجل الديمقراطية والحوار
"مدافع قوي عن الديمقراطية" و"رجل الثقافة والحوار" وصفان التصقا بالرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير في ولايته الأولى رئيسا لألمانيا.
فالسياسي الاشتراكي الديمقراطي "٦٦ عاما" قاد ألمانيا في ظل أمواج كورونا، وصعوبات سياسية جمة، وحافظ على خط الحكم، وهو أحيانا المقرب بين السلطات، بهدف واضح "الدفاع عن الديمقراطية" وتعزيز الحوار.
هذه الصفات المطلوبة في رئيس بلد كبير بحجم ألمانيا، كانت الدافع القوي لإعادة انتخاب شتاينماير رئيسا لمدة 5 سنوات قادمة بأغلبية كبيرة.
وفي وقت سابق اليوم الأحد، صوتت "الجمعية الاتحادية" التي تضم أعضاء البرلمان وممثلي الولايات ومشاهير، لانتخاب شتاينماير رئيسا لألمانيا حتى عام 2027.
وكان هذا الانتخاب متوقعا من قبل يوم التصويت، حيث يقود حزبه حكومة تملك أغلبية في البرلمان، ووجود توافق عابر لعدد من الأحزاب عليه، فضلا عن عدم وجود مرشحين أقوياء، وفق وسائل الإعلام الألمانية.
وخلال الولاية الأولى، كان شتاينماير صريحا للغاية، وحاسما في الدفاع عن الديمقراطية ضد التطرف اليميني، ومحافظا على استقرار البلاد في أوقات صعبة.
وحذر الرئيس الألماني، في السنوات القليلة الماضية، مرارا من التهديد المتزايد للتطرف اليميني في ألمانيا وانتقد المشاهد في مطار كابول بعد سقوط المدينة ووصفها بأنها "مخزية للغرب".
وشهدت الفترة التي قضاها شتاينماير في منصبه تفشي جائحة كوفيد في ألمانيا في بداية عام 2020. وأدى الرئيس الألماني أحيانا دور الحكم الأخلاقي في المناقشات العامة حول القضايا الصحية.
وفي وقت سابق من هذا العام، أجرى شتاينماير نقاشا عاما بين خبراء في مجال الصحة ومشككين باللقاحات المضادة لفيروس كورونا يشكلون أقلية صاخبة في البلاد نزلت إلى الشوارع للاحتجاج على القواعد الصحية.
لكن الأزمة الأصعب التي نجح فيها شتاينماير في تجنيب البلاد فترة من عدم الاستقرار، كانت في الفترة التي أعقبت الانتخابات التشريعية في سبتمبر/أيلول 2017.
ففي الأشهر القليلة التي أعقبت الانتخابات، فشلت محاولات الاتحاد المسيحي "يمين وسط" بزعامة أنجيلا ميركل في التوصل لاتفاق لتشكيل ائتلاف حاكم مع حزبي الخضر "يسار" والديمقراطي الحر "يمين وسط" بعد جولات من المحادثات بين الأطراف الثلاثة.
كما رفض الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ثاني أكبر أحزاب البلاد آنذاك، الدخول في ائتلاف حاكم وأعلن البقاء في المعارضة للتركيز على إعادة هيكلة داخلية للحزب.
وفي ظل هذه المواقف المتمترسة، رجح الخبراء والمراقبون أن تتجه البلاد إلى انتخابات مبكرة جدا لن تفرز أي جديد، وسط حالة من الضبابية السياسية.
لكن شتاينماير تدخل في الوقت المناسب، ودعا زعماء الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي إلى قصر الرئاسة، وتوسط لإطلاق محادثات استكشافية بين الطرفين لتشكيل ائتلاف حاكم، ونجح في إقناع قيادات حزبه الاشتراكي الديمقراطي بتغيير موقف الحزب، وتخطت البلاد أزمة صعبة.
وخلال 20 عاما من العمل العام تولى فيها مناصب أبرزها رئاسة كتلة الاشتراكيين الديمقراطيين في البرلمان، ووزاة الخارجية، رسخ شتاينماير الذي يحمل دكتوراه في القانون، صورته كسياسي برجماتي، ودبلوماسي يحظى باحترام عابر للأحزاب، رغم خسارته منصب المستشار لصالح ميركل في الانتخابات التشريعية عام 2009.
كما أن هناك بعدا إنسانيا لافتا في حياة السياسي البارز، إذ إنه خرج في إجازة من العمل في ٢٠١٠ إبان توليه رئاسة كتلة الاشتراكيين الديمقراطيين في البرلمان، من أجل التبرع بكليته لزوجته التي كانت تعاني مرضا خطيرا، ما أكسبه مزيدا من التقدير الشعبي والاحترام.
فيما وصفت الإذاعة الألمانية "دويتشه فيلا"، شتاينماير في تقرير قبل توليه الرئاسة، بأنه "شخص هادئ ومتعاون ويختار كلماته بعناية، ولم يخرج عن هذا النهج إلا حينما بدأ مهاجمة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، في أغسطس/آب ٢٠١٦".
وفي ذلك الوقت، كان ترامب يقود حملته الانتخابية ضد مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، لكن شتاينماير وصفه بأنه "مبشر بالكراهية"، وتوقع أن تكون العلاقات بين برلين وواشنطن "أكثر صعوبة" في ظل وجود الملياردير في البيت الأبيض، وهو ما حدث بالفعل.
وقبل توليه الرئاسة في 2017، كان هناك توافق في ألمانيا على أن شتاينماير الذي عمل والده بمهنة النجارة، في ولاية شمال الراين ويستفاليا (غرب)، يملك كل المؤهلات ليكون رئيسا ناجحا، بدءا من الشخصية الدبلوماسية، والهدوء، والشعبية، والتقدير من مختلف الطيف السياسي.
شتاينماير الذي سجل رقما مبهرا بقطعه 400 ألف كيلومتر سنويا على متن الرحلات الجوية خلال توليه حقيبة الخارجية، لمدة سبع سنوات متتالية، يميل إلى لغة الحوار وحل الصراعات سلميا عبر الوساطة والمفاوضات.
هذه الصفات جعلت شتاينماير يلعب دورا بارزا في الوساطة خلال الأزمة الأوكرانية ٢٠١٤، حيث اتبع دبلوماسية ناجحة بين طرفي النزاع، واستخدم لغة ساهمت في تخفيف حدة الأزمة، لكنه تعرض لانتقادات في ذلك الوقت لاستخدامه "لغة ضعيفة" حيال موسكو.
جانب آخر في حياة شتاينماير يجلب له تقديرا كبيرا، هو حبه للثقافة، وكونه قارئا نهما، فضلا عن ترسيخه لـ"الثقافة" كأحد أسس السياسة الخارجية الألمانية، وفق تقرير سابق للإذاعة الألمانية.
وخلال توليه الخارجية، حرص شتاينماير على ترسيخ الحوار والتبادل الثقافي بين ألمانيا ودول العالم، بما فيها روسيا وأوكرانيا، خلال توليه منصبه.
aXA6IDE4LjE5MS4yMTUuMzAg جزيرة ام اند امز