حاتم علي.. هل ترك "فارس المدينة" فراغا بعد الرحيل؟ (خاص)
في 29 ديسمبر/كانون الأول 2020، رحل المخرج السوري حاتم علي عن عالمنا، متأثرا بأزمة قلبية.
كان خبر الرحيل صادما ومؤلما لأصدقائه الفنانين، وجمهوره العريض الذي أحبه ممثلا، وانحنى له احتراما وتقديرا، بعدما اتجه للإخراج، وقدم أعمالا تشبه الجواهر الخالدة.
شارك حاتم علي بالتمثيل في 29 مسلسلا، وقام بإخراج 27 عملا دراميا منها "فارس في المدينة، ربيع قرطبة، الملك فاروق، ملوك الطوائف، التغريبة الفلسطينية".
وفي ذكرى رحيله عن الحياة، تسأل "العين الإخبارية" عددا من المتخصصين عن أعمال الفنان الراحل، وهل ترك رحيله فراغا في عالم الإبداع؟
في حديثه لـ"العين الإخبارية" قال الفنان السوري جمال سليمان: "حاتم علي واحد من أكبر المخرجين في الدراما التلفزيونية العربية قدم مجموعة من الأعمال التاريخية والمعاصرة، تميزت بالمضمون العميق والشكل الفني المبهر، كان ماهرا في توظيف ثقافته وبراعته في التكنيك لخدمة الحكاية".
وواصل جمال سليمان حديثه: "راعى حاتم علي في كل أعماله الأبعاد الإنسانية، وكان يقدر قيمة الفن، ولديه طموح في تقديم أعمال تشكل إضافة في وعي الناس، وفي نفس الوقت تمتعهم، درس حاتم التمثيل، وعمل ممثلا لذا كان يهتم جدا بالممثلين، ولا أبالغ إذا قلت إنه كان من الممكن أن يعيد المشهد 20 أو 30 مرة حتى يؤدي الفنان دوره بشكل سليم".
وتابع جمال سليمان حديثه عن حاتم علي قائلا: "كان يهتم بالتفاصيل جدا، وكان من الصعب أن يرضخ لشروط إنتاجية غير منطقية، في عالمنا العربي شركات الإنتاج لها حد أدنى وحد أعلى، كان هو يتمسك بالحد الأعلى في الإنتاج، وأذكر في مسلسل (صلاح الدين) خضعت شركة الإنتاج لرؤيته وأنفقت 70 ألف دولار على الجرافيك، وكان هذا الرقم يسمح بإنتاج نصف مسلسل في سوريا في هذا الوقت".
تميز هذا المخرج الاستثنائي بالدقة الشديدة، ولم يترك طيلة حياته أي أمر للصدفة، كل لقطة مدروسة، وكل زاوية كاميرا، والألوان في الكادر، وهو من أوائل المخرجين العرب الذين استعانوا بأفضل ماكيير في أعمالهم، لضمان الجودة.
واختتم جمال سليمان حديثه عن حاتم علي قائلا: "عملت مع حاتم علي في بداياته، في الثلاثية، والفصول الأربعة، وصلاح الدين، وصقر قريش، وربيع قرطبة، والتغريبة الفلسطينية، وملوك الطوائف، عملت معه كثيرا، هو أكثر مخرج عملت معه، وبالمناسبة أعرف حاتم علي منذ أن كان في فرق الهواة في سوريا، وبعد تخرجه نشأت علاقة صداقة عائلية وإنسانية رائعة، وكان فراقه مؤلما، فهو بكل تأكيد ترك فراغا كبيرا".
وفي سياق الموضوع تحدث الفنان المصري محمد أبو داوود لـ"العين الإخبارية": "مخرج سوري متميز، وكان لي شرف العمل معه في مسلسل الملك فاروق عندما جاء إلى مصر، قدمت في هذا المسلسل شخصية النقراشي باشا وجذب أداء المخرج حاتم علي انتباهي، إذ قام بإدارة كتيبة من المبدعين بمهارة شديدة كان من بينهم تيم حسن، ونبيل الحلفاوي، وصلاح عبدالله، ووفاء عامر".
واستكمل أبو داوود حديثه قائلا: "تعاونت مع حاتم علي أيضا في مسلسل المنتقم أول بطولة للفنان عمرو يوسف، ويتكون من 120 حلقة، واكتشفت أنه مخرج يمتلك كل أدوات الصنعة، بمرور الأيام نشأت بيننا صداقة، وتعمقت هذه العلاقة عندما استقر هو وأسرته بمصر، ولكن رحيله كان مؤلما، وترك أثرا حزينا في نفوس محبيه وعشاق فنه".
وعن المخرج السوري حاتم علي قال الناقد الفني نادر ناشد لـ"العين الإخبارية": "مخرج لا يتكرر كثيرا، ويكفي أنه كان يهتم بكل التفاصيل، ويعد من المخرجين الذين أعادوا للدراما التاريخية بريقها، ودفع الجمهور العربي إلى الالتفاف حولها ومشاهدتها، وغيابه بكل تأكيد خسارة للفن وعالم الإبداع".
حاتم علي في سطور
حاتم علي من مواليد 2 يونيو/حزيران 1962، في هضبة الجولان، تربى وسط أسرة متوسطة.تخرج عام 1986، وكان يتمنى العمل بالتمثيل، وجاءته الفرصة مع ترشيحه من المخرج الكبير هيثم حقي للمشاركة في مسلسل" دائرة النار" إنتاج عام 1988.
استغل الفرصة جيدا، وحقق نجاحا لافتا، وتوالت بعد ذلك مشاركاته في أعمال تاريخية وبدوية.
وبعد ذلك هجر المخرج السوري حاتم علي التمثيل، وقرر التوجه إلى الإخراج، وكانت البداية بمجموعة من الأفلام القصيرة، وعدد محدود من الأفلام الروائية.
اتجه للدراما التلفزيونية وقدم من خلالها العديد من الأعمال المهمة والرائعة، ورحل هذا المبدع عن الحياة عن عمر ناهز 58 عاما.