تصاعد هجمات الحوثي ضد السعودية.. التوقيت والدلالات
14 هجوما بصواريخ باليستية ومسيرات حوثية مفخخة ضد أعيان مدنية سعودية خلال 9 أيام، من بينها 3 هجمات خلال الساعات الماضية.
وترسل الهجمات الأخيرة، في توقيتها، رسائل خطيرة مفادها تحدي الإرادة الدولية والجهود السعودية والدولية المتواترة لإحلال السلام في اليمن.
فالتصعيد يأتي بالتزامن مع تعيين المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن، "هانس جروندبرج"، الأمر الذي يكشف عن محاولة حوثية إيرانية واضحة لوضع عراقيل أمام جهوده لإنهاء الأزمة سياسيا، خصوصا أن السعودية لا تزال تتمسك بمبادرتها لإحلال السلام في تلك البلد.
كما يأتي بعد شهر من تسلم الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي مقاليد الحكم واستقباله وفدا من مليشيات الحوثي الانقلابية في طهران، في رسالة واضحة على مضي إيران قدما في سياستها المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة.
كذلك يأتي التصعيد في محاولة لتحقيق مكاسب وهمية باستهداف المدنيين بعد الخسائر المتلاحقة التي منيت بها المليشيات الإرهابية في جبهات القتال، خصوصا في مأرب.
ويرى مراقبون أن تصاعد الهجمات الإرهابية الحوثية على السعودية يضع المجتمع الدولي أمام ضرورة مراجعة حساباته في التعامل مع الملف اليمني، والبحث عن آليات فعالة وبدائل جديدة وعملية لردع تلك المليشيات وداعميها.
وبينوا أن هذا التصعيد يؤكد أن المليشيات الحوثية ترفض السلام ولا ترغب في حل سياسي لحل الأزمة اليمنية.
في المقابل تكشف كفاءة الدفاع الجوي السعودي وكفاءة قوات تحالف دعم الشرعية في إحباط تلك الهجمات المتتالية في وقت قصير.
هجمات متواصلة
ونجح التحالف العربي بقيادة السعودية، اليوم الخميس، في اعتراض وتدمير طائرة مسيرة مفخخة، هي الثالثة التي تطلقها مليشيات الحوثي باتجاه خميس مشيط خلال ساعات.
يأتي تدمير الطائرات المسيرة المفخخة الثلاث بعد 3 أيام من نجاح الدفاعات الجوية السعودية في اعتراض وتدمير 3 صواريخ باليستية و3 طائرات مسيّرة مفخخة أطلقتها المليشيات الحوثية المدعومة من إيران باتجاه المنطقة الشرقية، جازان، ونجران يوم السبت 4 سبتمبر/أيلول الجاري.
وتسببت عملية الاعتراض في تناثر الشظايا على حي ضاحية الدمام، ونتج عن ذلك إصابة طفل وطفلة سعوديين، وتضرر 14 منزلاً سكنياً بأضرار خفيفة.
ومطلع الشهر نفسه، أعلن تحالف دعم الشرعية في اليمن اعتراض 4 طائرات مسيرة حوثية مفخخة صوب السعودية وتدميرها في الأجواء اليمنية.
وبعدها بيوم، دمّرت الدفاعات الجوية السعودية، (الخميس 2 سبتمبر)، طائرة مسيرة مفخّخة أطلقتها مليشيات الحوثي الإرهابية باتجاه خميس مشيط (جنوب المملكة).
ودأبت مليشيات الحوثي على استهداف المدنيين في السعودية بالصواريخ أو الطائرات المفخخة التي تتمكن قوات التحالف من اعتراضها وتدميرها.
ولاقت هجمات الحوثي على المناطق المدنية إدانات عربية ودولية، مؤكدين أن استمرارها يقوض حل الأزمة اليمنية.
عرقلة السلام
يأتي هذا التصعيد وسط جهود أممية وسعودية متواصلة لإحلال السلام في اليمن، ومحاولات مستمرة من الحوثيين لعرقلتها.
تصعيد تزامن مع تعيين المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن، "هانس جروندبرج"، الذي تسلم مهام عمله قبل أيام وسط آمال بالدفع بمبادرات السلام لإنهاء الصراع الدائر منذ نحو سبع سنوات، التي كان آخرها المبادرة السعودية التي أقرتها الأمم المتحدة.
وقال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، "هانس جروندبرج"، الأحد، إنه سيبذل كل ما بوسعه للمساهمة في تحقيق سلام دائم وعادل في اليمن.
جاء ذلك في أول رسالة يوجهها "جروندبرج" إلى اليمنيين منذ إعلان تعيينه مبعوثاً خاصاً للأمم المتحدة إلى اليمن، خلفاً للبريطاني "مارتن جريفيث".
واصطدمت كل مبادرات السلام في اليمن بتعنت مليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران، التي اختارت الاستمرار في العمليات العسكرية، أملاً في تحقيق مكاسب جديدة، إلا أنها فشلت في جميع محاولاتها.
وتؤكد السعودية أن مبادرة السلام التي طرحتها المملكة ما زالت قائمة، وتدعو الحوثيين إلى وقف إطلاق النار والجلوس على طاولة المفاوضات.
وفي مارس/ آذار الماضي، أعلنت السعودية مبادرة للسلام في اليمن تضمنت وقفا شاملا لإطلاق النار وتخفيف قيود شحنات الوقود المتجهة إلى ميناء الحديدة وفتح مطار صنعاء بإشراف من التحالف والأمم المتحدة واستئناف العملية السياسية.
ومع تشديد التحالف الذي يقوده السعودية على أنه يدعم الحل السياسي والجهود الدولية لحل الأزمة اليمنية، لكنه في المقابل لا يتهاون مع التهديدات التي تشكلها الهجمات الحوثية.
كما أكدت وزارة الدفاع أنها ستتخذ الإجراءات اللازمة والرادعة لحماية أراضيها ومقدراتها، ووقف مثل هذه الاعتداءات العدائية والعابرة للحدود لحماية المدنيين والأعيان المدنية وبما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية.
وكان التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن قد أعلن نهاية يوليو/تموز الماضي أن إجمالي انتهاكات المليشيات الحوثية الإرهابية بلغت 128796 انتهاكا، شملت 383 صاروخا باليستيا، و690 طائرة مسيرة، و79 زورقا، و205 ألغام بحرية، و96912 مقذوفا.
تلك الأرقام ترتفع بشكل كبير مع إضافة الهجمات التي وقعت خلال شهر أغسطس/ آب الماضي والثلث الأول من الشهر الجاري.
أرقام تكشف تصاعد الإرهاب الحوثي من جانب، وكفاءة قوات الدفاع الجوي السعودي من جانب آخر.
ونجحت قوات الدفاع الجوي السعودي منذ انطلاق عاصفة الحزم وإعادة الأمل في التصدي للهجمات الصاروخية المعادية بنجاح كبير وإفشالها بواسطة بطاريات صواريخ "باتريوت" المضادة للصواريخ الباليستية.
فشل متواصل
أرقام تكشف الفشل المتواصل للمليشيات الحوثية، ومحاولتها تحقيق أي مكاسب وهمية، خصوصا بعد تدهور موقفها في جبهات القتال لا سيما في مأرب وخسارتها عددا من قياداتها.
وتشهد جبهات مأرب -التي تحتضن أكثر من مليوني نازح- معارك محتدمة منذ مطلع العام الماضي، تعرضت خلالها مليشيات الحوثي لخسائر فادحة من بينها قيادات ميدانية تنتحل رتبا عسكرية رفيعة.
وترفض مليشيات الحوثي الدعوات لوقف القتال وتسعى للسيطرة على المحافظة الغنية بالغاز والنفط، غير أن محاولاتها الفاشلة تواجه بصلابة تحالف دعم الشرعية وقوات الجيش اليمني.
رسائل إيرانية
أيضا يأتي التصعيد بعد شهر من تسلم الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي مقاليد الحكم واستقباله وفدا من مليشيات الحوثي الانقلابية في طهران، في رسالة واضحة على مضي إيران قدما في سياستها المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة.
وأكدت الحكومة اليمنية أن التصعيد العسكري للحوثيين واستهداف المدنيين في المملكة العربية السعودية، مؤشر على مضي المليشيات في حربها.
وقال رئيس الحكومة اليمنية الدكتور معين عبد الملك، الأحد، أن التعنت الحوثي يتطلب موقفا دوليا حازما وواضحا.
وجدد معين عبد الملك حرص الحكومة الشرعية على السلام وحقن دماء اليمنيين، وما قدمته من تنازلات في سبيل ذلك يقابلها في كل مرة تعنت ورفض مليشيات الحوثي بتوجيهات من داعميها في إيران.
واعتبر رئيس الحكومة اليمنية إيران سببا رئيسيا في كل هذا الدمار والخراب الذي لحق باليمن وما يعانيه شعبه من نزيف مستمر في الدماء والكارثة الإنسانية الأسوأ في العالم.
محاسبة دولية
وإضافة إلى مطالبات الحكومة الشرعية اليمنية بموقف دولي حازم، دعت السعودية والدول العربية، المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه هذه الأعمال الإرهابية والجهات التي تدعمها.
ورأس الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، اليوم الخميس، اجتماع اللجنة الوزارية العربية الرباعية المعنية بمتابعة تطورات الأزمة مع إيران وسبل التصدي لتدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول العربية، وذلك على هامش أعمال الدورة 156 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري بمقر الجامعة العربية في القاهرة.
وبحث الاجتماع تعزيز التنسيق المشترك لوقف التدخلات الإيرانية التخريبية في المنطقة، ووقف تمويل إيران لمليشيات الحوثي الإرهابية في اليمن والجماعات الإرهابية المتطرفة التي تهدد السلم والأمن الدوليين.
ومساء الأربعاء، أكد مندوب المملكة العربية السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله بن يحيى المعلمي، أن استهداف مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران للمدنيين الأبرياء في المنطقة الشرقية بالمملكة وجازان ونجران في 4 سبتمبر/أيلول 2021 بـ3 صواريخ باليستية و3 طائرات مسيرة مفخخة، جريمة حرب شنيعة وانتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي.
جاء ذلك في رسالة بعث بها مندوب المملكة السفير عبدالله المعلمي، مساء الأربعاء، إلى مجلس الأمن الدولي، دعا فيها إلى محاسبة مليشيات الحوثي المدعومة من إيران.
وأفاد بأن المملكة العربية السعودية ستتخذ كافة الإجراءات اللازمة والرادعة لحماية أراضيها ومقدراتها الوطنية، ووقف هذه الأعمال العدوانية المعادية العابرة للحدود، وحماية المدنيين والأعيان المدنية وفقاً للقانون الدولي الإنساني.
وقال: "لذلك، ومع استمرار هذه الهجمات التي تشنها مليشيات الحوثي المدعومة من إيران، في عرقلة الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار الإقليمي والسلام الدولي، وتقويض جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي شامل في اليمن، فإننا ندعو مجلس الأمن إلى التنديد بشدة بهذه الأعمال، وتحمل مسؤوليتها تجاه مليشيات الحوثي المدعومة من إيران ومزود أسلحتها، وحرمان الموارد التي تمول عملهم العدواني الذي يهدد الأمن والسلم الدوليين".
aXA6IDE4LjExOC4yMjcuMTk5IA==
جزيرة ام اند امز