«غلاديتور 2».. أخطاء فنية وتاريخية تتحول إلى «كوميديا غير مقصودة»
بعد مرور أكثر من عشرين عاماً على الإصدار الأول الذي اجتاح الشاشات وقلوب الجماهير، عاد فيلم "غلاديتور" إلى الساحة مجدداً بجزئه الثاني.
ورغم الحماس الذي حمله عُشاق الجزء الأول لرؤية أبطال السيوف والرمال مجدداً، يبدو أن "غلاديتور 2" وقع في أخطاء فنية وتاريخية، قد تكون هي الأكبر في مسيرة العمل، لتحول قسماً كبيراً من أحداثه إلى ما يشبه الكوميديا غير المقصودة.
جاء في نقد مجلة الإيكونوميست للفيلم أن إحدى أكثر اللحظات سخرية في الفيلم تتجسد حين يظهر أحد المحاربين ممتطياً وحيد قرن في ساحة المعركة، أو حين يخوض البطل لوسيوس (الذي يلعب دوره بول ميسكال) المعارك بجانب زوجته التي ترتدي درعاً مصمماً وفقاً لمقاييس جسدها. هذه الإضافات "الإبداعية" في الفيلم تقلب الحقائق التاريخية وتثير تساؤلات حول دقة العرض، خاصة أن الفترة الرومانية لم تكن معروفة بتقديم دروع متخصصة للنساء، ولا بمشاركتها في الحروب.
تظهر الأخطاء الفنية كذلك عندما يعيد الفيلم استخدام بعض العبارات الأيقونية من الجزء الأول، مثل "القوة والشرف" و"سآخذ انتقامي"، ما يضفي طابعاً متكرراً وغير مبتكر على الشخصية الجديدة. ويبدو أن إعادة استخدام هذه العبارات لا تحقق نفس التأثير العاطفي الذي حققه الجزء الأول.
كان الإصدار الأصلي للفيلم عام 2000، وشهد آنذاك استقبالاً حافلاً من النقاد والجمهور، ونجح في تحقيق نجاح عالمي هائل، إذ حصد خمس جوائز أوسكار وأعاد الرومان إلى واجهة السينما بطريقة جعلتهم يبدون رموزاً للحرية والعدالة.
لكن الإصدار الجديد يبدو أنه يفتقر إلى الرؤية الواضحة التي كانت تميز الجزء الأول؛ إذ يحاول الفيلم طرح مفاهيم الديمقراطية بطريقة غير متماسكة، وتبدو معالجته لعلاقة الطبقات في المجتمع الروماني سطحية، حيث يصور الأغنياء كرموز للفساد، ويجعل من المهاجرين والعبيد أبطالاً يقاومون الظلم.
وتأتي الإضافات "الحديثة" كالتنوع العرقي وتصوير المرأة كمقاتلة في المعركة، لتبرز التحديات التي يواجهها الفيلم في معالجة القيم العصرية وسط بيئة تاريخية، حيث بدت هذه الإضافات غير مقنعة وساهمت في إضعاف تماسك القصة. ورغم أن روما كانت فعلاً إمبراطورية متنوعة من حيث الأعراق، إلا أن تصويرها كدولة ديمقراطية ومجتمع مثالي يتعايش فيه الجميع بسلام يُعدّ تبسيطاً يخلو من الواقعية.
أما عن الجوانب الفنية في الفيلم، فقد افتقر "غلاديتور 2" إلى الجاذبية البصرية التي تميز بها الجزء الأول. بينما قدم الجزء الأول مشاهد قتالية مثيرة ونقل المشاهدين إلى عصر القوة العسكرية الرومانية، ينقلنا الجزء الثاني إلى "معركة بحرية هزلية" حيث تتجلى المفارقات بوجود جزر نخيل وأسماك قرش في الساحة.
في النهاية، بينما يظل "غلاديتور" الأول حاضراً في الذاكرة كأيقونة سينمائية أعادت تصوير روما في أذهان المشاهدين، يبدو أن "غلاديتور 2" لم ينجح في إعادة إحياء روما بالشكل الملهم ذاته، بل قدم رؤية باهتة ومشوشة للحقبة الرومانية.