"حسناوات الخضر".. "شقة مشتركة" لـ3 نائبات للاحتماء من "وحشة برلين"
إذا سألت أي شخص مر على برلين عن مشاكل العاصمة الألمانية، سيرد بدون تفكير "أزمة السكن"، و"صعوبة العيش وحيدا"
لكن يبدو أن ثلاثة نائبات بالبرلمان الألماني عن حزب الخضر؛ الشريك في الائتلاف الحاكم، كن على علم مسبق بصعوبات الحياة في العاصمة الألمانية، فلجأن إلى حل مبتكر.
فقد قررت النائبات الثلاث، وهن في أوج الشباب، الانتقال إلى شقة مشتركة في برلين عقب الانتخابات التشريعية في سبتمبر/أيلول 2021، ما يضرب عصفوري أزمة السكن والوحدة، بحجز واحد؛ الصحبة.
وإذا كان هناك مجال للعاطفة في السياسة، فربما يكون هنا؛ في غرفة المعيشة في هذه الشقة، وعلى الأريكة التي تخفي تحت وسائدها سريرا، حيث يمكن للثلاثة نائبات أن يجلسن بجوار بعضهن البعض.
وقامت النائبات بتمديد غطاء أزرق فاتح اللون فوق التنجيد الرمادي للأريكة التي تضم عدد قليل من الوسائد المنقوشة وبطانية ملقاة عليها، وفق مجلة "دير شبيجل" الألمانية.
هذا هو المكان الذي تسترخي فيه إميليا فيستر، ومارلين شونبيرجر، وساسكيا وايشوبت، أحيانًا في المساء، هنا يحلسون كتفًا إلى كتف، بعد يوم طويل.. هنا يحتضن بعضهن البعض ويشاهدن بعض برامج التلفاز أو الأفلام إذا أردن الاسترخاء.
هذا هو المكان الذي يشارك فيه ثلاث نائبات من البوندستاغ (البرلمان) حياتهن المهنية والخاصة، حيث يواسن بعضهن البعض بعد الهزائم ويحتفلن بالنجاحات معًا، حيث يتناقشن ويخططن.
بحث عن التوازن
لكن النائبات الثلاث يبحثن دائما عن إيجاد توازن: بين الاحتراق من أجل السياسة وعدم السماح لها باستهلاكهن؛ أي الفصل بين الخاص والعام في شقة بنيت أساسا على المشاركة بين سياسيات.
وبالفعل، كان اليوم الذي زارت فيه "دير شبيجل" المكان حافلا بالمرح، إذ رقصت فيستر على الموسيقى، وهي تضع ذراعيها حول رفيقتيها في السكن، بعد أن عدن للتو من تناول الطعام في مطعم فيتنامي.
كان ذلك في نهاية الدورة التشريعية الأولى، وعلى حافة بداية عطلة الصيف في البرلمان، والتي وصلت إلى 8 أسابيع.. ربما هذا ما يفسر المرح.
وفيستر (24 عاما)، هي الأصغر، ليس فقط من حيث مساحتها في الشقة، ولكن أيضًا من حيث العمر في البوندستاغ بأكمله. وتنحدر من عائلة من الفنانين وعملت كمساعدة مخرج في مسرح في هامبورغ (وسط).
لكن شغف الشابة الصغيرة بالسياسة كان أكبر، وعندما كانت مراهقة كانت غالبًا منزعجة لعدم السماح لها بالتصويت. وفي البوندستاغ، تريد فيستر ممارسة السياسة التي تركز بشكل أساسي على الشباب.
أما شونبيرجر (31 عامًا) فهي الأكبر من حيث المساحة التي تشغلها في الشقة التي تبلغ مساحتها 90 مترا. وفي بعض الأحيان يمكنك سماع جذورها البافارية (الجنوبية) عندما تتحدث، إذ يطوي لسانها حرف (R).
وفيما يتعلق بالسياسة، تعمل شونبيرجر كثيرًا على موضوع معاداة السامية، وبدأت طريقها إلى السياسة عندما كانت طالبة في المدرسة الابتدائية، حين حاولت ممارسة ضغوط على العمدة من أجل حماية الأسماك في بركة محلية، ولكن دون جدوى.
فقط عندما أصبحت شونبيرجر مستشارة للبلدية وهي في عمر 26 عاما، تمكنت من المضي قدمًا في قضيتها.
ثم هناك وايشوبت (28 عامًا) التي تقع في المنتصف بين زميلتيها. وتعمل والدة وايشوبت وأختها في التمريض، وأرادت الشابة أن تسير في نفس الطريق، لكن والدتها دفعتها للتفكير بشكل مختلف بسبب ظروف العمل في المهن الصحية.
وكانت وايشوبت أول من تخرج من المدرسة الثانوية ودرس العلوم السياسية في العائلة، وبدأت في الانخراط في السياسة خارج الجامعة.
وبصفتها عضوة في البرلمان، تناضل النائبة عن حزب الخضر من أجل ظروف عمل أفضل في المهن الصحية.
معرفة مسبقة
وقبل أن ينتقل الثلاثة للعيش معًا، كانن يعرفن بعضهن البعض لفترة وجيزة بعد لقاء ثلاثي خلال الحملة الانتخابية وبضع المكالمات الهاتفية المتبادلة.
وقالت فيستر "كان من الممكن أن يتحول الأمر إلى مشاركة جامدة للسكن. وبدلاً من ذلك، فإننا نتشارك كل شيء تقريبًا مع بعضنا البعض خلال أسابيع الجلسات"، مضيفة "في الواقع، لم نعد مجرد رفقاء سكن.. نحن عصابة".
وفي نوفمبر/تشرين ثاني الماضي، استغرق الأمر يومين للانتقال إلى الشقة الجديدة، إذ لم يكن فيها غير مطبخ مجهز، وعملت الشابات الثلاث على شراء الأثاث والمتعلقات الأخرى، لينتهي بها المطاف في الشاحنة، ويتولى أصدقاء نقلها إلى الشقة.
وحصلت النائبات على كل الأثاث في يومين؛ رف تجفيف وأوانٍ فخارية وكراسي ومصابيح وتلفزيون بشاشة مسطحة وفرش مرحاض، لكن لم يخل الأمر من مفاوضات للاتفاق على الأريكة الرمادي، على الرغم من أن فيستر كانت تفضل أريكة زاوية، وايشوبت كانت تفضل لونا آخر.
والآن، يوجد على مكتب شونبيرجر كتابا عن "البحث في اتحادات الذكور اليمينية المتطرفة"، وعلى مكتب وايشوبت، توجد ثلاث زجاجات فارغة، فيما لا تملك فيستر مكتبا لأنها تعيش في أصغر غرفة، وفق دير شبيجل.