ودون أدنى شك خسارة أردوغان كانت كبيرة بعد انشقاق باباجان، فقد كان الرجل، العقل الاقتصادي المدبر لأردوغان
أعلن نائب رئيس الوزراء التركي الأسبق علي باباجان بشكلٍ رسمي تشكيل حزب سياسي في بلاده، بعد أشهر من انشقاقه عن حزب "العدالة والتنمية" الحاكم الّذي يقوده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهو ثاني حزب ينبثق عن حزب الأخير، فقد سبقه في ذلك أحمد داود أوغلو الّذي أعلن عن تأسيس حزبه نهاية العام الماضي، بعد أشهر من استقالته من حزب أردوغان.
ودون أدنى شك خسارة أردوغان كانت كبيرة بعد انشقاق باباجان، فقد كان الرجل، العقل الاقتصادي المدبر لأردوغان وواحدا من الشباب المؤسسين لحزبه، لذلك إعلان باباجان تشكيل حزبه خسارة أكبر وأشد وقعاً على أردوغان من انشقاقه
وبحسب لائحة أسماء مؤسسي حزب باباجان الّذي أطلق عليه اسم "الديمقراطية والتقدّم"، فإن أكبر مؤسس في الحزب يبلغ من العمر 70 عاماً، في حين أن أصغر مؤسس يبلغ من العمر 21 عاماً، بالإضافة إلى أن لائحة الأسماء تلك تظهر مشاركة شبابية ونسائية قوية في صفوف هذا الحزب الجديد، وذلك على العكس تماماً من حزب داود أوغلو الّذي يعتمد فيه على كبار السنّ وأغلبهم من أمثاله المنشقين عن أردوغان.
ودون أدنى شك خسارة أردوغان كانت كبيرة بعد انشقاق باباجان، فقد كان الرجل، العقل الاقتصادي المدبر لأردوغان، وواحدا من الشباب المؤسسين لحزبه، لذلك إعلان باباجان عن تشكيل حزبه خسارة أكبر وأشد وقعاً على أردوغان من انشقاقه.
هذا إلى جانب أن باباجان يتمتع بعلاقات جيدة مع حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، وبادر نهاية الشهر الماضي إلى إرسال رسالة للحزب خلال انعقاد مؤتمره الرابع في أنقرة، وأكد فيها أهمية هذا الحزب وقراراته، الأمر الّذي يوحي بإمكانية تشكيل تحالف انتخابي بين الشعوب الديمقراطي وحزب باباجان الجديد خلال أي انتخاباتٍ مستقبلية.
وبالإضافة إلى العلاقات الجيدة بين باباجان وقادة الشعوب الديمقراطي، فإن هذا الحزب المؤيد للأكراد، يفضّل التعامل معه على التعامل مع داود أوغلو، الأمر الّذي يمنح باباجان فرصة أكبر للتقرّب من الأكراد، خصوصا أن داود أوغلو كان جزءاً ومنفّذاً لمخططات أردوغان ضدهم داخل تركيا وخارجها.
القضية الأخرى التي سيستفيد منها باباجان وستغضب أردوغان هي الاقتصاد، فالليرة التركية تتراجع والمواطنون يشكون منها، ولدى باباجان خبرة واسعة في حلّ مثل هذه المشاكل، بحيث يستطيع استثمار التدهور الاقتصادي الحالي في تركيا لجذب المواطنين إلى صفوف حزبه على غرار تجربة حزب "العدالة والتنمية" الّذي أسهم في تطوير الاقتصاد بداية وصوله إلى السلطة قبل أن يُهدم أردوغان ما بناه باباجان.
والأهم من هذا كله أن باباجان يتمتع بعلاقات جيدة مع الاتحاد الأوروبي وكان يفاوض الأوروبيين حول انضمام أنقرة للاتحاد قبل سنوات، في حين أن علاقة أردوغان مع الغرب تراجعت إلى حدّ كبير باستثناء ألمانيا، وهذا رصيد إضافي في جعبة باباجان يخوله توسيع رقعة المشاريع التي سيعمل عليها حزبه.
وباعتقادي أن مشكلة باباجان الوحيدة تكمن في إرشادات الرئيس التركي السابق عبدالله غل له رغم أنه لم يذكر اسمه في قائمة مؤسسي حزبه، لكنه يحظى بدعمه ورغم أن لا ميول إسلامية لدى باباجان، لكن مرشده غل لا يزال يبكي على هزيمة الإخوان المسلمين في مصر، وهو أمر ندد به في مقابلة صحافية قبل نحو شهر، الأمر الّذي قد يضع باباجان أمام مواجهة مع العلمانيين في صفوف حزبه أو مع حلفائه الجدد نتيجة تدخلات غل المفترضة بشؤونه الحزبية.
لكن رغم هذا كله، يضع حزب باباجان حزب أردوغان أمام مواجهة خطيرة، فحزبه يشهد تراجعاً كبيراً وفقد "حلّال" مشاكله الاقتصادية، وهو باباجان، وكذلك فقد "حلّال" مشاكله السياسية وهو داود أوغلو، وما على أردوغان الآن إلا أن يُعلن هزيمته في الداخل التركي، فقد بات يواجه 4 خصوم لدودين؛ وهم باباجان وداود أوغلو وحزبا "الشعب الجمهوري" و"الشعوب الديمقراطي" وهزيمة هؤلاء جميعاً في آن واحد تحتاج لمعجزة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة