استقلال الهند.. ملحمة "اللاعنف" التي أذلت مدافع الإنجليز
لذكرى استقلال الهند التي توافق يوم 15 أغسطس/آب من كل عام دلالة خاصة في الضمير الإنساني.
فهذه الذكرى تحيي أمجاد فلسفة أعادت تشكيل اللغة لتمحو الفارق اللفظي بين البندقية والمغزل، وأربكت المعاجم حينما بات الضعف قوة.
فبعد قرنين من الاستعمار نالت الهند حريتها يوم 15 أغسطس/آب 1947، بعد نضال طويل لحركة التحرر، انتهى بإقرار مجلس العموم البريطاني مشروع قانون الاستقلال الهندي في 4 يوليو/تموز من نفس العام، وقد تم تمريره بعد أسبوعين فقط.
وارتبط تاريخ الاستعمار البريطاني بـ"شركة الهند الشرقية"، وأطبق المحتل على كامل أراضي البلاد، ليخضع البلد الآسيوي تماما للإمبراطورية العظمى عام 1858.
وبين دروب الثورة الملسحة والنضال السياسي خطت الهند أسلوبا جديدا حينما رفعت سلاح العصيان المدني القائم على فلسفة اللاعنف التي تزعمها رجل السلام والزعيم الروحي الشهير المهاتما غاندي.
وبدأت الحركة الجدية ضد استعمار بريطانيا للهند في أواخر 1918، ودعا متزعموها بالأساس إلى توحيد الأراضي المستغلة تجارياً، لكنّ المهاتما غاندي حول اتجاه الرفض نحو مطالبة باستقلال البلاد الكامل.
وبعد الاستقلال وترؤس الزعيم السياسي والمناضل ضد الاستعمار جواهر لال نهرو لرئاسة الوزراء في أول حكومة وطنية، انطلقت الهند، كبلدٍ آسيوي يعيش كثافة سكانية عالية، نحو التحول إلى دولة إقليمية ذات تأثير كبير.
وأصبحت الهند منذ 1950 جمهورية فيدرالية، وقوة اقتصادية يحسب لها حسابها في السوق العالمية، كما أنها طفت على سطح التطور التكنولوجي، وأصبحت البلد الأكثر إنجابا لمهندسي عالم المعرفة التقنية.
لكن الطريق لم يكن ممهدا فرغم إعلان الاستقلال من طرف مجلس العموم، بعد قرنين من الزمن، إلا أن الهند لم تنل استقلالها بسهولة، حيث ناضل أبناء أكبر مستعمرة بريطانية ببسالة للتخلص من نير الاستعمار الغاشم، في الربع الأول من القرن الماضي.
ومن دولة مستعمرة قفزت الهند إلى نادي الدول النووية، وتحتلّ في ذات الوقت مرتبة عليا في قائمة الدول ذات الإنفاق العسكري الضخم، وهو ما جعلها، إلى جانب التقدم الاقتصادي، من أهم الدول في القارة الآسيوية.
ويعتبر ذكرى الاستقلال عن التاج البريطاني في 15 أغسطس/ آب 1947 واحدا من أعياد الهند الوطنية الـ3، وهي اليوم الجمهوري في 26 يناير 1950 ، ويوم غاندي جايانتي الذي يوافق ميلاد المهاتما غاندي في 2 أكتوبر/تشرين الأول 1869.
وتعتمد الهند في تطورها على دستور يعد أطول الدساتير المكتوبة وأكثرها إحاطة عالميا فمقدمته عرفت الهند باعتبارها دولة ذات سيادة، وأنها جمهورية اشتراكية وعلمانية وديمقراطية، تضمن لجميع مواطنيها العدالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، حرية الفكر والتعبير والمعتقد والإيمان والعبادة، المساواة في المكانة والفرص، ولتعزيز بينهم جميعا، الأخوة وكرامة الفرد ووحدة الوطن وسلامته.
إلا أنه عقب الاستقلال مباشرة لم يكن هناك دستور دائم يحكم الهند، فتم تعيين لجنة لصياغة دستور دائم وإلغاء العمل بوثيقة 1935، وقد اعتمدته الجمعية التأسيسية في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 1949، ودخل حيز التنفيذ في 26 يناير/كانون الثاني 1950.
وجاءت ديباجة دستور الهند تحمل 4 أهداف للجمهورية الوليدة، هي "العدالة والحرية والمساواة وإنهاء الكراهية وبدء عهد جديد من الإخاء".
ويمنع الدستور الهندي التمييز ضد المواطنين ويعتبره "جريمة بشعة"، بالمقابل تعتمد التجربة القانونية للهند على تشديد العقوبات ضد أي تمييز بين المواطنين الهنود سواء بسبب الجنس أو اللون أو العقيدة أو المذهب أو الانتماء القبلي.
ويضع الدستور المبادئ السياسية الأساسية في الهند التي تحدد نظام السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وصلاحياتها وواجباتها، وتفاصيل تقاسم السلطة بين الاتحاد (الحكومة المركزية) والولايات (الحكومات الإقليمية)، وتحدد الحقوق والواجبات لمواطني الدولة الهندية.
وللحكومة الاتحادية الهندية برلمان ذو مجلسين: مجلس الولايات "راجيا سابها" (الغرفة العليا للبرلمان)، ومجلس نواب الشعب، "لوك سابها"، (الغرفة السفلى في البرلمان).
aXA6IDMuMTM4LjExNC4xNDAg جزيرة ام اند امز