أمل يُجابِه البؤس.. مبادرات لانتشال الفقراء والمشردين في السودان
مبادرات رسمية وأخرى أهلية، مثل "رفقة"، "أقمار الضواحي"، "شارع الحوادث"، و"مجددون" تكافح الفقر والتشرّد في السودان.
في عاصمة يقطنها أكثر من 9 ملايين نسمة، نزح أغلبهم إليها من الأطراف نتيجة الحروب الأهلية والتهميش، ينتشر في الخرطوم آلاف الفقراء والمحرومين، وسط بؤس وفقر مدقع لا يغشاه الأمل إلا لماماً، من مبادرات رسمية وأخرى أهلية، مثل المنظمات الشبابية، كـــ"رفقة"، "أقمار الضواحي"، "شارع الحوادث"، و"مجددون" وغيرها.
هذه المبادرات التي يقودها شباب من الجنسين، تنشط منذ سنوات في جوانب خيرية عدة، وكرست جهودها لانتشال الفقراء والأيتام والمشردين في شوارع العاصمة السودانية.
ووفق الأمم المتحدة يقع نصف سكان السودان تحت خط الفقر، أي ما يفوق 15 مليون سوداني، حسب إحصاء عام 2014.
وتعدّ "رفقة" منظمة مجتمع مدني تنشط منذ عام 2005 في مجال كفالة الأيتام وتوفير الكساء والطعام والتعليم لهم، وغيرها من الاحتياجات، فضلا عن رعايتهم حتى يصبحوا عناصر فاعلة في المجتمع.
وتقدم "رفقة" كفالةً شهريةً للأيتام أقل من 18 سنة، وتوزع عليهم حقائب مدرسية ورمضانية، وخراف الأضاحي، وتنظم لهم يوماً ترفيهياً أثناء عطلة المدارس الصيفية.
وقالت عضو منظمة "رفقة"، ليلى الطاهر لــ: "العين الإخبارية": "هدفنا من تنظيم المعرض هو جمع الأموال، لدعم الأطفال الأيتام".
فيما ذكرت المنسق الإعلامي للمشروع، نشوى عوض أن العمل الخيري الذي تقدّمه "رفقة"، اتسع ليبلغ عدد المكفولين الكلي 750 يتيماً ويتيمة حتى نهاية 2018.
ومع بداية كل فصل شتاء، تبذل المنظمة جهوداً حثيثةً لتخفّف معاناة الأطفال الفقراء والمشردين والأيتام، الذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ببطون خاوية؛ بسبب النقص الحاد في الطعام، ليواجهوا البرد والرياح الجافة بلا أغطية.
وأفادت نشوى بأن المنظمة تتخذ من مجمع الكليات الطبية التابع لجامعة الخرطوم مقراً لنشاطها، وتعمل على إنجاح حملة "الشتاء الدافئ"، إذ تستهدف تدفئة أكثر من 700 يتيم في 150 أسرة عبر توفير أغطية وملابس.
ولا توجد إحصاءات رسمية دقيقة لأعداد الأطفال الأيتام في السودان، لكن حسب المختصين، فإن عدد الأيتام في ولاية الخرطوم وحدها بلغ 60 ألفاً حتى عام 2017، بعد أن كانوا قرابة 56 ألفاً، عام 2013.
وتسعد نشوى ورفاقها في المنظمة، بأن مشروع المنظمة بدأ يثمر بازدياد أعداد المتطوعين للعمل في جمع التبرعات في الخرطوم وأطرافها المترامية.
وبكثير من الإعجاب أضافت أن "المشروع لا يتوقف عند مساعدة الأيتام، بل يمتد ليشمل إعادة إعمار منازلهم التي دمرتها السيول والأمطار".
السبب الرئيس في ارتفاع عدد الأطفال الأيتام والمشردين في الخرطوم، وفق نشوى، هو الحروب والفقر والأوضاع الاقتصادية المتردية.
وإضافة إلى تشرّد أطفال أيتام، ترتب على الحروب في ولايات دارفور (غرب)، وجنوب كردفان (جنوب)، والنيل الأزرق (جنوب شرق) أوضاعاً إنسانيةً بالغة التعقيد، أجبرت آلاف السكان على الهجرة إلى الخرطوم.
وخلَّف النزاع المسلح، المندلع في إقليم دارفور منذ العام 2003 بين القوات الحكومية وحركات متمردة، حوالي 300 ألف قتيل، وأدى إلى نزوح نحو 2.7 مليون شخص إلى خارج السودان وداخلها، وزاد من حالات اليتم بين الأطفال.
وازداد الوضع سوءا بسبب الحرب التي اندلعت بين القوات الحكومية وقوات الحركة الشعبية لتحرير السودان/ الشمال، في جنوب كردفان والنيل الأزرق، عام 2011، حيث تأثر بها زهاء 1.2 مليون شخص، حسب إحصاءات أممية.
وترسم أعداد القتلى في الحروب والفارين منها، والذين هربوا من أسرهم بسبب الفقر، صورة تقريبية عن الأرقام الحقيقية لتشرد الأطفال الأيتام وغير الأيتام في السودان، إذ يبلغ إجمالي عدد الفارين المعترف به دوليا 60 ألفاً.
وتخطط منظمة "رفقة" لتعميم أنشطتها في كل ولايات السودان (18)، ولا يعترض أحلامها العريضة بإنقاذ الأطفال الأيتام والمشردين، إلا نقص التمويل الذي يعتمد أساساً على تبرعات أهل الخير.
أما بالنسبة إلى مجموعة "أقمار الضواحي"، التي أُسِّست في 2013 وهي الكيان الذي ينضوي تحته محبو الفنان الراحل محمود عبدالعزيز، فأنجزت للعام السادس على التوالي، مشروع "الحقيبة الرمضانية" بجهد ذاتي مقدر من أعضاء المجموعة.
والمشروع ثابت لتوفير مستلزمات الشهر الكريم للأسر المتعففة راسماً ملامح الفرح على وجوههم كما هي عادته دائماً في أن ينثر البهجة.
وقال رئيس مجموعة "أقمار الضواحي"، محمد بابكر، لـ: "العين الإخبارية" إن المجموعة قدّمت "حقيبة الصائم" لحوالي 500 أسرة، وأقامت إفطارات يومية للمعتصمين بمقر القيادة العامة للجيش السوداني.
بالنظر إلى مبادرة "شارع الحوادث"، فقد أطلقها عدد من الشباب قبل 7 أعوام وأصبحت حالياً الأكثر شعبية من بين منظمات المجتمع المدني في السودان.
ورغم أن المبادرة وخلافاً لبقية منظمات المجتمع المدني لا تنخرط في أي شكل من أشكال الممارسة السياسية، لكنها تؤدي أدواراً مهمةً في توفير العلاج لآلاف المرضى في العاصمة وسائر الولايات.
أما مبادرة "مجددون" التي يقودها شباب من الجنسين، فتنشط منذ 2010 في جوانب خيرية عدة، قبل أن تكرّس جهودها، مؤخراً، لرعاية الأطفال المشردين بشوارع العاصمة السودانية.
وبحسب إحصائيات رسمية، يبلغ عدد المشردين في الخرطوم، وأغلبيتهم من الأطفال، 6 آلاف، لكن منظمات طوعية تقدرهم بأكثر من ضعف هذا الرقم.
وبدأت "مجددون" مشروعها ، بتوفير وجبة الإفطار للتلاميذ في مدارس الأحياء الفقيرة، فكان أن لفت أنظار ناشطيها، تجمع عدد من الأطفال المشردين، للحصول على ما يسد رمقهم، فألهمهم ذلك إطلاق مبادرة خاصة بهذه الشريحة.
وارتكز هذا المشروع على شعار "الإفطار مقابل التعليم"، وذلك بتوفير وجبات تحفز هؤلاء الأطفال على الانتظام في حصص دراسية، تمحي الأمية المتربصة بهم.
وبعد مرور شهور على إطلاقها، جذبت المبادرة عشرات المشردين، وتطورت إلى مشروع أوسع، يستهدف إعادة تأهيلهم بتوفير سكن للإقامة الدائمة، يبعدهم عن حياة التشرد وتبعاته من الإدمان واحتراف الجريمة.
واتخذت "مجددون" من مساحة مكشوفة على شاطئ نهر النيل، مقراً لتدريس الطلاب، وفق منهج "محو الأمية" الرسمي.
وجاء اختيار الشاطئ كمقر للمبادرة لكونه المكان الذي يتجمع فيه غالبية الأطفال المشردين، علاوة على قربه من المخيم، الذي أسسته المبادرة، ليقيم فيه الطلاب بشكل دائم، كما تقول علياء عماد الدين، المشرفة على المشروع.
وتخطط المبادرة لتوسعة مشروعها، ولا يحد أحلامها في نجدة هولاء الأطفال أن عددهم يتسع، مقابل تمويلهم المحدود، الذي يعتمد بالأساس على تبرعات الخيرين.