سر التوغل البطيء.. لماذا تتمهل إسرائيل في هجومها البري على غزة؟
رغم توعدها حركة حماس ووعودها بسرعة تحرير المحتجزين لديها، إلا أن التحركات الإسرائيلية البطيئة في هجومها البري على غزة, أثارت التساؤلات.
تلك التساؤلات التي تحدثت عن مدى جدية إسرائيل في تنفيذ تلك العملية، وأثارت المخاوف الشديدة بشأن تفاقم الأوضاع الإنسانية جراء هذا الهجوم المتوقع.
- مندوبة أمريكا في مجلس الأمن: ندين قتل المدنيين الفلسطينيين بالضفة
- مندوبة الإمارات لدى الأمم المتحدة: نحتاج لوقف إطلاق النار في غزة الآن
الباب المفتوح
وفي هذا الإطار كشف خبراء عسكريون لـ«رويترز» أسباب تحرك إسرائيل ببطء في هجومها البري على غزة، مؤكدين أن الغرض منها «إبقاء الباب مفتوحا أمام احتمال دخول (حماس) في تفاوض على إطلاق سراح أكثر من 200 من الرهائن لديها».
ويبدو أن الحذر النسبي الذي توخته القوات الإسرائيلية في السيطرة على أجزاء من الأراضي وتأمينها في الأيام الأولى من التوغلات البرية المتواصلة في غزة، يتناقض مع الغارات الجوية المتواصلة وكذلك الهجمات البرية الإسرائيلية السابقة هناك.
وبحسب تقييم 3 مصادر أمنية إسرائيلية فإن «عدم الدخول مباشرة إلى المناطق الأكثر كثافة في غزة بكامل القوات البرية استهدف إنهاك قيادة حماس في حملة طويلة، مع ترك نافذة للتوصل إلى اتفاق محتمل بشأن الرهائن المحتجزين».
وكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قال الأسبوع الماضي إن «استعادة الرهائن جزء لا يتجزأ من هدف الجيش في غزة».
وقال الجيش الإسرائيلي، الإثنين، إن "قواته حررت مجندة إسرائيلية من أسر حماس خلال العملية البرية في غزة".
استدراج حماس
فيما قال قائد كبير سابق، إنه "من خلال التحرك ببطء، يأمل الجيش أيضا أن يؤمن أجنحة القوات الإسرائيلية ويستدرج مقاتلي حماس للخروج من الأنفاق أو المناطق الحضرية الأكثر كثافة والاشتباك مع القوات في مناطق مفتوحة يسهل فيها قتلهم".
وأحجم متحدث باسم الجيش الإسرائيلي عن التعليق على تفاصيل الهجوم بسبب حساسية الأمر.
من جانبه، قال عاموس يادلين، الرئيس السابق للمخابرات العسكرية الإسرائيلية للصحفيين: "شبرا شبرا، ومترا بمتر، في محاولة لتجنب وقوع إصابات وقتل أكبر عدد ممكن من إرهابيي حماس".
وجاء الرد الإسرائيلي بعد توغل عناصر حماس داخل إسرائيل يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول وقتلهم 1400 شخص، غالبيتهم مدنيون.
وتقول إسرائيل إن 239 شخصا احتجزوا كرهائن في غزة حيث يعتقد أنهم موجودون في شبكة الأنفاق الواسعة الخاصة بحماس.
وفي الأسابيع الثلاثة التي تلت هجوم حماس، دمرت الغارات الجوية الإسرائيلية مساحات واسعة من غزة، وقتلت أكثر من 8 آلاف شخص، بينهم أكثر من ثلاثة آلاف طفل، وفقا لوزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة، كما قطعت إمدادات الغذاء والأدوية والوقود.
وكان قادة بحماس أكدوا أنه «يتعين وقف إطلاق النار قبل إطلاق سراح الرهائن المدنيين»، الذين تقول إسرائيل إن من بينهم أشخاصا يحملون جوازات سفر من 25 دولة مختلفة.
وفي عام 2011، تفاوضت حماس على إطلاق سراح أكثر من ألف سجين فلسطيني في إسرائيل مقابل جندي إسرائيلي واحد.
ودفعت الضغوط الدولية المتزايدة بشأن الأوضاع في غزة القوى الكبرى الأسبوع الماضي إلى مطالبة إسرائيل بالسماح "بهدنة إنسانية" لإدخال المساعدات والإفراج عن الرهائن.
وفي أول خلاف معلن بين إسرائيل وحلفائها منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، رفضت إسرائيل هذه المطالبات قائلة إن أي هدوء في القتال يصب في مصلحة حماس.
وقال بيني غانتس، وزير الدفاع السابق والمشارك حاليا في مجلس وزراء الحرب بزعامة نتنياهو، السبت: «في هذه الحرب لا توجد ساعة دبلوماسية تدق».
وقال وزير الدفاع يوآف غالانت إن «الحرب ستكون طويلة وإن إسرائيل تضرب حماس فوق وتحت الأرض، من الجو والبر والبحر».
فيما لم يصف نتنياهو يوم السبت التوغل البري بأنه «غزو واسع النطاق.
تطويق غزة
وكانت إسرائيل نفذت أول توغل بري متواصل في هجومها، الجمعة، بعد حشد مئات الآلاف من الجنود، ومن بينهم قوات الاحتياط، على حدودها مع غزة.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الأميرال دانيال هاغاري إن «الحكومة أعطت الجيش الإسرائيلي هدفين وهما تفكيك حماس، وهذا يتضمن بنيتها التحتية وقدراتها الميدانية، وتحرير الرهائن».
وتوغلت الدبابات وناقلات الجند المصفحة، بدعم من طائرات هليكوبتر وطائرات مسيرة، في المنطقة شبه الريفية شمالي مدينة غزة.
شبكة الأنفاق
وحول شبكة أنفاق حماس العميقة في غزة، فقد وصفتها مصادر أمنية بأنها «مدينة تحت الأرض» تضم مواقع إطلاق الصواريخ ومراكز قيادة ومسارات هجوم تستهدف القوات الإسرائيلية.
وقال الميجر عمري عطار، من قوات الاحتياط في فرقة للعمليات الخاصة، إن «القوات البرية تدربت أيضا على تحديد مواقع فتحات الهواء ومنافذ الهروب المؤدية إلى فتحات الأنفاق وعلى وضع المتفجرات بداخلها لإغلاقها».
ولفت إلى أن وحدات خاصة أخرى داخل سلاح الهندسة القتالية، الذي استخدم في الماضي الروبوتات والكلاب، ستتعامل مع أي قتال داخل الأنفاق.
وتابع: «الوضع معقد جدا، وأنا لا أتحدث عن عدد القتلى أو عدد المخطوفين، بل تحديدا البنية التحتية للمدينة السفلى، للأنفاق، وهو وضع شديد الحساسية».
والأحد، اكتشفت القوات الإسرائيلية العاملة بالقرب من معبر بيت حانون «إيريز»، عددا من عناصر حماس كانوا يخرجون من فتحة نفق في قطاع غزة.
وقال الجيش الإسرائيلي إن الجنود "تصدوا لهم فقتلوهم أو أصابوهم".
آخر العمليات البرية
ويختلف النهج حتى الآن عن الهجمات السابقة على قطاع غزة في 2008 و2014 وفي 2021.
ففي عام 2008، دخلت القوات الإسرائيلية مناطق المباني بقوة هائلة، مما دفع حماس إلى الانسحاب والاشتباك دوريا.
لكن القوات العسكرية الإسرائيلية تدرك المخاطر الناجمة عن المناطق كثيفة المباني في غزة ومخاطر إرسال قوات كبيرة.
ويسلط الضوء على تلك المخاطر أن إسرائيل فقدت في عام 2008 تسعة جنود أثناء توغلها، فيما ارتفع عدد القتلى في عام 2014، إلى 66 جنديا إسرائيليا.
وفي أحدث بيانات صادرة عن الجيش الإسرائيلي فإنه منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول لقي 315 جنديا إسرائيليا حتفهم، معظمهم في هجمات حماس في بداية الأمر.
وقال بن ميلخ الذي كان قائدا في سلاح الهندسة القتالية عام 2014 ومكلفا بتدمير الأنفاق، إن مهمتهم لم تكن التوغل أكثر من كيلومترين داخل الشبكة آنذاك.
وأضاف لـ«رويترز»: «لم يكن يتعين علينا سوى تدمير عشرات الأنفاق، لكن التحدي اليوم سيكون مئات الأنفاق وكيلومترات كثيرة وحصنا حقيقيا تحت الأرض بنته حماس».
واستطرد ميلخ: «في رأيي، هذا هو السبب وراء قيام الجيش الإسرائيلي باتباع مقاربة منهجية أبطأ للتأكد من أنه يغطي جميع قواعدهم ويزيل الأنفاق مع تقدمه حتى لا يتعرض لكمين من الخلف أو من الجانب وهكذا».
وشدد: «لا نريد أن نخسر جنودا، لذا سنتحرك ببطء، وسنتأكد من تقليص الخسائر البشرية بأفضل ما في وسعنا».
aXA6IDE4LjIxOC4xMDguMjQg جزيرة ام اند امز