مركز أبحاث أمريكي: إيران تخطط لنموذج "حزب الله" في سوريا
الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اشتروا واستولوا على ٨ آلاف منزل بضواحي دمشق
كشف معهد أبحاث أمريكي عن خطط إيران الرامية للسيطرة الطويلة على سوريا، وبقاء مليشياتها وقواتها هناك، لضمان نفوذ طويل الأمد لطهران في سوريا، ليس بشكل عسكري فحسب، بل أيضا على المستوى السياسي والديني والثقافي.
وأشار معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، في دارسة بحثية، إلى أن التقارير الأمنية لأجهزة المخابرات الغربية، كشفت عن خطة تغييرات ديمغرافية واسعة وممنهجة تجريها المليشيات الإيرانية في سوريا بالتعاون مع مليشيا حزب الله، وذلك لتأمين دمشق وتأمين خطط الممر البري الإيراني من إيران حتى لبنان.
وأوضحت الدراسة أن الإيرانيين في سوريا يطبقون نفس المنهج تقريبا الذي طبقوه في تجربتهم مع مليشيا حزب الله في لبنان، متابعة أن طهران تتبع مسارين من الجهود بغية ترسيخ نفوذها في سوريا، وذلك عبر محورين الأول: شراء العقارات وتغيير التركيبة السكانية، وتطوير شبكات من الدعم بين دمشق والحدود اللبنانية، للعمل على الهدف النهائي المتمثل في إقامة منطقة سيطرة جغرافية مماثلة لمعقل مليشيا «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت.
والمحور الثاني الذي تسعى من خلاله إيرن للتوغل في سوريا هو تطبيق برامج اجتماعية ودينية واقتصادية تهدف إلى استمالة المجتمعات المحلية المحرومة والمهمشة التي قد لا تكون متفقة إيديولوجياً مع طهران، ولكنها تفتقر إلى البدائل الأخرى.
خطة تأمين دمشق
أشارت الدراسة إلى أن تقارير أجهزة مخابرات غربية رصدت خلال الفترة الماضية تعزيز الجهود الإيرانية إلى حدّ كبير من أجل تأمين دمشق وضواحيها والمنطقة الممتدة من المقام المسلم الشيعي للسيدة زينب إلى الحدود اللبنانية، حيث تطلب ذلك من طهران إجراء تغييرات ديمغرافية منهجية.
ولفتت الدراسة إلى أنه على مدار العام الماضي فقط، تمّ طرد المجتمعات السنية من منازلها التي تشغلها منذ زمن بعيد، واستُبدلت بأشخاص موالين لكل من إيران ونظام الأسد.
ونبهت الدراسة إلى أنه بغية توفير أساس قانوني لمثل هذه التدابير، أصدر النظام السوري القانون رقم 10 في أبريل/ نيسان الماضي، وأعطى هذا التشريع لأصحاب الأملاك السوريين مهلة 30 يوماً لإيجاد وكيل محلي وتقديم طلب ملكية شخصياً أو الاستيلاء على تلك المنازل، في محاولة واضحة لانتزاع الأراضي من السنّة الذين يشكلون الجزء الأكبر من لاجئي الحرب، وكانوا غير قادرين أو غير راغبين في العودة خلال الموعد المحدد لتقديم الطلبات، وقد استغل «حزب الله» و«الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني هذا الوضع لشراء عقارات عديدة، وتم رصد نقل ملكية أكثر من 8 آلاف عقار في منطقة دمشق إلى مالكين شيعة أجانب خلال السنوات الثلاث الماضية، عبر الشراء بأثمان بخسة أو الاستلاء الكامل.
وأوضحت الدراسة، أن إيران قامت بتحويل المساجد السنّية المحلية إلى مراكز ومقامات دينية شيعية، فضلاً عن بناء قاعات اجتماعات ومساجد ومدارس شيعية جديدة لاسيما في المناطق التي تسيطر عليها إيران حول دمشق والسيدة زينب.
تأمين الممر البري من إيران للبنان
وأضافت الدراسة، أنه بعد خطة تأمين دمشق، تعمل إيران على تأمين ممرها البري عبر سوريا والسيطرة على حدود البلاد مع العراق، مشيرة إلى أنه منذ انهيار الاتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا والأردن في جنوب سوريا في العام الماضي، مارست قوات الأسد بدعم موسكو، ضغوطاً على المقاتلين المحليين والمجتمعات المحلية لعقد اتفاقات مصالحة، وإجبارهم على الانتقال إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في شمال غرب سوريا، وبعد التحركات السكانية القسرية، قامت المليشيات التابعة لإيران بالانتشار في تلك المناطق.
وتابعت الدراسة، أنه خلال الأشهر الستة الماضية، رصُد قيام عناصر إيرانية بإنشاء مراكز عسكرية وشبكات أمنية في أنحاء محافظة درعا في الجنوب الغربي، كما رُصد قيام وكلاء إيرانيين ووكلاء من «حزب الله» ببناء ما لا يقل عن ثمانية مراكز دينية شيعية محلية وخمس مدارس دينية في المنطقة ذات الغالبية السٌنية.
وأشارت الدراسة إلى أنه استغلالا للحالة الاقتصادية والأمنية المتردية في المنطقة، فإن إيران وفرت فرص عمل للمقيمين السنّة الشباب دون مطالبتهم بحمل السلاح، مقابل 200 دولار شهرياً، حيث يفضّل العديد من هؤلاء الشباب العمل لدى الإيرانيين بدلا من الموت جوعا أو اعتقالهم أو تجنيدهم أو قتلهم من قبل نظام الأسد.
وأوضحت الدراسة أن إيران طبقت استراتيجية إشراك القبائل في منطقة دير الزور، شرق سوريا، بشرائها الولاء المحلي وتقديمها المساعدات المادية لهم، حيث رُصد على سبيل المثال، عمل العديد من أبناء قبيلة "البقارة" وهي قبيلة سنّية مع الإيرانيين لإنشاء مدراس ومراكز دينية لخدمة مجتمعاتهم المحلية.
التوغل الثقافي
ونبهت الدراسة إلى أن الخطة الإيرانية لابتلاع سوريا تشمل محورا حضاريا وثقافيا أيضا، بعد ضمان الوجود العسكري والاقتصادي والديني، وذلك لضمان وجود متعدد الأجيال في سوريا، حيث إن معالم هذه الخطة اتضحت جليا من خلال قرار نظام الأسد بفتح أقسام باللغة الفارسية في العديد من المؤسسات التعليمية، بما فيها جامعة دمشق، وجامعة البعث في حمص، وجامعة تشرين في اللاذقية، مع منح العديد من الحوافز الواسعة لزيادة إقبال السوريين عليها، حيث لا يُطلب من الطلاب الالتحاق ببرامج كاملة من أجل حضور الدروس؛ ويمكن للشباب دون سنّ ارتياد الجامعة أن يحضروها؛ وقد لا تنطبق الرسوم الجامعية العادية؛ وتشمل الدروس رحلات إلى إيران، بينما فتحت إيران عدداً من مدارس وكليات اللغة في دمشق وحماة ودير الزور، للراغبين في تعلم الفارسية دون المرحلة الجامعية، وتمنح الطلاب المسجلين في هذه البرامج حوافز مالية أيضاً.
وأوصت الدراسة بضرورة انخراط الولايات المتحدة الأمريكية في عملية إعادة الأعمار في سوريا، واستئناف المساعدات الأمريكية للحيلولة دون اتساع النفوذ الإيراني هناك، مشيرة إلى أن ضرورة عودة الإدارة الأمريكية عن قرارها السابق بتجميد المساعدة الأمريكية المقدرة بأكثر من 200 مليون دولار، والتي كانت مخصصة لاستقرار المجتمعات المحررة من تنظيم داعش، حيث من شأن استئناف المساعدات الأمريكية أن يوفر للمجتمعات السورية بديلاً فورياً للرعاية الإيرانية، لا سيما فيما يتعلق بحماية المدنيين، واستحداث الوظائف والتعليم والخدمات الأساسية، وحتى من دون وجود القوات الأمريكية على الأرض.
وأشادت الدراسة بخطة وزارة الخارجية الأمريكية و"الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية" لتوفير برامج قوية لتوفير المساعدة والإشراف عليها في الأماكن التي يصعب الوصول إليها في سوريا، لكن يجب توسيع هذه البرامج لتشمل مناطق أكبر.
ودعت الدراسة الإدارة الأمريكية إلى العمل مع حلفائها العرب، لضمان إلغاء قانون الاستحواذ على الأراضي رقم 10 في سوريا، وإغلاق المؤسسات الدينية التي ترعاها إيران هناك.