مع انطلاق COP28.. كيف تجري عملية التفاوض في الغرف المغلقة؟
في الغرف المغلقة بمؤتمرات المناخ، يجلس ممثلو الدول والتكتلات المختلفة، حول طاولة متخمة بالملفات، في لعبة شد وجذب تبدأ من الأجندة وتصل إلى الكلمة والعبارة في الوثيقة التي تصدر عن المؤتمر.
وعادة ما تنتشر العناوين عن الجلسات الجانبية، أو نتائج المفاوضات، لكن قليلا من المعلومات متاحة عن عملية التفاوض نفسها، وكيف تدخل المفاوضات في عملية معقدة ومتعددة المستويات من النقاشات، من أجل التوافق.
- أفريقيا تعول على COP28 من أجل حلول فاعلة لمواجهة التغير المناخي
- بلومبرغ: COP28 أمل العالم في مواجهة فوضى المناخ
من الدولة إلى التكتل.. كيف تُصاغ المصالح؟
نقطة بداية المفاوضات ليست مؤتمر المناخ، بل هو بمثابة خط النهاية في ماراثون طويل يستمر على مدار عام، تشمل أشهر من التخضيرات على مستويات مختلفة.
المستوى الأول (الوطني): إعداد مسؤولي كل دولة مواقف ومنطلقات دولتهم في مفاوضات المناخ في إطار ورقة موقف وطنية.
المستوى الثاني (التكتل): كل دولة تشغل عضوية تكتل أو أكثر في مفاوضات المناخ، مثل تكتل الدول الأفريقية وتكتل الدول متشابهة التفكير (like minded states)، وتكتل دول شرق أوروبا، وتكتل "جي ٧٧ + الصين"، وغيرها.
كل تكتل يضع ورقة موقف خاصة به، تحدد تحركاته ومنطلقاته في المفاوضات خلال كوب، وتتأثر بمواقف الدول الأقوى داخله، وعادة ما يجري التوافق على ورقة موقف كل تكتل، قبل أسابيع قليلة من مؤتمر الأطراف.
وعلى سبيل المثال، توافقت دول الاتحاد الأوروبي على ورقة موقف التكتل، في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
آلية هذا التوافق تتلخص في جمع مواقف دول كل تكتل والتوفيق بينها، وصياغتها في ورقة موقف أولية سرية، لا يمكن تسريبها إلى أي طرف آخر، وتشمل حدود التنازلات ومحددات المواقف المشتركة في القضايا المختلفة.
بيد أن هذه الورقة المعدة قبل المؤتمر ليست نهائية، بل تخضع للتنقيح بالحذف أو الإضافة، خلال جلسات مؤتمر الأطراف، تأثرا بما يحدث في سياق المفاوضات ومواقف الأطراف المختلفة الأخرى، والضغوط، وغيرها من العوامل.
وعادة ما يعقد كل تكتل اجتماعا مغلقا واحدا على الأقل يوميا خلال فعاليات الكوب، وفي الأغلب اجتماعين، أحدهما في الصباح والآخر في نهاية اليوم، لمناقشة مستجدات التفاوض والتوافق على مواقف جديدة إذا لزم الأمر.
محطة الشد والجذب
المستوى الثالث: المفاوضات متعددة الأطراف داخل COP، وهذه المناقشات والشد والجذب، تحدث في أروقة المؤتمر، سواء في الغرف المغلقة أو خارجها.
وبالتوازي مع عملية التوافق المغلقة والمستمرة في أروقة كل تكتل، هناك المفاوضات خارج الغرف المغلقة أو كما وصفها مصدر في حديث لـ"العين الإخبارية"، "عمليات بناء التأثير"، وهي تلك المفاوضات الجانبية غير الرسمية التي تجري بين ممثلي الأطراف المختلفة في الممرات وفي صالات الطعام ومناطق القهوة.
هذه الجلسات جزء أساسي من التفاوض، ويمكن أن تجمع أطراف من تكتل واحد لمحاولة مناقشة خلاف ما داخل التكتل بعيدا عن ضغوط الغرف المغلقة والتوصل لتوافق يمكن بعد ذلك سحبه إلى تلك الغرف.
كما يمكن أن تجمع أطرافا عابرة للتكتلات، وفي هذه الحالة تتمحور حول بناء توافقات حول القضايا الرئيسية أو محاولة طرف ما حشد التأييد لموقفه في قضية محل تفاوض.
الأكثر من ذلك، قد تحدث هذه المناقشات غير الرسمية في صالات الطعام، والممرات، وغيرها، في عملية تبادل غير رسمية يكون لها آثارها على مسار التفاوض.
هذه العملية المعقدة والمتعددة المستويات، ترمي لصياغة مواقف توافقية في القضايا الفنية، وتشمل في مراحلها النهائية جمع الصياغات المختلفة (تطرحها كل دولة وتكتل) لكل بند من بنود الوثيقة الختامية، والتفاوض على الفقرة والعبارة ويصل الأمر إلى التفاوض على كلمة بعينها محل خلاف.
aXA6IDE4LjIyMi4xMjEuMjQg جزيرة ام اند امز