"داعش" يفرض "إقامة جبرية" على السكان والإنترنت مع اقتراب معركة الرقة
"داعش" يشدد رقابته على الإنترنت مع اقتراب معركة الرقة السورية، ويفرض الإقامة الجبرية على السكان، دون وجود مهرب من قبضة الإرهاب.
شدد تنظيم "داعش" الإرهابي القيود على تنقلات سكان مدينة الرقة السورية، ووضعهم "تحت الإقامة الجبرية" وفرض تعتيما كاملا على أخبار المعركة الجارية على بعد كيلومترات عنهم لعزلهم تماما، وذلك منذ بدء قوات سوريا الديموقراطية هجوما باتجاه أبرز معاقله في سوريا.
ومنذ سيطرة "داعش" على الرقة في 2014، بات التواصل مع السكان مهمة صعبة في منطقة محظورة على الصحفيين، وتمكنت وكالة فرانس برس من التواصل مع مواطنين فضلوا استخدام أسماء مستعارة عبر حملة "الرقة تذبح بصمت" التي تنشط سرا في المدينة منذ أبريل/نيسان 2014، لتوثق انتهاكات وممارسات التنظيم.
الإنترنت غير متاح
ويقول موسى (31 عاما) إنه "بحكم الرقابة الشديدة التي يفرضها داعش على الإنترنت، فضلا عن منعه لأجهزة الاستقبال الفضائي، فإن متابعة أخبار معركة الرقة الجارية على بعد عشرات الكيلومترات، أمر صعب جدا".
ويضيف: "نعتمد على ما ينقله لنا أشخاص تمكنوا من مشاهدة الأخبار عبر الإنترنت، وإن كان بشكل صعب جدا وخطر جدا".
وتقتصر خدمة الإنترنت في الرقة على مقاهٍ معدودة بعدما قطع "داعش" خدمة الإنترنت عن المنازل والمحال منذ فترة طويلة، كما ينفذ دوريا مداهمات على تلك المقاهي لبث الرعب بين السكان.
ويخاطر أحمد، وهو ناشط معارض (22 عاما)، من أجل الحصول على الأخبار الصحيحة للمعركة، ويقول "أحاول الدخول إلى الإنترنت بين الحين والآخر، أتصفح صفحات معينة ولكن بحذر شديد بسبب تشديد داعش على مقاهي الإنترنت"، مشيرا إلى أن التنظيم "أغلق العديد من مقاهي الإنترنت داخل المدينة" منذ بدء الحملة، وكثف حواجزه الأمنية الإلكترونية.
ولا تكمن الخطورة فقط في الوصول إلى الأخبار بل في الحديث عن المعركة بحد ذاتها، حيث يقتصر ما يروجه التنظيم عن المعركة الدائرة في ريف الرقة الشمالي، بحسب أحمد، على "قتل وتفجير عربات مفخخة للأكراد".
ويروي موسى أن الحديث المسموح به هو "ما يريده عناصر التنظيم، أي الشائعات التي تقول إنهم يتقدمون ويكبدون الخسائر للطرف الآخر الذي لن يتمكن من دخول الرقة على حد قولهم".
أما وضع المعركة الحقيقي "فلا يمكن الحديث عنه لأنه يؤدي للاعتقال وربما الموت".
لا مهرب من الرقة
وبرغم أن تنظيم "داعش" حصّن على مراحل متعددة، معقله في الرقة بالأنفاق ، وأحاطه بالألغام، لإعاقة أي تقدم محتمل نحو المدينة، إلا أنه وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، استقدم أخيرا مقاتلين جددا مكلفين بزرع ألغام إضافية حول المدينة.
ويقول موسى: "نرى وجوها جديدة، وهذا دليل على تبديل العناصر بين مناطق الاشتباكات المختلفة من ريف حلب (الشمالي) وريف الرقة (الشمالي) والموصل" العراقية.
وكانت الرقة أولى المدن الكبرى التي سيطر عليها تنظيم "داعش" في سوريا في يناير/كانون الثاني 2014، والتي باتت الوجهة الأساسية للمقاتلين الأجانب الذين ينضمون إلى صفوف التنظيم.
ويعيش فيها حوالى 300 ألف شخص، فيما ترجح تقديرات غربية وجود أكثر من 10 آلاف من الإرهابيين الأجانب مع أفراد عائلاتهم في المدينة التي تشتبه أجهزة الاستخبارات الغربية بأنها المكان الذي يخطط فيه التنظيم لتنفيذ هجمات خارجية على أوروبا وجنوب شرق آسيا والولايات المتحدة.
ويغذي التنظيم المتطرف منذ سيطرته على الرقة، الشعور بالرعب بين الناس من خلال الإعدامات الوحشية والعقوبات التي يطبقها على كل من يخالف أحكامه المتطرفة أو يعارضه.
ويتحدث كل من موسى وأحمد عن خوف سكان الرقة من تكثيف الغارات الجوية للتحالف الدولي بقيادة واشنطن على المدينة في إطار الحملة الحالية.
وقتل في مدينة الرقة عشرات المدنيين جراء غارات التحالف الدولي منذ بدء عملياته ضد الإرهابيين في سوريا في صيف عام 2014.
ويقول موسى إن سكان الرقة "يخشون استخدامهم كدروع بشرية" من الإرهابيين مع اقتراب المعارك، خصوصا أنهم ممنوعون من مغادرة المدينة، وهم "حاليا تحت الإقامة الجبرية".
ويمنع "داعش" المدنيين من الخروج من الرقة من دون الحصول على إذن مسبق، ويقول الناشط في حملة "الرقة تذبح بصمت"، أبو محمد، إنه "منذ أشهر عدة، بات الحصول على إذن مستحيلا".
وتحدث أبو محمد "عن كثيرين يحاولون الفرار، ولكن إذا كشف أمرهم يتم اعتقالهم ومصادرة أموالهم. أما المهرب الذي يساعدهم فمصيره الإعدام".
حلم الخلاص
ومنذ إطلاق قوات سوريا الديموقراطية معركة الرقة، "حاولت عائلتان من 14 فردا، بينهم أطفال، الفرار من المدينة خوفا من الغارات التي قد ترافق الحملة وتشديد داعش الأمني"، حسب ما قاله أبو محمد.
ويضيف أن عناصر التنظيم الإرهابي "أمسكوا بهم"، بعدما كانوا وصلوا إلى قرية حزيمة (17 كيلومترا شمال المدينة)، وقاموا بسجن الرجال، وأعادوا النساء والأطفال إلى منازلهم في الرقة بعدما صادروا أموال العائلتين ومستنداتهما الشخصية.
ويتخوف أحمد أيضا مما قد يقوم الإرهابيون به في حال وصلت المعركة إلى المدينة، "خصوصا أننا نشاهد كيف يقوم التنظيم بتفخيخ وتفجير المناطق قبل انسحابه منها".
ويتوقع محللون أن تكون معركة الرقة طويلة وصعبة مع شراسة الإرهابيين في الدفاع عن معقلهم.
لكن موسى ينتظر بفارغ الصبر التخلص من "احتلال" التنظيم الإرهابي، ويقول "الخلاص هو حلم جميع أهل الرقة الأحرار".
aXA6IDE4LjIyMC4yNDIuMTYwIA==
جزيرة ام اند امز