ثورة في البنتاغون.. «هيغسيث» يقلّم أجنحة الجنرالات

خطة طموحة أعلنها وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، لإعادة هيكلة الجيش عبر تقليص المناصب القيادية العليا وإحالة أسلحة للتقاعد.
وبحسب مجلة ناشيونال إنترست، تشمل الخطة تقليصًا جذريًا في عدد المناصب القيادية العليا، حيث يُتوقع إلغاء 40 منصبًا لجنرالات، وإعادة توزيع مئات الضباط العاملين في المكاتب الإدارية إلى الوحدات القتالية الميدانية بهدف تحويل الجيش إلى "آلة قتالية خفيفة ومرنة" قادرة على التكيف مع التهديدات الحديثة.
جنرالات المكاتب
وزير الجيش دان دريسكول أشار إلى أن الهيكل الإداري الحالي للجيش أصبح "مترهلا بشكل يعيق الكفاءة"، مؤكدًا أن الأولوية ستكون لتعزيز قدرات الجنود الميدانيين.
وفي مؤتمر صحفي الأربعاء، قال دريسكول: "وحدات القيادة في البنتاغون - والجيش تحديدًا - تضخمت لدرجة أنها ابتعدت عن جوهر دورها. الجنود ينضمون لخوض المعارك، لا لملء الاستمارات وراء المكاتب".
هذه الخطوة تعكس توجهًا أوسع لاستعادة نموذج القيادة الذي كان سائدًا في فترات تاريخية مثل الحرب الأهلية الأمريكية، حيث كان الجنرالات يقودون من الخطوط الأمامية، ويتعرضون لنفس المخاطر التي يواجهها جنودهم.
هذا التصور يتناقض مع صورة "جنرالات القصور" التي انتشرت خلال الحرب العالمية الأولى، حين اتُّهم كبار القادة بالابتعاد عن ساحات القتال واتخاذ قرارات منعزلة عن الواقع الميداني.
نهاية عصر الأسلحة القديمة
لا تقتصر الإصلاحات على تقليص الرتب العليا، بل تمتد لتشمل إلغاء عقود شراء أنظمة أسلحة تُعتبر "غير ملائمة للحروب المستقبلية"، وفقًا لتعبير هيغسيث. ومن أبرز الأنظمة المستهدفة:
مروحية أباتشي AH-64D رغم سجلها الحافل في حروب مثل العراق وأفغانستان، إلا أن عمرها التشغيلي الذي يقترب من 40 عامًا (دخلت الخدمة عام 1986) يجعلها عرضة للتكنولوجيات الدفاعية الحديثة.
ومركبات هامفي التي تُستخدم منذ أربعة عقود، والتي أصبحت أقل قدرة على مواجهة الأسلحة المضادة المتطورة.
والطائرة المسيرة غراي إيغل التي تُعتبر محدودة المدى مقارنة بالطائرات المسيرة ذات التقنيات الحديثة مثل سويتش بليد.
ورغم الجدل حول إلغاء أنظمة معروفة مثل الأباتشي، يرى خبراء أن الجيش الأمريكي يحتاج إلى الاستثمار في تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والأسلحة ذاتية التشغيل لمواكبة المنافسين مثل الصين وروسيا.
تضخم الرتب
تشير البيانات التاريخية إلى أن مشكلة التضخم البيروقراطي في الجيش ليست وليدة اليوم. ففي تقرير صادر عام 1998 عن منظمة مشروع الرقابة الحكومية (POGO)، حذر الخبراء من أن عدد الجنرالات ارتفع بشكل غير متناسب مع عدد الجنود.
خلال الحرب العالمية الثانية، على سبيل المثال، كان هناك جنرال واحد لكل 6,000 جندي. وخلال الحرب الباردة (1947-1991) تراجعت النسبة إلى جنرال لكل 2,400 جندي. وفي العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين وصلت النسبة إلى جنرال لكل 1,400 جندي.
هل تنجح الخطة في تحقيق أهدافها؟
يواجه هيغسيث تحديات كبيرة في تنفيذ إصلاحاته، لعل أبرزها: مقاومة داخلية من قادة عسكريين قد يعارضون تقليص نفوذهم. والاعتماد على أنظمة قديمة في بعض الوحدات، مما قد يخلق فجوات مؤقتة في القدرات.
لكن المؤيدين يرون أن هذه الخطوة ضرورية لتعزيز "قدرة الجيش على إلحاق خسائر جسيمة بالعدو"، خاصة في ظل تصاعد التهديدات من خصوم مثل الصين في المحيط الهادئ، أو روسيا في أوروبا الشرقية. كما أنها تعكس فلسفة هيغسيث التي لخصها بقوله: "الجاهزية الحقيقية تعني إعطاء الأولوية للجنود الذين يقاتلون في الميدان، ليس للذين يخططون من خلف الشاشات".
aXA6IDEzLjU4LjQ4LjEwMyA= جزيرة ام اند امز