هل تفقد الأسهم الأمريكية مكاسب 2021؟.. فوضى "يناير" التعيس
شهدت الأسهم الأمريكية بداية سيئة للعام الجديد بعد أن كان 2021 عاما مبهجا للأسهم.
وبحسب التقديرات فإن مؤشر S&P 500 في البورصة الأمريكية شهد أسوأ شهر له منذ مارس/آذار 2020.
ورغم توقعات قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) برفع مستويات الفائدة خلال الأشهر القادمة قد لعب دورا رئيسيا في هذ التراجع، إلا أن مخاوف انفجار فقاعة أسهم شركات التكنولوجيا ساهم أيضا في هذا التراجع.
رحلة صعود قوية في 2021
وفي عام اتسم بانحسار جائحة كورونا، وظهور سلالات جديدة من الفيروس، وفوضى سلاسل التوريد، فضلا عن تعافٍ اقتصادي مُتقطّع في الولايات المتحدة؛ حطم مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" أرقامه القياسية القديمة في رحلة صعوده بنسبة 26%، وتكوين قيمة سوقية بلغت 8.6 تريليون دولار خلال عام 2021.
إلا أنه منذ أواخر العام الماضي شهدت الأسهم التكنولوجية خسائر بارزة وسط مخاوف من ارتفاع عائدات السندات، حيث يحاول المستثمرون الخروج من الأسهم المحفوفة بالمخاطر والاستثمار في الأصول الأكثر أمانًا بحسب ما ذكر موقع مجلة فوربس.
على الجانب الآخر ما زالت الأسهم تجد محفزا للحماية من استمرار التراجع، حيث لا يزال نمو الاقتصادي الأمريكي يتسم بالقوة رغم ارتفاع التضخم.
وفيما يواجه المستهلكون تحديات ارتفاع الأسعار التي تعد الأكبر خلال 40 عامًا، إلا أن نمو الناتج المحلي الإجمالي شهد انتعاشا بشكل كبير، كما يستمر سوق العمل في التعافي من جائحة كوفيد-19، وما لحق به من متحورات كان آخرها أوميكرون.
ويتم عادة التركيز على مؤشر S&P 500 كمؤشر بارز على أداء الأسهم الأمريكية حيث يحتوى على أبرز شركات التكنولوجيا الأمريكية وأكثرها قيمة في العالم مثل أبل وميتا وألفابيت الشركة الأم لجوجل، ومايكروسوفت وغيرها من الشركات البارزة.
بدء نزيف الخسائر
وانخفض مؤشر S&P 500 لفترة وجيزة بلغت خسائره فيها نحو 10% مقارنة بمستوياته القياسية في بداية العام - حيث زادت تقلبات السوق خاصة خلال الأسبوع الاخير من شهر يناير الماضي.
وتمكن المؤشر من تقليص خسائره بعد أن شهد إنعاشا طفيفا عن أدنى مستوياته في يناير، إلا أن ذلك الانتعاش تمكن فقط من تحجيم خسارة S&P 500 لتكون بنسبة 6% مسجلا أسوأ شهر له منذ مارس/آذار 2020.
ولا يعتبر الخبراء أن الأسوأ قد حدث بعد، إذ يتوقعون أن الأسهم قد تستمر في الانخفاض بالنظر إلى نتائج أرباح الشركات المخيبة للآمال وتشديد السياسة النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي.
ارتفاع عائدات السندات
وفيما يتهيأ المستثمرون لمستويات الفائدة المرتفعة، شهدت عائدات السندات الحكومية قفزة حيث سجلت عائدات سندات الخزانة القياسية لأجل 10 سنوات مستوى قريبا من أعلى مستوياتها في عامين عند 1.78٪.
وأدت المعدلات المرتفعة إلى وضع أسهم النمو، لا سيما أسهم شركات التكنولوجيا، تحت وطأة عمليات بيع كبيرة في يناير/كانون الثاني، وانخفض مؤشر ناسداك المركب الثقيل في مجال التكنولوجيا لاحقًا إلى منطقة التصحيح، منخفضًا بأكثر من 11% من أعلى مستوى له في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
تراجع معظم الأسهم
وانخفض نحو 75% من الأسهم في S&P 500 خلال الشهر - وهبط أكثر من الثلث بأكثر من 10% منذ بداية 2022، وفقًا لبيانات بلومبيرج.
وهو ما جعل بعض الخبراء يميلون إلى أن شهر يناير/كانون الثاني السيئ لا يبشر بالخير بالنسبة لبقية العام، محذرين من أن نزيف الخسائر قد يستمر حتى نهاية العام.
أسهم الطاقة على النقيض
وفي المنطقة الخضراء احتلت الشركة الكبيرة لخدمات حقول النفط Halliburton المرتبة الأولى في مؤشر S&P 500 خلال شهر يناير/كانون الثاني، حيث ارتفعت بنسبة تزيد على 30%. كما ارتفعت أسهم شركات الطاقة الأخرى حتى الآن في 2022 بفضل ارتفاع أسعار النفط مؤخرًا إلى نحو 90 دولارًا للبرميل وسط مخاوف عالمية من نقص العرض وزيادة الطلب.
وقت التصحيح
كانت أسهم الشركة المصنعة للقاح موديرنا الأسوأ أداءً في مؤشر S&P 500 هذا الشهر بانخفاض 34% وسط الأبحاث القائلة إن الجرعة المعززة للقاح موديرنا ليست فعالة ضد متحور أوميكرون الجديد، وبعد أن كانت الشركة واحدة من أكبر الأسهم في العام الماضي - حيث ارتفعت بنسبة 143% لتصل إلى ثالث أكبر الشركات الرابحة في مؤشر S&P 500 في 2021.
وبعد تلك الخسائر - يتساءل الخبراء عن مستقبل الشركة في ظل غموض مصير قدرة الشركة على التعامل مع المتحورات الجديد لفيروس كورونا.
وفي ظل تلك التحديات إلا أن الاقتصاد الأميركي نمى بنسبة 6.9% في الربع الماضي، متجاوزًا التوقعات السابقة بفضل زيادة الإنفاق الاستهلاكي والصادرات والاستثمارات الخاصة.
كما انتعش الناتج المحلي الإجمالي بقوة في 2021 على الرغم من ارتفاع التضخم، وارتفع بنسبة 5.7% - في أسرع وتيرة له منذ 1984 - بعد انخفاض بنسبة 3.4% في 2020، عندما أدت عمليات الإغلاق بسبب الجائحة إلى دخول الاقتصاد في حالة ركود.
ومع هذا، خفض صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي توقعاته للناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة من 5.2% إلى 4% في 2022، بسبب استمرار جائحة كوفيد-19 والتضخم السريع وقضايا سلسلة التوريد وإلغاء الاحتياطي الفيدرالي للتحفيز.
ويعتزم مجلس الاحتياطي الفيدرالي تشديد السياسة النقدية وإلغاء التحفيز في عصر الجائحة في محاولة لمكافحة الأسعار المرتفعة، معلنًا الأسبوع الماضي أنه سيبدأ رفع مستويات الفائدة "قريبًا"، بدءًا من مارس/آذار.
وتوقع البنك المركزي أن ترتفع مستويات الفائدة ثلاث مرات خلال 2022، على الرغم من أن رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول قال إن هناك مساحة لزيادة مستويات الفائدة.
وعززت أسهم شركات التكنولوجيا العملاقة أداء الأسهم الأمريكية في عام 2021، وذلك للعام الثالث على التوالي.
وارتفعت أسهم 5 من أبرز شركات الإنترنت والتكنولوجيا في السوق الأمريكية خلال عام 2021، وهي: "أبل"، و"مايكروسوفت"، و"ألفابيت" المالكة لشركة "جوجل"، و"أمازون"، و"ميتا بلاتفورم" المالكة لـ"فيسبوك" رغم التراجع التي شهدتها تلك الأسهم في آخر جلسات العام.
ورغم تباين أدائها خلال العام 2021 بين مكاسب بـ65% لأسهم "ألفابيت"، وارتفاع "أمازون" بـ2.4%؛ لكنَّ الأسهم مجتمعة أضافت 2.45 تريليون دولار لقيمتها السوقية، فقد كانت أسهم "مايكروسوفت"، و"أبل"، و"ألفابيت" من بين أكبر 3 أسهم عززت مكاسب مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" في عام 2021.