بالوثائق.. "العين الإخبارية" تنفرد بموقف استثنائي للنمسا من "حزب الله"
قبل سنوات قليلة، كان موقف النمسا من أنشطة حزب الله اللبناني على أراضيها ضعيفا للغاية، لكن الأمر تغير حين زاد خطر المليشيات الموالية لإيران.
فالموقف النمساوي وصل إلى حظر جميع رموز المليشيات الإرهابية، بجناحيها السياسي والعسكري، ووضع السلطات يدها على أنشطة كانت تذكر في الماضي في التقارير الإعلامية بشكل حصري، ولم تجد طريقها للخطاب الرسمي.
وقبل أيام، وافق البرلمان النمساوي في حزمة مكافحة الإرهاب الجديدة، على حظر شعارات ورموز حزب الله اللبناني بالكامل في البلاد، لكن وثائق القرارات كانت أكثر توضيحا لموقف فيينا الرسمي من الحزب الذي تدعمه إيران.
وذكرت وثيقة تفسير قرارات حزمة مكافحة الإرهاب الصادرة عن البرلمان وحصلت "العين الإخبارية" على نسخة منها، أن "حزب الله يستند إلى عقيدة ترمي بوضوح لتأسيس حكم ديني استبدادي"، و"يستخدم التعابير المعادية للسامية في دعايته ويثير العداء لإسرائيل واليهود".
وأضافت الوثيقة "لنشر دعايته، يستخدم حزب الله في الغالب قنواته الإعلامية الخاصة، والتي تنطلق من لبنان، ولكن يتم توزيعها واستقبالها حتى في أوروبا والنمسا".
وأوضحت أن "حزب الله لجأ إلى الإرهاب كثيرا لتحقيق أهدافه في أوروبا، وكان آخرها عملية بلغاريا عام ٢٠١٢".
وفي هذا الصدد نوهت بأن "الاتحاد الأوروبي انتهز هذه الفرصة لوضع الذراع العسكرية لحزب الله على قائمة الإرهاب".
لكن فيينا، وفق الوثيقة ذاتها، لم تكتف بالموقف الأوروبي، ووسّع التعديل الأخير لقانون الرموز، نطاق القانون ليشمل حظر رموز الجناح السياسي لـ"حزب الله" في الأراضي النمساوية أيضا.
وذكرت الوثيقة أنه "تمت مناقشة حظر رموز الجناح العسكري في ظل حقيقة أن أيديولوجية حزب الله بالكامل، تتعارض بشكل أساسي مع قيم المجتمع الديمقراطي وفكرة التفاهم الدولي".
وقالت إن "حزب الله هو جماعة معادية للسامية ملتزمة بتدمير إسرائيل وتسعى إلى نسخة شيعية من الحكم الديني"، مستطردة "بالإضافة إلى عدد كبير من الأنشطة الإرهابية في لبنان والأراضي الفلسطينية، يرتبط عدد من الأنشطة الإرهابية الدولية بحزب الله".
وذكرت أن "مؤيدين وداعمين لحزب الله يتواجدون في النمسا أيضًا ويتم جمع التبرعات لصالح المليشيات في الأراضي النمساوية، كما توجد بعض الجمعيات المرتبطة بالحزب".
القصد من حظر رموز حزب الله -بحسب الوثيقة- "منع هذه الحركة من القدرة على استخدام الرموز لنشر دعايتها بهدف التجنيد وجمع التبرعات وجذب المؤيدين" إلى جانب أمور أخرى.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ طالب البرلمان في وثيقته، الحكومة، ببذل مزيد من الجهود لمكافحة حزب الله، مذكرا إياها بالتوصية البرلمانية التي أصدرها في 29 مايو/ أيار 2020، ونصت على ضرورة "اتخاذ الإجراءات المناسبة والفعالة لمواصلة اتخاذ جميع الوسائل القانونية ضد الأنشطة الإرهابية والإجرامية من قبل أنصار حزب الله في البلاد".
الوثيقة ذكرت أيضا أن "حزب الله كان هو المليشيا المسلحة الوحيدة التي بقيت رسمياً في لبنان بعد نهاية الحرب الأهلية عام 1999، وبالتالي فهو في نزاع مع اتفاق الطائف لإنهاء تلك الحرب وقرارات مجلس الأمن الدولي 1559 و1701".
وتابعت "لذلك، فإن القيادة السياسية لحزب الله تتصرف على عكس الإرادة الصريحة لكل من لبنان والمجتمع الدولي".
وفي هذا السياق، لفتت إلى أن "عدة دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي اتخذت خطوات ضد حزب الله بأكمله في الأشهر الأخيرة، على سبيل المثال ألمانيا (حظر الأنشطة) وسلوفينيا (إعلان سياسي) وليتوانيا وإستونيا (حظر الدخول)".
وفي وقت مبكر من عام 2004، صنفت هولندا حزب الله بأكمله على أنه منظمة إرهابية. وكذلك فعلت المملكة المتحدة.
الوثيقة النمساوية ذكرت أيضا "من خلال أيديولوجيته المتطرفة، يعمل حزب الله بنشاط ضد القواعد والمتطلبات الأساسية للاندماج والتعايش السلمي، بما في ذلك في النمسا، ويتعارض بشكل واضح مع قيم المجتمع الديمقراطي وفكرة التفاهم الدولي".
وأضافت "في السنوات الأخيرة ظهرت هذه المجموعة في النمسا كمنظم لما يسمى "يوم القدس" السنوي"، وأردفت "مرارًا وتكرارًا كانت هناك حوادث معادية للسامية في هذه الفعالية، مثل شعارات الكراهية العلنية، وحرق الأعلام علنًا".
وحذرت من أن "أنشطة حزب الله تتشابك مع الجريمة المنظمة وتنفيذ الأنشطة الإرهابية وشبه العسكرية على نطاق عالمي. وبالتالي، فإن المجموعة بأكملها تشكل تهديدًا للسلام والأمن العام".
و"على أساس هذه التفسيرات وبالنظر إلى حقيقة أن حزب الله لا يعرف التمايز التنظيمي بين الجانب العسكري والسياسي، قررنا تمديد حظر استخدام الرموز إلى حزب الله بأكمله".
وما ذكر في هذه الوثيقة يعد اختراقا كبيرا في الموقف النمساوي والأوروبي تجاه حزب الله وأدواره سواء في أوروبا أو لبنان، إلى حد يمكن وصفها بأنها إعلان كامل ضد الحزب، وفق مراقبين.
ولم تتضمن وثيقة رسمية نمساوية في السابق، هذا الموقف القوي ضد حزب الله، بل تخطى الأمر ذلك إلى حد المطالبة بمزيد من الإجراءات ضد المليشيات الإرهابية، ما يضعها على شفا الانهيار في الأراضي النمساوية.
ولم يطالب البرلمان وحده في هذه الوثيقة بمزيد من الإجراءات ضد حزب الله، إذ تطالب منظمات ومنصات إعلامية بنفس الأمر.
وقال مركز مينا واتش النمساوي في تقرير نشره مؤخرا إن خطوة حظر الرموز ليست كافية لمكافحة حزب الله في الأراضي النمساوية، ويتطلب الأمر حزمة من الإجراءات بينها مكافحة جمع التبرعات لصالح المليشيات وعمليات غسل الأموال التي تقوم بها، فضلا عن عناصرها النشيطين في البلاد، والجمعيات المرتبطة بها.
فيما اعتبر ستيفان جريجات، المدير العلمي في تحالف "أوقفوا القنبلة"، وهي منظمة غير حكومية تنشط في أوروبا ضد إيران وحزب الله، أن "حظر الرموز في النمسا هو خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها خطوة صغيرة جدًا".
وفي تصريحات لـ"العين الإخبارية"، قال جريحات: "هناك حاجة إلى حظر كامل لحزب الله في كل من النمسا وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي.
كما دعا إلى تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية في النمسا والاتحاد الأوروبي.