«الجنائية الدولية» تلاحق مسؤولين روساً.. موسكو وأوكرانيا تعلقان
مذكرة توقيف مفاجئة من المحكمة الجنائية الدولية، الثلاثاء، بحقّ قائد الجيش الروسي، ووزير الدفاع السابق، على خلفية اتهامات بـ«جرائم حرب» مفترضة دفعت موسكو للرد، ولاقت ترحيبا من الجانب الأوكراني.
وتتعلّق المذكّرتان اللتان صدرتا، برئيس أركان الجيش الجنرال فاليري غيراسيموف ووزير الدفاع السابق سيرغي شويغو، على خلفية ضربات استهدفت البنية التحتية الأوكرانية اعتبرت المحكمة أنها تشكّل «جرائم حرب».
- قضاة ومتهمون بـ"الجنائية الدولية".. بوتين يفرض "تعديلا اضطراريا"
- بعد مذكرة اعتقال بوتين.. خطوة غربية جديدة لدعم "الجنائية الدولية"
بوتين سبقهما
وهاتان آخر مذكرتا توقيف تصدرهما المحكمة الجنائية الدولية بسبب الحرب في أوكرانيا، بعدما كانت قد أصدرت مذكّرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وكانت موسكو قد انتقدت إصدار مذكّرة توقيف بحق بوتين، معتبرة أنها "باطلة" وأصدرت في المقابل مذكّرة اعتقال ضدّ رئيس المحكمة الجنائية الدولية.
وكان بوتين قد سافر إلى الخارج، خصوصاً إلى قرغيزستان ودول عربية، غير أنّه غاب عن اجتماع مجموعة البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) التي عُقدت في جنوب أفريقيا، على اعتبار أنّه كان من المتوقّع أن يتمّ تنفيذ مذكّرة الاعتقال في حقّه.
وإلى جانب بوتين، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق مفوّضة حقوق الأطفال ماريا لفوفا بيلوفا، بتهم مماثلة للرئيس الروسي تتعلّق بعمليات الترحيل غير القانونية للأطفال أثناء الحرب على أوكرانيا.
أسباب المذكرة
ويُتّهم المسؤولان الروسيان بارتكاب جرائم حرب من خلال شنّ هجمات على أهداف مدنية وإلحاق ضرر جانبي كبير بمدنيين فضلاً عن جرائم ضدّ الإنسانية من خلال "ممارسات غير إنسانية" في أوكرانيا، على ما جاء في بيان للمحكمة الجنائية الدولية.
وقال قضاة المحكمة إنّ هناك "أسباباً منطقية للاعتقاد بأنّ المشتبه بهما يتحمّلان المسؤولية عن الضربات الصاروخية التي نفّذتها القوات المسلّحة الروسية على البنية التحتية للكهرباء في أوكرانيا من العاشر من أكتوبر/تشرين الأول 2022 على الأقل حتى التاسع من مارس/آذار 2023".
وقالت المحكمة الجنائية الدولية إنّ هذه الضربات كانت "موجّهة ضدّ أهداف مدنية"، مضيفة أنّ "الأضرار الجانبية المتوقّعة في صفوف المدنيين كانت مفرطة بشكل واضح مقارنة بالفائدة العسكرية المتوقّعة".
«كلام فارغ»
في المقابل، اعتبرت موسكو أنّ مذكّرتي الاعتقال "غير مهمّتين"، وقال المكتب الإعلامي التابع لمجلس الأمن الروسي، إنّ "هذا كلّه كلام فارغ لأنّ السلطة القضائية للمحكمة الجنائية الدولية لا تشمل روسيا"،
وليس للمحكمة الجنائية الدولية قوة شرطة خاصة بها قادرة على توقيف المشتبه بهم، وتعتمد على الدول الأعضاء البالغ عددها 124 دولة لتنفيذ الاعتقالات.
ولكن من الناحية النظرية، فإنّ أي شخص تصدر في حقّه مذكّرة توقيف يُمنع من السفر إلى دولة عضو في المحكمة في ظلّ احتمال تعرّضه للاعتقال.
وأضاف المكتب الإعلامي أنّ القرار اتُخذ "كجزء من الحرب الهجينة التي يشّنها الغرب ضد بلادنا".
وكانت المحكمة الجنائية الدولية التي أُنشئت في العام 2022 للتحقيق في جرائم الحرب حول العالم، قد افتتحت مكتباً لها في كييف كجزء من جهودها لمحاسبة القوات الروسية على جرائم حرب محتملة.
وجاءت هذه الخطوة بعد افتتاح مكتب دولي في لاهاي في آذار/مارس 2023 لإجراء تحقيق يطال روسيا بشأن جريمة الحرب المتمثّلة في العدوان على أوكرانيا، في ما وصفته كييف بخطوة "تاريخية" أولى نحو إنشاء محكمة لملاحقة القيادة الروسية.
وفي آذار/مارس الماضي، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق اثنين من كبار الضباط الروس، وهما سيرغي إيفانوفيتش كوبيلاش وفيكتور نيكولايفيتش سوكولوف، على خلفية ضربات استهدفت البنية التحتية في أوكرانيا.
من هما شويغو وغيراسيموف؟
- شغل شويغو (69 عاما) منصب وزير الدفاع منذ عام 2012 حتى أقاله الرئيس فلاديمير بوتين فجأة في مايو/أيار وعينه أمينا لمجلس الأمن الروسي.
- يشغل غيراسيموف (68 عاما) منصب رئيس هيئة الأركان العامة منذ عام 2012 وهو القائد العام للعمليات الحربية الروسية في أوكرانيا.
- تعرض كل منهما لانتقادات حادة من مدوني الحرب البارزين في روسيا بسبب إخفاقات الجيش في السنة الأولى من الحرب عندما تعرض لسلسلة من الانتكاسات ونوبات التراجع.
- وجه يفغيني بريغوجين رئيس مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة إساءات إليهما في مقاطع فيديو، متهما إياهما بتخريب المجهود الحربي وحرمان مقاتلي فاغنر من مستحقاتهم.
- كان شويغو مقربا من بوتين على المستوى الشخصي، حيث كان يقضي معه عطلات في الغابات والجبال في سيبيريا مسقط رأس شويغو ويلتقطان صورا خلال التنزه والصيد معا. لكن موقفه ضعف بشدة بعد اعتقال أحد نوابه في أبريل/ نيسان في فضيحة فساد كبرى.
- اتسع نطاق القضية لتشمل المزيد من الاعتقالات في وزارة الدفاع وهيئة الأركان العامة.
- لا يزال غيراسيموف في منصبه، وأكد الكرملين أنّه ليس لديه أيّ خطط لاستبدال غيراسيموف في منصب رئيس أركان الجيش.
لكن على أرض المعركة، تحسن موقف روسيا في الأشهر القليلة الماضية مع تسجيل سلسلة من المكاسب التدريجية. ورئيس الأركان العامة هو أعلى منصب في القوات المسلحة بعد القائد الأعلى للقوات رئيس البلاد وبعد وزير الدفاع.
ترحيب أوكراني
من جانبه، رحب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بقرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرتي اعتقال بحق وزير الدفاع الروسي السابق ورئيس الأركان العامة الروسي لاستهداف مدنيين أوكرانيين ومواقع مدنية.
وقال زيلينسكي الثلاثاء: "يجب على كل مجرم شارك في تخطيط وتنفيذ هذه الهجمات أن يدرك أن العدالة ستأخذ مجراها. ونأمل أن نراهما خلف القضبان".
وأضاف "نتطلع إلى إصدار مزيد من مذكرات الاعتقال لحرمان روسيا من شعورها بأنها فوق القانون".
حرب «الحظر»
والثلاثاء، قالت وزارة الخارجية الروسية إنها قررت حظر بث العشرات من وسائل الإعلام التابعة للاتحاد الأوروبي داخل روسيا ردا على حظر مماثل فرضه الاتحاد الأوروبي على ثلاث وسائل إعلام روسية.
وأعلنت روسيا حجب 81 وسيلة إعلامية في "إجراء انتقامي" بعدما حظرت بروكسل الشهر الماضي بثّ عدد من وسائل الإعلام الروسية.
ومن بين وسائل الإعلام التي شملها قرار الحظر دير شبيغل الألمانية والموندو الإسبانية ولو موند الفرنسية.
aXA6IDMuMTQ3LjI4LjExMSA= جزيرة ام اند امز