4 أيام بلا إنترنت في اليمن.. محنة ومنحة
أربعة أيام متتالية انعزل فيها اليمنيون عن العالم، بفعل قطع مليشيات الحوثي، بشكل متعمد، خدمة الإنترنت عن جميع مناطق اليمن.
لكن هذا الانعزال الذي فُرض على اليمنيين، دفعهم إلى تغيير سلوكياتٍ تطبّعوا عليها لسنواتٍ تحت تأثير سطوة عالم الإنترنت على تفاصيل حياتهم الاجتماعية، وارتباطها بخدمات الشبكة العنكبوتية.
وتفاوتت التغييرات على واقع اليمنيين خلال الأربعة الأيام الماضية في مستوى سلبيتها وإيجابيتها، ففي الوقت الذي أثّرت على قطاعات الأعمال الاقتصادية والمالية، منحت اليمنيين فرصة لاستعادة عاداتٍ اجتماعية كادوا يهجرونها بسبب الإنترنت.
تواصل المغتربين
ولعل أبرز المعضلات التي واجهت اليمنيين خلال فترة انقطاع الخدمة، هي صعوبة تواصل المغتربين بذويهم في الداخل اليمني.
وفي هذا الشأن يشير الشاب اليمني زياد الحكيمي، عامل فني في إحدى شركات البترول بالمنطقة الشرقية في السعودية، إن برامج وتطبيقات التواصل كانت توفر له تواصلا فاعلا بالصوت والصورة مع ذويه وأقاربه في اليمن، ولأكثر من مرة خلال اليوم الواحد.
وقال الحكيمي لـ"العين الإخبارية" إن فترة الانقطاع كانت الأصعب عليه وعلى أهله في اليمن، حيث اضطر إلى التواصل عبر المكالمات الدولية رغم كلفتها الباهظة، ورداءة خدمات الصوت، إلا أنها سمحت له ولغيره من المغتربين بالاطمئنان على أقاربهم.
وأشار إلى أن أزمة الانقطاع الأخيرة أثبتت أن نعمة الإنترنت، وإن كانت بطيئة بعض الشيء في اليمن، إلا أنها تؤمن تواصلا بكل الحواس مع الأهل والأقارب ولفترات وساعات متواصلة دون النظر للتكلفة.
زيارة الأقارب
وفي الداخل اليمني، كان التواصل الاجتماعي أكثر حميمية، بعد أن منح انقطاع الإنترنت فرصة مثالية للخروج من العوالم الافتراضية إلى الواقع، واسترداد الكثير من العادات الاجتماعية التي كادت تندثر.
ويتحدث فتحي حسن، الموظف في إحدى منظمات المجتمع المدني، لـ"العين الإخبارية" عن التغيّر الذي أحدثه انقطاع الإنترنت على أسلوب حياته، بعد سنوات من النمطية تحت سطوة الشبكة العالمية.
ويقول حسن: "إن عمل المنظمات أكثر تقييدًا ويرتبط بالمكتب بشكل كبير، وبأسلوب الدوام على فترتين، الأمر الذي كان يَحول دون امتلاكه وقتًا فائضًا للزيارات الاجتماعية أو تفقد الأهل والأقارب".
ويستطرد: "غير أن انقطاع الإنترنت وتوقف شبكات العمل في المنظمة التي أعمل لديها، سمح للموظفين بامتلاك وقتٍ فائض، وعن نفسي وجهته لتفقد الأهل والقيام بزيارات إلى منازل الأقارب والجيران، والالتقاء بالأصدقاء بشكل أكثر ودي وحميمي".
ويشير حسن إلى أن الإنترنت بات سلاحًا ذو حدين، كونه يوفر امتيازات كبيرة في مجال الأعمال وإنجازها، لكنه في المقابل يحرم المجتمع من عادات وتقاليد توثق العلاقات الأخوية والاجتماعية، وتوطد الجوانب الإنسانية، والتي افتقدناها كثيرًا مؤخرًا، وفق وصفه.
وقتٌ لغذاء الروح
الجلوس أمام شاشات الأجهزة الذكية والجوالات، أو الكمبيوترات، والانشغال بالأعمال أو حتى الاطلاع على جديد منصات التواصل الاجتماعي، قلل من فرص الاطلاع الثقافي والأدبي، بحسب الصحفي الشاب عمرو عبدالله حسن.
ويضيف حسن لـ"العين الإخبارية" أن سلوك القراءة للروايات الأدبية والكتب الفكرية تراجع كثيرًا حتى بالنسبة للصحفيين والإعلاميين، الذي اكتفوا بقراءة كتب التخصص فقط والمتعلقة بمتطلبات العمل الصحفي، وليس لتغذية الروح والعقل.
ويؤكد أن انقطاع الإنترنت تسبب بتعطل عمل المراسلين الصحفيين، وكثير من الإعلاميين اليمنيين، لكنه في المقابل منحهم فرصة لالتقاط أنفاسهم -ربما- وأخذ "استراحة محارب فكرية وأدبية" في أمهات الروايات العالمية، وهو ما تم فعلا، حد قوله.
تأثيرات انقطاع الإنترنت
ثمة انعكاسات سلبية ألقت بظلالها على العديد من القطاعات الحيوية في اليمن، كما تأثر بها مواطنون وشباب وطلاب، وحتى رجال ورواد أعمال وتجار.
ومن هؤلاء كان طلبة الجامعات الدارسين عبر نظام "التعليم عن بعد" والذين توقفت مواكبتهم للدروس التي تعرضها الأكاديميات العلمية المتخصصة في مختلف المساقات على منصات وشبكات الإنترنت.
بالإضافة إلى تأثر قطاع البنوك وحركة التداولات والتعاملات، وشركات التحويل المالي، غير أنهم سريعًا ما وجدوا ضالتهم في خدمات "الإنترنت الفضائي" أو "الستالايت" معوضين خسائرهم في الأيام الأولى للأزمة.
aXA6IDMuMTMzLjEyMy4xNjIg جزيرة ام اند امز