انتهى عصر التفوق الوهمي.. خبراء يكشفون سر صدمة الثانوية العامة بمصر
فتحت نتيجة الثانوية العامة بمصر، الباب أمام إعادة النظر في تلقي الأبناء للدروس الخصوصية عوضاً عن المدرسة، كما اعتادت الأجيال السابقة.
فقد أثبتت النتائج أن الدروس لم تحقق المرجو منها بعد تعديل نظام الامتحان وجعله يعتمد في المقام الأول على مستوى فهم الطلاب وليس مدى قدرتهم على الحفظ.
وقال الدكتور حسن شحاتة، أستاذ المناهج بكلية التربية جامعة عين شمس، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن امتحانات الثانوية العامة هذا العام كانت جديدة وتاريخية، لأن الامتحان لم يأت من الكتاب المدرسي فقط، بل كان يقيس مهارات التفكير العليا ومستوى الفهم والتدقيق والتحليل لدى الطلاب، بالإضافة إلى أن التصحيح تم بشكل إلكتروني، فكانت النتائج صحيحة وموضوعية.
ويرى "شحاتة" أنه بنتائج هذا العام انتهى عصر التفوق الوهمي، وانتهى عصر الدروس الخصوصية التي كانت ترهق الآباء مادياً وتقلل من مستويات الطلبة الفعلية كونهم يعتمدون على أن الأسئلة تأتي من الكتاب، ويحصل الطلبة على الدرجات النهائية نتيجة للحفظ، ما ينتج عنه أنهم يرسبون في السنة الدارسية الأولى للكليات العلمية، مثل الطب والهندسة، رغم تفوقهم الوهمي في الثانوية العامة.
واعتبر "شحاتة" أن النتائج هذا العام تعبر عن المستويات التعليمية الحقيقية للطلاب، خاصة مع انخفاض نسبة تحقيق الطلاب لمجاميع تتجاوز 90%، بنسبة تصل إلى 14%، وبالتالي فإن من حصل على الدرجات العليا يعتبر طالبا متميزا بالفعل.
وشدد على أن هذه الطريقة الجديدة غيرت من مفاهيم التعليم والتعلم في مصر، مؤكدا أن الامتحانات ميزت بين المتفوق والضعيف، وأن وزارة التربية التعليم وفرت بدائل حقيقية للطلاب للتعود على الأنظمة الحديثة عبر الشاشات ومنصات مواقع التواصل لتطوير الفهم وعدم الاعتماد على الحفظ فقط.
كورونا والمرتبات
في المقابل يرى أيمن حسن، المعلم بالمرحلة الثانوية، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن الأزمة الكبرى كانت في الدروس الخصوصية، خاصة وأن الطلاب يعتمدون عليها كبديل للذهاب إلى المدارس، وفي الوقت نفسه يلجأ إليها المدرسون لتحسين دخلهم.
وأرجع حسن السبب في ذلك إلى أن الموروث الشعبي كان له نتاج حقيقي بالنسبة للطلاب ترسخ في عقل الطلاب، يكمن في أن الدروس الخصوصية هي معيار النجاح، كما أن التطور التقني في السنوات الأخيرة، أخذ كثيرا من أوقات الطلبة وشغل بالهم ما أثر كلياً على فكرة الالتزام الدراسي.
وشدد حسن أن امتحانات العام الحالي، بحسب شهادات الكثيرين، لم تراع الكثير من الضوابط الفنية من حيث تدرج الأسئلة على مستويات الطالب الضعيف والمتوسط والمتفوق، وبالتالي انعكس مردود ذلك على النتائج والتعليم كلياً، معتبرا أنه كان من الضرورة إعداد الطلبة على تقبل النظام الحديث للامتحانات الذي لا يعتمد على الكتب المدرسية.
واختتم: "من غير المعقول أن أسلم الطالب كتباً مدرسية في كافة المواد ثم يكتشف أن كل الامتحانات تأتي من خارج المنهج".
ترقب
من جانبها قالت السيدة ريهان أبوالعز، ولي أمر أحد الطلاب في المرحلة الثانوية العام المقبل، لـ"العين الإخبارية"، إن نتائج هذا العام شكلت لها صدمة حقيقية، خاصة وأنها كانت على تواصل مع كثير من الأسر وكانت تثق في تحصيل أبنائهم، إلا أن النتيجة خذلتهم، وفي المقابل شاهدت آخرين لم يشهد لهم بالكفاءة العلمية وتحصلوا على درجات عليا تؤهلهم للالتحاق بكليات متقدمة.
أبوالعز أشارت إلى أنها فضلت إرجاء بدء التزام ابنها في الدروس الخصوصية التي تبدأ في مصر مبكراً، وتراقب ما سيقدم عليه باقي الأهالي، خاصة وأن السائد الآن أن الدروس الخصوصية خيبت آمال الكثيرين هذا العام تحديدا، وبات من غير المقبول أن تنفق الأسر آلاف الجنيهات ليتحصل الأبناء في النهاية على درجات عليا ثم تصعقهم النتيجة أسوة بما حدث هذا العام.
عبداللطيف أحمد ولي أمر طالبة في المرحلة الثانوية للعام الدراسي الجديد، أكد لـ"العين الإخبارية"، أنه لا ينتوي حصول ابنته على دروس خصوصية بعد ثبوت فشلها، خاصة وأن مصاريف الدروس الخصوصية في مصر خلال العام مرتفعة ومرهقة بشكل مبالغ فيه.
وتابع: "في مقابل هذا نريد من وزارة التربية والتعليم توفير بدائل إلكترونية ومدرسية تغني الطلاب عن الدروس وتحفزهم على الذهاب للمدارس، وتنمية قدراتهم وتدربهم على أشكال الامتحانات الجديدة، خاصة وأن نتائج هذا العام شكلت صدمة حقيقية للأهالي في مصر".