"كوادكوبتر" وعملاء في عقر الدار.. إسرائيل تضرب منشآت إيران النووية
بعيدا عن طاولة مفاوضات فيينا، اختارت إسرائيل مسارا مختلفا عن المحادثات لوقف تهديدات إيران خصوصا فيما يتعلق بالملف النووي.
"خطط" أقر الجيش الإسرائيلي مؤخرا بأنها قيد التباحث لاستهداف منشآت نووية في إيران، فيما تبدأ التدريبات على هذا الأمر "قريبا"، في شق يبدو أنه يهم المستقبل القريب، فيما لا يزال الغموض يلف حوادث غامضة ضربت منشأة نووية إيرانية.
والسبت الماضي، سمع السكان القريبون من منشأة نطنز النووية في إيران دوي انفجار هائل كما شاهدوا ضوءا في السماء، لتتردد أقاويل باحتمال تعرض المنشأة لتخريب جديد.
لكن قيادة الدفاع الجوي الإيراني سرعان ما نفت وقوع انفجار أو وجود ما يدعو للقلق، وقالت إن دوي الانفجار ناجم عن اختبار لمنظوماتها الصاروخية في سماء منطقة بادرود التابعة لمدينة نطنز.
رد لم يكن مقنعا على الأقل بالنسبة للصحفيين ممن أورثهم تقاطع التصريحات من هذا الجانب وذاك وشهادات سكان محليين، شكوكا حول سبب الانفجار، فكان أن أعادوا، أمس الإثنين، طرح السؤال على المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة، الذي رد بأنه لا يمتلك أقوالا أكثر مما قالته هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة وأمانة مجلس الأمن القومي.
"عمال بناء" إسرائيليون
تصريحات المسؤولين الإيرانيين فاقمت من الضبابية والغموض المخيمين على ما تتعرض له المنشأة النووية الإيرانية من تخريب، وسط اتهامات من طهران لإسرائيل، فيما بقيت التفاصيل طي الكتمان.
تفاصيل كشفها تقرير حصري لصحيفة "نيويورك بوست" الأمريكية، قالت فيه إن إسرائيل نفذت 3 عمليات كبيرة بالشهور الـ18 الماضية ضد مواقع نووية إيرانية، مستعينة بنحو ألف من أفراد جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية "الموساد".
ووفق التقرير الذي تداولت تفاصيله وسائل إعلام، نفذت إسرائيل هذه الهجمات بدقة كبيرة باستخدام أسلحة عالية التقنية، منها طائرات مسيرة وطائرة كوادكوبتر وعملاء داخل منشآت برنامجها النووي.
وبحسب الصحيفة، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت بات يركز على سياسة جديدة تعتمد على تنفيذ ضربات سرية داخل إيران، اعتمادا على القدرات الواسعة التي بناها الموساد هناك.
وكشفت الصحيفة تفاصيل 3 عمليات كان أولها في الثاني من يوليو/تموز من العام الماضي، استهدفت مركز إيران لأجهزة الطرد المركزي المتقدمة في نطنز، حيث وقع انفجار غامض أثار حيرة المسؤولين الإيرانيين حينها.
لكن الصادم جاء في نتائج تحقيقات الإيرانيين والتي كشفت في بحثهم عن كيفية وصول المتفجرات إلى المنشأة، أنه عند تجديد مبنى المنشأة في عام 2019، تظاهر عملاء إسرائيليون بأنهم تجار بناء وباعوا لهم مواد بناء مليئة بالمتفجرات، لتقوم إسرائيل بتفجيرها بعد ذلك بعام.
كيف دخلت المتفجرات؟
ولم يكتف جهاز الموساد بذلك، بل تواصل عملاؤه مع 10 علماء نوويين ممن لديهم إمكانية الوصول إلى الحرم الداخلي لقاعة تحت الأرض، تضم 5000 جهاز طرد مركزي.
ولعب عملاء الموساد على وتر احتياجات هؤلاء العلماء في الحياة وتمكنوا من إقناعهم بتبديل مواقفهم وتجنيدهم، وأقنعوهم بأنهم يعملون لصالح منشقين دوليين وليس لإسرائيل، وبشكل لا يصدق وافق العلماء على تفجير المنشأة شديدة الحراسة.
ونقلت الصحيفة عن مصادرها أن طائرة مسيرة حلقت في المجال الجوي الإيراني وسلمت القنابل إلى موقع متفق عليه ليجمعها العلماء ثم جاءت عملية التهريب، عبر شاحنة توصل الطعام إلى العاملين في المنشأة، ثم قام العلماء بجمع القنابل وتركيبها في المنشأة.
وبعد أن أعلنت إيران بدء استخدام أجهزة طرد مركزي متطورة من طراز IR-5 و IR-6 في القاعة تحت الأرض، تم تفجير نظام الطاقة الآمن، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي، وتدمير 90 بالمئة من أجهزة الطرد، وأدى إلى توقف المنشأة عن العمل لمدة تصل إلى تسعة أشهر.
"كوادكوبتر"
اللافت أن العلماء الذين جندهم الموساد لا يزالون على قيد الحياة وبصحة جيدة، وفق الصحيفة التي أشارت إلى أن الجهاز الإسرائيلي أراد لاحقا وقف عملية صناعة أجهزة الطرد نفسها وليس فقط مجرد تفجير عدد منها في نطنز، بحيث يعطل محاولة استعادة العمل في نطنز، فتحولت أنظاره إلى منشأة كرج على بعد 30 ميلاً شمال غرب العاصمة الإيرانية طهران، حيث توجد شركة تكنولوجيا أجهزة الطرد المركزي الإيرانية.
كان هدف الموساد هو قصف المنشأة، لكن الإشكال كان يكمن في كيفية القيام بذلك، فجاءته فكرة استهدافها بطائرة كوادكوبتر، لكن كيف تدخل هذه الطائرة إلى إيران؟
الإجابة التي قدمها التقرير هي أن الموساد أدخلها قطعة قطعة بمساعدة عملائه هناك، قبل تجميعها ونقلها إلى موقع على بعد 10 أميال من مصنع TESA، ثم أطلقها الموساد مستهدفة المصنع ما تسبب في انفجار كبير، ثم عادت إلى موقع الإطلاق لكي يتم استخدامها فيما بعد.
معطيات تكشف أن الطائرة لا تزال داخل إيران متأهبة لهجوم جديد، وقد تكون هي من حاول تنفيذه السبت الماضي وتم اعتراضها، لأن ما شاهده وسمعه السكان القريبون من منشأة نطنز النووية يؤكد أن الأمر أكبر مما أعلنته طهران.
لكن السؤال الأهم في ظل ما سبق يظل لماذا تتكتم إيران بهذه الطريقة على الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت منشآتها النووية؟ فيما يرى خبراء أن اعترافا إيرانيا من هذا القبيل قد يريق ما تبقى من ماء وجهها أمام شعبها والعالم، ولذلك تصر على الكتمان.
aXA6IDE4LjIyNi4yMTQuOTEg جزيرة ام اند امز