الأسوأ منذ 157 عامًا.. جفاف نهر "اليانغتسي" كارثة تهدد الاقتصاد الصيني
عصفت موجة جفاف هي الأسوأ منذ 157 عاما،بنهر "اليانغتسي" الصيني ، ما مثل تهديدا كبيرا لثاني أكبر اقتصاد في العالم بشدة.
وفق وكالة أنباء "بلومبرج" فإن موجة الجفاف التي تضرب نهر اليانغتسي الصيني تعد هي الأسوأ منذ عام 1865.
وتسبب الجفاف في أضرار خطيرة بأطول أنهار آسيا، الذي يتدفق على طول 6300 كيلومتر عبر الصين ويغذي مزارع تنتج كثيراً من غذاء البلاد ويشغل محطات كهرومائية ضخمة، بما فيها "سد الممرات الثلاث"، أكبر محطة كهرباء في العالم.
وأدى تراجع منسوب نهر يانغتسي بتعطل توليد الكهرباء في عدد من المحطات الكهرومائية الرئيسية، ما أثار أزمة وفوضى في الكهرباء في أجزاء من البلاد. دفع هذا المدن الكبرى، بما فيها شنغهاي، لإطفاء الأنوار وتعطيل السلالم المتحركة وخفض تشغيل المكيفات.
وحذرت شركة "تسلا" من حدوث اضطرابات في سلسلة التوريد لمصنعها في شنغهاي، فيما أغلقت شركات مثل "تويوتا" و"كونتمبوراري أمبريكس تكنولوجي" (CATL) أكبر صانعة لبطاريات السيارات الكهربائية في العالم، مصانعها.
كما امتد تأثير الأزمة ليشمل بعض المناطق خارج ستشوان، حيث أطفأت منطقة الواجهة البحرية "ذا بوند" في شنغهاي إضاءتها الخارجية، فيما علقت ووهان في مقاطعة هوبي بوسط البلاد عرض الضوء الشهير لنهر يانغتسي مؤقتاً.
مع احتمال أن يتمخض تغير المناخ عن موجات حرارة وجفاف أكثر تواتراً واستمراراً، تثير الانقطاعات الحالية تساؤلات طويلة الأجل حول اعتماد الصين على الطاقة الكهرومائية، وهي أكبر مصدر للطاقة النظيفة في البلاد، حيث مثلت نحو 18% من مصادر توليد الكهرباء في 2020، وفقاً لـ"بلومبرج لأبحاث تمويل الطاقة المتجددة".
رغم أن أزمة الكهرباء أقل حدة بكثير مما كانت عليه في 2021، حين أدى نقص الفحم لانقطاع التيار الكهربائي على مستوى البلاد إلا أنها تضيف إلى التحديات التي تواجهها السلطات في إحياء اقتصاد تتنازعه الإغلاقات المتكررة لمجابهة "كوفيد" من جهة، وأزمة العقارات من جهةٍ أخرى.
كانت مقاطعة ستشوان الجنوبية الغربية، التي عانت من أسوأ جفاف تشهده المنطقة منذ الستينيات، الأكثر تضرراً نظراً لاعتمادها الكبير على الطاقة الكهرومائية، بينما انخفض توليد السدود بمقدار النصف في المنطقة، أدت موجة الحر القاسية لارتفاع الطلب على الكهرباء بمقدار الربع تقريباً، ما شكل ضغطاً إضافياً على شبكة الكهرباء التي تخدم كثافة سكانية بحجم ألمانيا تقريباً، وتزودها بالمراكز الصناعية التي تعتبر موطناً لمصانع موردي شركة "تسلا".
الطاقة الشمسية
تملك الدولة أيضاً أكبر بنية تحتية من الألواح الشمسية وتوربينات الرياح في العالم، فضلاً عن تكثيف استثمارها في مصادر الطاقة المتجددة، سعياً لتقليل الاعتماد على الوقود المستورد. استثمرت الشركات الصينية 98 مليار دولار في الطاقة النظيفة خلال النصف الأول من 2022، أي أكثر من ضعف إنفاقها على استثمارات الطاقة النظيفة في الفترة ذاتها من 2021.
يُظهر نقص الكهرباء في ستشوان أن الطاقة الكهرومائية، التي يُنظر إليها عادةً على أنها المصدر المتجدد الأكثر استقراراً، ما تزال غير موثوقة مثل الفحم، وفقاً لهانيانغ وي محلل أسواق الطاقة لدى "بلومبرج لأبحاث تمويل الطاقة المتجددة".
قال وي إن ما يحدث يثير الشكوك حول مدى سلاسة تحول الصين عن اعتمادها على الوقود الأحفوري لأن طاقة الرياح والطاقة الشمسية أقل استقراراً.
بدأت الصين تخطط لمزيد من الاعتماد على طاقة الفحم بعد أزمة العام الماضي، التي تسببت بفرض قيود واسعة النطاق على الكهرباء للمصانع في جميع أنحاء البلاد، فعززت مناجم الفحم الإنتاج بنسبة 11% هذا العام تحت ضغط حكومي شديد.
العودة للفحم
قال لي شو، المحلل لدى منظمة "جرينبيس" في شرق آسيا، إن الوضع في ستشوان يذكرنا بانقطاع التيار الكهربائي في مقاطعة هونان أواخر 2020، عندما أفضت برودة الطقس الشديدة لخفض توليد الرياح وزيادة الطلب على الطاقة بشكل كبير للتدفئة.
استجابت الحكومة للأزمة بالموافقة على إنشاء عدد كبير من محطات توليد الكهرباء بالفحم في هونان، حسب تقرير من "منظمة السلام الأخضر" نشرته الشهر الماضي.
قال لي: "آمل ألا يكون الجواب الذي استخلصوه من هذا هو بناء مزيد من محطات توليد الكهرباء باستخدام الفحم، لكنني أخشى أن يكون هذا هو ما يتجهون إليه".
إغلاق المصانع
حالت مخزونات الفحم الكافية دون انتشار الأزمة إلى أجزاء أخرى من الصين، إلا أنها لم تكن ذات فائدة كبيرة لمقاطعة ستشوان، حيث تشكل الطاقة الكهرومائية أكثر من ثلاثة أرباع قدرة التوليد.
أدت أكبر أزمة كهرباء تعصف بالصين منذ الخريف الماضي لتعليق إمداد العديد من العملاء الصناعيين بالطاقة حتى 25 أغسطس.
كما أغلقت شركات صناعية منها "تويوتا" و(CATL) مصانعها في المنطقة لعدة أيام. قالت شركة "تونغوي" (Tongwei)، أكبر شركة لتصنيع البولي سيليكون، إن مصنعها تأثر، وهو ما فاقم شح العرض في سوق مادة تصنيع الألواح الشمسية الرئيسية.
كما امتد تأثير الأزمة ليشمل بعض المناطق خارج ستشوان، حيث أطفأت منطقة الواجهة البحرية "ذا بوند" في شنغهاي إضاءتها الخارجية، فيما علقت ووهان في مقاطعة هوبي بوسط البلاد عرض الضوء الشهير لنهر يانغتسي مؤقتاً.
يُتوقع أن تكون المعاناة في ظل الموقف الحالي أقل من العام الماضي مع اقتصار الإجراءات الأشد على ستشوان إلى حد كبير، حيث تمثل الأخيرة 5% فقط من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. لكن قد تشكل أزمة الكهرباء خطراً على الاقتصاد المتعثر البالغ 18 تريليون دولار.
خفض اقتصاديون توقعات النمو في البلاد لهذا العام إلى ما دون 4%، وهو معدل أقل بكثير من هدف الحكومة البالغ 5.5%.
غير أن الصين لا تعاني من وطأة الحرارة المتفاقمة هذا الصيف لوحدها، فقد تسبب ارتفاع درجات الحرارة في أوروبا بجفاف نهر الراين، حيث تراجع منسوب المياه في أحد الممرات الرئيسية إلى 30 سم، ما يؤثر على إمكانية الملاحة في الممر المائي. كما تسببت موجة الجفاف في الهند بانحسار مساحات زراعة الأرز 13% حتى الآن هذا العام، ما يهدد الإمدادات الغذائية العالمية.
سماء حارقة
تجاوزت درجات الحرارة في ووهان، التي ظهر فيها فيروس كورونا لأول مرة في أواخر 2019، 40 درجة مئوية عدة مرات هذا الصيف.
ويقول لو يي، 26 عاماً، وهو أحد عمال ميناء عبارات على نهر يانغتسي: "هذا أكثر صيف أتذكره سخونة" فيما كان يحاول تبريد جسمه بالبقاء في الظل في أحد أيام الأسبوع الفائت. كانت شركته قد نقلت ميناءها العائم قرب الشاطئ هذا العام لإتاحة مساحة أكبر للملاحة البحرية عبر القناة المنحسرة بسبب الجفاف.
وكانت أوامر تقليل استهلاك الكهرباء تعني اضطرار المتسوقين لهبوط السلالم المتحركة المتوقفة عن العمل في مبنى "هارتلاند 66"، وهو من أفضل مراكز التسوق الفاخرة في ووهان لأنه يضم منافذ بيع علامات تجارية فاخرة، منها "غوتشي" و"برادا" و"تيفاني". كما خفض مركز التسوق درجات حرارة مكيفات الهواء تاركاً الحرارة ترتفع بشدة في قاعات الطعام في الطوابق العليا.
وبالقرب من شاطئ هانكو على نهر يانغتسي في ووهان، لم تمنع الحرارة وان وآخرين من الخروج للسباحة حتى الآن. جلس جيانغ جوانغمينغ، 65 عاماً، الذي كان يجدف في النهر منذ مراهقته، القرفصاء في الماء لتجنب تركز أشعة الشمس على كتفيه.
قال جوانغمينغ بحزن فيما كان ينظر إلى الضفة العريضة والجافة: "كادت المياه أن تبلغ مستوى الشارع في السنوات السابقة. هذا العام حتى رمال قاع النهر مكشوفة".
التضخم في الصين
أعلن مكتب الإحصاء الوطني في الصين، 10 أغسطس/آب، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع بنسبة أقل من المتوقع تقدر بـ2.7% على أساس سنوي في شهر يوليو الماضي، وهو أعلى مستوى له منذ يوليو 2020.
وارتفع المؤشر، وهو معيار رئيسي لقياس التضخم، بنسبة 2.5% على أساس سنوي في يونيو الماضي، وكان المحللون توقعوا ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين لثاني أكبر اقتصاد في العالم بنسبة 2.9% خلال الشهر الماضي، ولا يزال معدل التضخم في الصين منخفضاً قياساً بالمعايير الدولية، وفقا لوكالة الأنباء الألمانية "د ب ا".
وقد دفعت أسعار الأغذية، وخاصة كلفة لحم الخنزير، المؤشر إلى الارتفاع، وارتفعت أسعار لحم الخنازير بنسبة 20.2% وأسعار الخضراوات بنسبة 12.9% خلال الشهر الماضي، وكان مؤشر أسعار المنتجين ارتفع بنسبة 4.2% في يوليو على أساس سنوي، وتعد هذه أقل زيادة يتم تسجيلها منذ فبراير 2021.
aXA6IDMuMTQ0Ljg5LjE1MiA=
جزيرة ام اند امز