قصر "أندراوس" التاريخي.. 124 عاماً من حكايات الرعب والسياسة والتاريخ
في منظر جمالي آخاذ للألباب، وببقعة ساحرة من بقاع مصر التاريخية، وقبل 124 عاماً اختار توفيق باشا أندراوس مكاناً على ضفاف نيل الأقصر ليبني قصراً منيفاً يسكنه ويقيم في ندواته السياسية الشرسة.
توفيق باشا أندرواس
في كتب التاريخ، يؤكد المؤرخون أن توفيق باشا أندراوس، كان زعيماً ينتمي إلى حزب "الوفد" العتيق الذي كان يشتهر بمعارضته للملك ويمتلك شعبية جارفة بين صفوف الشعب المصري، لمقاومته الاحتلال الإنجليزي في مصر بشراسة.
لهذا كان لأندراوس نصيب الأسد في تمثيل أبناء بلدته بمجلس النواب المصري لثلاث دورات متتالية من عام 1923 إلى 1935، ولم يجرؤ أحد على الترشح أمامه، وأطلق عليه "سبع الصعيد" بعد مبايعته لسعد زغلول باسم المسيحيين، وكان يتولى إدارة مؤتمرات حزب الوفد، ويتبرع بالأراضي والأموال لصالح خزينة الحزب.
تصدى أندراوس للإنجليز والحكومة بشكل مباشر حينما استقبل الزعيم سعد زغلول عام 1921 عندما صادرت الحكومة وسلطاتها حرية سعد زغلول في رحلته النيلية، ومنعت الباخرة التي يستقلها الزعيم من أن ترسو على أي شاطئ من شواطئ المدن، إلا أن صاحب القصر لجأ إلى حيلة شجاعة، واستضاف الزعيم في قصره وقال جملته الشهيرة: "إحنا هنرجع سعد بالقوة وأنا عندي رجالتي".
القصر
حكايات الأهالي عن القصر المنيف لا تنتهي بما يحويه من تحف والمقتنيات أثرية كانت موجودة به، ومنها قصة سيارة جميل بك، ابن توفيق باشا أنداروس، وهى من آوائل السيارات التى شاهدها الناس بالأقصر، ويقال إنها مطلية بماء الذهب.
فضلاً عن منزل مُعد للخدم خلف القصر مباشرة، وأدوات طهي وقطع ذهبية خالصة وحكايات نادرة لا تزال حديث الأقصر إلى الآن.
ضمت قائمة ضيوف قصر أندراوس إلى جانب سعد زغلول العديد من المشاهير، من بينهم الأمير أومبرتو ولي عهد إيطاليا، والعديد من الزوار عقب اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون.
وأكد أحمد عربي مدير معبد الأقصر، أن القصر له قيمة تاريخة بكل تأكيد، إلا أنه ليس قصراً أثرياً بأي حال من الأحوال، غير مدرج كأحد القصور الأثرية وعدة عوامل أدت إلى هدمه منها عنصري القدم والتشقق.
قرار إزالة قديم
وأضاف عربي: "التاريخ يحكي عن قصرين لعائلة أندراوس في مدينة الأقصر صدر لهما أكثر من قرار إزالة منذ خمسينيات القرن الماضي إبان فترة حكم الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر الذي أمر بإزالة منازل الأقصر القديمة المواجهة لمعبد الأقصر، وبالفعل تم إزالة كافة البيوت وظهر جزء من طريق الكباش ولم يزل قصرين فقط هما قصر يسي باشا أندراوس وشقيقه توفيق باشا أندرواس".
وأضاف: "في التسعينيات قررت الجهات المعنية إزالة قصر (يسي باشا أندراوس) الذي كان قد تحول إلى مكان مخصص لعدد من المصالح الحكومية ثم تم نقلها إلى مكان آخر، وتم هدم القصر الذي لم يكن أثرياً ولم يدرج في سجلات القصور الأثرية نهائياً".
جريمة قتل وتنقيب
وأوضح "عربي" أن قصر توفيق باشا أندراوس الذي ارتبط وشقيقه بحزب الوفد فترة حكم الملك فاروق في مصر، ظل قائماً ولم يهدم ويسكنه ابنتيه حتى عثر عليهما عام 2010 مقتولتين، وبحكم قضائي تملكته إحدى الورثة رغم صدور قرار إزالة له وظلت فيه إلى أن داهمت المباحث القصر بعد أن ثبت قيامها بالتنقيب على الآثار أسفل القصر وتم الحكم عليها بالحبس.
آثار رومانية تحته
مساحة القصر تصل إلى 917 متراً، وعمق داخل معبد الأقصر يصل إلى 37 متراً، ويقع بين معبد الأقصر وطريق الكباش وواجهته على نهر النيل بمساحة 25 متراً، وداخل حرم معبد الأقصر.
ومن المؤكد أن تحته آثار رومانية ترجع إلى فترة تواجد الرومان في مصر حين اُستخدم المعبد كمعسكر، فتم إزالته كونه ليس أثرياً فضلاً عن أنه قابل للسقوط في أي وقت جراء عمليات التنقيب التي تمت وأدت في النهاية إلى تهشم جدرانه وتشققها.
وأعلن الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إنه فور الانتهاء من إزالة وهدم القصر بالكامل سيتم البدء في أعمال الحفر، حيث أنه يوجد أسفله معبد روماني وسيتم الكشف عنه بالكامل خلال الفترة المقبلة.
وأنهى مجلس مدينة الأقصر، الأربعاء، إزالة القصر، وتم إزالة المباني بمحيط معبد الأقصر تنفيذاً لقرار لجنة المبانى الآيلة للسقوط، حيث تمت عمليات الهدم بإشراف مجلس مدينة الأقصر وبالتنسيق مع أجهزة الشرطة والهيئة المصرية للآثار.