الحل الأخير.. كيف يمكن تجنيب أفغانستان "كارثة منتظرة"؟
كشف باحث بريطاني عن تقرير مسرب لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية عن "انهيار" حكومة الرئيس الأفغاني خلال 2021.
وسقطت عشرات المناطق بأفغانستان البالغ عددها نحو 400 منطقة، في أيدي حركة طالبان منذ الربيع، كما سيطرت الحركة على 9 من عواصم الولايات الـ 34 في البلاد.
وتزامن سقوط المناطق الأفغانية مع رحيل القوات الأمريكية وشركائها بحلف الناتو باستثناء قوات تتواجد في مطار كابول والسفارات الرئيسية في العاصمة.
وطرح الباحث البريطاني ميخائيل أوهانلون سؤالا: هل ستسقط كابول قريبا؟ وهل ستسيطر طالبان بشكل عام على البلاد كما فعلت في آواخر تسعينيات القرن الماضي باستثناء جيوب شمالي البلاد؟
إجابة "أوهانلون" على السؤالين السابقين حملها تقرير نشرته مجلة "ناشيونال إنتريست" الأمريكية عن اعتقاد وكالة الاستخبارات المركزية بأن ذلك بات متوقعا.
ويبدو أن التقرير المسرب مؤخرا من الوكالة الأمريكية يرى أن حكومة الرئيس أشرف غني قد تنهار خلال هذا العام.
وأضاف الباحث البريطاني: "للأسف أدى قرار الرئيس جو بايدن بإخراج القوات الأمريكية من أفغانستان، وسحبها بسرعة هذا العام، إلى إثارة شكوك حول مستقبل هذا البلد".
وتابع: "من المؤكد أن الأمور كانت سيئة من قبل. لكنها أسوأ بكثير الآن. وسواء أصبحت أفغانستان ملاذا آمنا مرة أخرى لتنظيم القاعدة أو الإرهابيين المرتبطين بها أم لا، سيتعين العمل بجد لضمان ألا يكون الأمر كذلك".
ومضى في حديثه: "يعني ذلك أن بايدن قد ينتهي به الأمر إلى إنفاق المزيد من الموارد والوقت على أفغانستان بعد الانسحاب أكثر مما كان عليه الحال من قبل".
وأشار إلى أن ملايين الأفغان، بمن فيهم النساء والأقليات والمثقفون والإصلاحيون وأصدقاء الولايات المتحدة، يواجهون الآن خطرا أكبر من أي وقت مضى.
وأردف: "لكن لم يفقد كل شيء بعد. وعلى سبيل المثال اعتقدت وكالة الاستخبارات المركزية أن الرئيس السوري بشار الأسد لن يستمر أكثر من بضعة أشهر، والآن وبعد عقد من الزمان، لا يزال الأسد رئيسا لبلاده".
وفي رأي الباحث البريطاني "هناك مستقبل محتمل آخر لأفغانستان، وعلى الرغم من أنه ليس جيدا، إلا أنه أفضل بكثير من الناحية الاستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة".
ويتمثل المستقبل الأفغاني في وجود حالة جمود عسكري، تسيطر فيها حركة طالبان على بعض المناطق في البلاد وكذلك الحكومة في حين تسيطر الميليشيات الصديقة على جزء كبير آخر.
وربما - مع قليل من الحظ- من الممكن أن يؤدي هذا النوع من جمود الوضع مع مرور الوقت إلى إمكانية إجراء مفاوضات بشأن تقاسم السلطة.
وقال أوهانلون: إن مبدأ تقاسم السلطة يمكن أن يساعد – كحد أدنى - في إبقاء حلفاء الولايات المتحدة ضمن المعادلة وتوفير أجزاء آمنة نسبيا من البلاد يمكن أن يتم فيها تموضع عناصر أجهزة استخبارات صديقة، مما يسهل منع ظهور ملاذات متطرفة عنيفة في أفغانستان في المستقبل.
وأضاف الباحث البريطاني: "لكي نرى كيف يمكن تحقيق هذا النوع من التقسيم الفعال للبلاد، فإنه من المفيد رسم صورة تقريبية لأفغانستان؛ إذ يعيش معظم سكان البلاد البالغ عددهم 40 مليون نسمة في المناطق الريفية".
وواصل حديثه: "أما المدن الأساسية فتأتي على رأسها العاصمة كابول التي تقع تقريبا في المركز الجغرافي ثم 4 مدن إقليمية كبيرة على طول محيط البلاد متصلة بـ (الطريق الدائري)، وهناك مدينة مزار الشريف في الشمال، وجلال آباد في الشرق، وقندهار في الجنوب، وهيرات في الغرب".
وبحسب أوهانلون فإنه لم تسقط أي من هذه المدن الكبرى في يد طالبان، على الرغم من أن قندهار (المعقل الملهم لحركة طالبان والمعقل السابق لأسامة بن لادن) يجري التناحر عليها الآن.
وتضم كابول وهذه المراكز الإقليمية الرئيسية معا حوالي 10 ملايين شخص. ويعيش عدة ملايين آخرين في مدن أصغر مثل قندوز، التي سقطت في الواقع، وكذلك مساحات معينة من الأراضي التي يجتازها الطريق الدائري.
وأكد ضرورة أن تركز أي استراتيجية منطقية للحكومة الأفغانية، يدعمها الشركاء الدوليون، على هذه الأولويات.
وقد لا يرغب الرئيس الأفغاني أشرف غني في الإعلان عن المدن الأصغر التي سيتم التنازل عنها لطالبان في المستقبل لكن مع ذلك، تحتاج الحكومة إلى تشكيل خطة حول متى وأين تحارب؟؛ حيث من المحتمل أن يتضمن جوهر الاستراتيجية هذه العناصر.
ومن بين تلك العناصر، بحسب أوهانلون، حماية كابول والمراكز الإقليمية الأربعة الرئيسية، حتى لو سقطت قندهار.
وقال: "لندرك أيضا أنه لا يمكن تماما منع الهجمات بالسيارات المفخخة، مثل تلك التي وقعت الأسبوع الماضي في كابول بالقرب من منزل وزير الدفاع، وغيرها من الهجمات المذهلة".
واقترح الباحث البريطاني إعداد تفصيل واضح لقطاعات الجيش الأكثر فاعلية، بدءا بالقوات الخاصة وربما التشكيلات الرئيسية للجيش مثل الفيلقين 201 و203، اللذيْن يركزان على شرق البلاد.
ويمكن الاستعانة بهذه القوات المهمة للدفاع عن المدن الرئيسية والقيام بهجمات مضادة انتقائية.
واختتم حديثه بالتأكيد على إمكانية وضع خطة مع الولايات المتحدة وحلف الناتو لتمويل الجيش وبعض الميليشيات المناهضة لطالبان التي يمكن أن تساعد في الاحتفاظ بالأراضي في أجزاء معينة من البلاد؛ حيث إن الميليشيات أقوى من الجيش، شريطة أن تلتزم الميليشيات بمعايير أساسية معينة لحقوق الإنسان وضبط النفس.
aXA6IDE4LjExOC4xMzcuOTYg
جزيرة ام اند امز