«خطأ قضائي».. «عفو هانتر» يضع بايدن في مرمى نيران ترامب
يعمق قرار الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن العفو عن نجله هانتر التشابك بين السياسة وسيادة القانون وهو الأمر الذي شوه ثقة الأمريكيين في العدالة.
وقبل أسابيع من انتهاء ولايته، أصدر بايدن قرار العفو عن نجله الأمر الذي شكل تطورا مذهلا بالنسبة للرئيس الذي تعهد عند توليه المنصب باستعادة استقلال وزارة العدل والذي أكد أكثر من مرة أنه لن يعفو عن نجله وذلك وفقا لما ذكرته شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية.
واستخدم بايدن سلطته الرئاسية لتبرئة نجله هانتر قبل صدور الأحكام بحقه في وقت لاحق من الشهر الجاري، فيما يتعلق بإدانته في قضية حيازة سلاح وقضية ضرائب وهو ما يصب الزيت على النار فيما يتعلق بمزاعم الرئيس المنتخب دونالد ترامب حول تسييس العدالة.
ويثير قرار بايدن تساؤلات حول الفكرة الأساسية التي تدعم نظام العدالة في الولايات المتحدة وتقوم على أساس أن الجميع حتى الرؤساء وأسرهم متساوون أمام القانون.
وحتى إصداره قرار العفو، لم يتدخل بايدن في القضايا المرفوعة ضد ابنه، وكان البيت الأبيض يصر دائما على أنه لن يفعل ذلك، إلا أن تغير البيئة السياسية بعد فوز ترامب في الانتخابات الشهر الماضي، زاد التكهنات حول احتمال أن يغير الرئيس المنتهية ولايته حساباته.
سياسيا، قد يُنظَر إلى تراجع بايدن وإصداره قرار العفو باعتباره وصمة عار على إرثه ومصداقيته كما أنه يساهم في نهاية مخزية لرئاسة بايدن.
وربما يقدم عفو بايدن عن نجله فرصة للحزب الجمهوري للتجمع خلف كاش باتيل، الذي اختاره ترامب لقيادة مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي أي" لدعم مساعيه للانتقام السياسي.
ولا يوجد دليل على ارتكاب بايدن أي مخالفات ولم يسفر تحقيق المساءلة الذي أجراه الجمهوريون في مجلس النواب بشأن العلاقات التجارية بين بايدن ونجله عن شيء، لكن الديمقراطيين اعتبروها محاولة لإلحاق الضرر السياسي بالرئيس قبل الانتخابات.
ووفقا لـ"سي إن إن"، فإن القضايا المرفوعة ضد هانتر بايدن تفتقر إلى الثِقَل الدستوري أو الأهمية التاريخية للاتهامات الموجهة ضد ترامب وهجماته المتكررة على سيادة القانون.
ومع ذلك فإن التأثير السياسي للقرار قد يكون عميقًا.. وبالفعل بدأ الجمهوريون في ترديد مزاعمهم بأن القرار يُظهر أن بايدن هو المسؤول الأكبر عن تسييس نظام العدالة من خلال منح ابنه معاملة تفضيلية.
وقد يكون ذلك مهما في ظل الضغوط على ترامب للعفو عن المشاركين في اقتحام الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني 2021 كما أنه يعيد التذكير بقرار ترامب في ولايته الأولى العفو عن تشارلز كوشنر والد زوج ابنته ايفانكا الذي اختاره لمنصب سفير فرنسا في الإدارة القادمة.
كان هانتر بايدن قد أدين من قبل هيئة محلفين في يونيو/حزيران بشراء وحيازة سلاح بشكل غير قانوني بعد محاكمة كشفت عن تعاطيه للمخدرات واختلاله الأسري وفي سبتمبر/أيلول، أقر بالذنب في 9 جرائم ضريبية.
وفي بيان العفو قال بايدن "لا يمكن لأي شخص عاقل ينظر في وقائع قضايا هانتر أن يتوصل إلى أي استنتاج آخر غير أن هانتر تم استهدافه فقط لأنه ابني.. وهذا خطأ".
وأضاف "لقد كانت هناك محاولة لكسر هانتر الذي كان رصينًا لمدة 5 سنوات ونصف، حتى في مواجهة الهجمات المتواصلة والملاحقة القضائية الانتقائية".
واضاف "في محاولة لكسر هانتر، حاولوا كسري.. ولا يوجد سبب للاعتقاد بأن الأمر سيتوقف هنا.. كفى".
هذا البيان غير عادي لأنه يكرر بطريقة ما مزاعم ترامب حول تسييس وزارة العدل وطريقة تعامل المستشار الخاص ديفيد وايس مع نجله.
ومن المهم أن يشمل العفو أي نشاط لهانتر بدءًا من الأول من يناير/كانون الثاني 2014 وهو العام الذي انضم فيه هانتر بايدن إلى مجلس إدارة شركة بوريسما، وهي شركة طاقة أوكرانية بينما كان والده يشغل منصب نائب الرئيس الأسبق باراك أوباما.
وقد يرجع قرار العفو إلى المخاوف من أن يكون هانتر ضمن قائمة الأشخاص الذين من المرجح أن يستهدفهم الموالون لترامب الذي تعهد بملاحقة أعدائه.
وبعدما تصرف لحماية ابنه، قد يواجه جو بايدن دعوات لاستخدام سلطته والعفو على شبكة أوسع ربما تشمل المدعين العامين الذين عملوا على قضايا ضد ترامب، بما في ذلك محاولته لقلب نتيجة انتخابات 2020.
وعلى الفور انتقد ترامب قرار العفو على منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال" وكتب "إنها إساءة استخدام وخطأ قضائي!" كما سعى حلفاؤه الجمهوريون إلى استخدام الموقف لتعزيز فرص تأكيد مجلس الشيوخ لبعض اختياراته الأكثر استفزازية.
وكتب السيناتور الجمهوري توم كوتون على منصة إكس للتواصل الاجتماعي إنه "يمكن للديمقراطيين أن يجنبونا المحاضرات حول سيادة القانون عندما، يرشح ترامب مثلا بام بوندي وكاش باتيل لتنظيف هذا الفساد".