الحج في المستقبل.. موسم ثقافي ومعرفي يربط الوجدان بالتاريخ الإسلامي
كشفت السلطات السعودية، أنه خلال المواسم المقبلة سيتحول موسم الحج إلى برنامج ثقافي ومعرفي حافل يعقب أداء الفريضة.
يأتي ذلك ضمن عدة برامج من أهمها برنامج" خدمة ضيوف الرحمن" أحد أبرز برامج رؤية المملكة 2030، الذي يسعى لإحداث نقلة نوعية في تجربة الحج والعمرة والزيارة، وإتاحتها لأكبر عدد ممكن من المسلمين من خلال زيادة الطاقة الاستيعابية لمنظومة الخدمات المقدمة لضيوف الرَّحمن والارتقاء بها، وإثراء الرحلة الدينية، والتجربة الثقافية وعكس الصورة المشرقة والحضارية للمملكة في خدمة الحرمين الشريفين.
يعمل البرنامج على ربط وجدان الحجاج بمعالم السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي، عبر زيارة المواقع والمعالم التاريخية التي تزيد من اطلاعهم واعتزازهم بتاريخهم الإسلامي، إضافة إلى إتاحة الفرصة لهم لزيارة الفعاليات الثقافية والاجتماعية.
وكان برنامج خدمة ضيوف الرحمن وقع اتفاقية تعاون مع "الجمعية السعودية للمحافظة على التراث" لتطوير وتعزيز العمل ورفع مستوى التنسيق بين البرنامج والجمعية في مجال الاهتمام بالمواقع الإسلامية التاريخية والأثرية التي تزخر بها المملكة.
وتركز الاتفاقية على التعاون المشترك لتوثيق التراث غير المادي في قطاع الحج والعمرة والزيارة في منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة، وتسجيله لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، حيث عُمل على إدراج المواقع التاريخية ذات الأهمية لدى البرنامج ضمن أولويات الاهتمام والعناية لدى الجمعية، والاستفادة من الدراسة المسحية التي قام بها الطرفان في مختلف مناطق المملكة، .
لا يقتصر عمل برنامج "خدمة ضيوف الرحمن" على منطقة مكة المكرمة، بل يمتد إلى منطقة المدينة المنورة التي تحتوي على آثار إسلامية كثيرة ومهمة، مثل مواقع معركة أحد وميدان سيد الشهداء والمعالم المحيطة، والخندق، والمساجد السبعة، وبئر الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه، وبئر غرس، ومسجد الفسح، لما تشكله هذه المواقع من إرث تاريخي كبير، يعكس المراحل التي مرت بها المدينة المنورة منذ العصر النبوي وحتى عصرنا الحالي.
وأثبتت دراسة طبقها معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة بجامعة أم القرى، على عينة واسعة من حجاج بيت الله الحرام عام 1440 هـ، أهمية الاعتناء بمواقع التاريخ الإسلامي، حيث بلغت نسبة الراغبين في زيارة تلك المواقع 92.6 % من إجمالي عينة الدراسة، أما الذين لا يعرفون تلك المواقع فلم تتجاوز نسبتهم 1.7 .% ، وجاءت الرغبة في زيارة المتاحف في المرتبة الثانية بنسبة 58 % أما نسبة الراغبين في زيارة المواقع الطبيعية والمحميات فقد بلغت 32.5 %.
التسوق وشراء الهدايا
حصد أعلى نسبة في رغبات الحجاج، حيث بلغ 91.1 %، وهو ما يؤكد أهمية هذا الجانب في رحلة الحاج، إضافة إلى أهمية تطوير برامج الرحلات الاستكشافية والمعرفية القصيرة للحاج حيث أبدى 52.2 % من المستطلعة آرائهم رغبة كبيرة في تجربة الرحلات القصيرة قبل أو بعد أداء مناسك الحج.
بناء على تلك النتائج، أوصت الدراسة بتضمين برنامج الحج مستقبلا أماكن الزيارات، والتوسع في الأماكن بحيث لا تكون مقصورة على مواقع بعينها فقط، ولكن تمتد للمتاحف والأنشطة والفعاليات وأماكن الترفيه العائلي، مع التوسع في توعية الحجاج في بلدهم الأصلي لنشر ثقافة إثراء التجربة الثقافية خلال زيارتهم للمملكة، وذلك بتعريفهم بأماكن الجذب السياحي وإيجاد فرص الاستثمار في احتياجات الحجاج من التسوق والهدايا بإقامة أسواق للصناعات الصغيرة أو المنتجات التي يقبل الحجاج على شرائها، مع الأخذ بعين الاعتبار احتياجات ضيوف الرحمن الضرورية في أماكن الجذب والعمل على تلبيتها، مثل توفير دورات مياه ووسائل نقل سريعة لأماكن الجذب، وتوفير مرشد دائم بالأماكن الأثرية، وتوفير مكاتب للرد على استفسارات الزوار لغار "حراء" مع توفير الإضاءة اللازمة ووجود أرصفة بالموقع وتوفير خدمات لذوي الاحتياجات الخاصة بالإضافة لتوفير دورات مياه.
كانت الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة ممثلة في شركة"كدانة" بدأت في تنفيذ بعض تلك التوصيات، حيث قامت بإنارة خاصرة عين زبيدة التاريخية؛ لإبراز جمالها العمراني وإعطاء الموقع بُعداً جمالياً، حيث إن العين تعدّ من أهم المواقع الأثرية المرتبطة برحلة الحج منذ أكثر من 1200 عام، ويمثل المسار التاريخي أحد أهم المسارات التي تعمل عليها الهيئة، حيث تدرس مواقع مثل موقع الحديبية وجبل ثور وعين زبيد وبيعة العقبة وجبل النور " غار حراء".