إسرائيل تلاحق المقدسيين.. أحياء وأموات
لا يكتفي الاحتلال بالتضييق على المقدسيين في حياتهم اليومية وإنما يلاحقهم حتى في قبورهم.
يقول مقدسيون إن الاحتلال الإسرائيلي لا يكتفي بالتضييق عليهم في حياتهم اليومية وإنما يلاحقهم حتى في قبورهم.
وثمة 3 مقابر أساسية في محيط البلدة القديمة من مدينة القدس هي الرحمة واليوسفية اللتان تزيد أعمارهما عن 1400 عام ومقبرة المجاهدين التي يزيد عمرها عن 1000 عام.
وفي مقبرة الرحمة الواقعة إلى الشرق من المسجد الأقصى قبور لعدد من صحابة النبي محمد صلى الله عليه وسلم مثل عبادة بن الصامت وشداد بن أوس.
وقال مصطفى أبو زهرة، رئيس لجنة رعاية المقابر الإسلامية في القدس، لـ"العين الإخبارية" إن "مقبرتي الرحمة واليوسفية موجودتان في محيط المسجد الأقصى وأسوار القدس القديمة منذ 1400 عام، ومنذ ذلك الحين يقوم المسلمون بدفن موتاهم فيها".
وأضاف: "أما مقبرة المجاهدين فهي موجودة في منطقة الساهرة منذ أن أقامها صلاح الدين الأيوبي قبل 1000 وأطلق عليها هذا الاسم؛ لأن المجاهدين الذين استشهدوا خلال مرافقتهم له دفنوا فيها".
وتابع أبو زهرة: "مقبرة المجاهدين موجودة على تلة مشرفة على مدينة القدس القديمة ولعلها المنطقة الوحيدة التي يوجد فيها الأموات فوق الأحياء؛ إذ توجد أسفل هذه المقبرة محلات تجارية في شارع صلاح الدين الذي يعد أحد أهم المراكز التجارية في مدينة القدس الشرقية".
وعلى الرغم من الاكتظاظ الكبير في هذه المقابر بسبب ضيق حجمها إلا أن الفلسطينيين من سكان البلدة القديمة ومحيطها ما زالوا يدفنون موتاهم فيها حتى الآن.
وفي هذا السياق، يقول أبو زهرة: "هذه المقابر من ضمن الشواهد على عروبة وإسلامية مدينة القدس، ولذلك فهي مستهدفة من قبل الاحتلال الإسرائيلي الذي يريد طمسها كما فعل في مقبرة مأمن الله التاريخية في القدس الغربية".
وتشير تقديرات إلى أن 350 ألف فلسطيني يعيشون في مدينة القدس الشرقية من بينهم 70 ألفا في البلدة القديمة وعشرات آلاف في الأحياء المحيطة.
وبينما أقام المقدسيون في الأحياء البعيدة عن البلدة القديمة مقابر صغيرة في قراهم وأحيائهم، مازال الأغلبية يفضلون دفن أعزائهم في المقابر القريبة من البلدة القديمة والمسجد الأقصى.
ولكن سلطات الاحتلال عمدت في السنوات الماضية إلى التضييق على المقابر ذاتها، وذلك باقتطاع أجزاء منها بداعي أنها أراض تابعة لسلطة الآثار الإسرائيلية أو لإقامة ممرات للمشاة.
وزادت تدخلات الاحتلال في المقابر خاصة في الأسابيع القليلة الماضية بحيث بدت السلطات الإسرائيلية عازمة على اقتطاع أجزاء إضافية من المقابر وهو ما يرفضه الفلسطينيون بشدة.
وتؤكد دائرة الأوقاف الإسلامية في مدينة القدس على أن المقابر هي أراض وقف إسلامي وإنها لن تسمح لسلطات الاحتلال بسرقتها.
وفوجئ المقدسيون في الساعات المبكرة من صباح الخميس بقيام قوات كبيرة من شرطة الاحتلال ترافقها عناصر من سلطة الآثار الإسرائيلية بوضع علامات غريبة في المقبرة تشير إلى قرب مصادرة أجزاء منها.
وأشار أبو زهرة إلى أن "سلطات الاحتلال الإسرائيلي تريد مصادرة أراضي المقبرة بادعاء أن قرارات صدرت في الأعوام 1975 و1995 بمصادرتها دون اعتراض، وفي الحقيقة فإنه تم الاعتراض على هذه القرارات وتنظر المحاكم الإسرائيلية منذ سنوات طويلة في هذه الاعتراضات".
واستطرد قائلا: "اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي ترافقها طواقم ما تسمى بسلطة الآثار وحماية البيئة بادعاء أنهم سيقيمون أسوارا حول المقبرة ولكنهم بذلك يعتدون على أراضي الأوقاف الإسلامية".
وتابع: "هم يزعمون أنهم يريدون إقامة أسوار ولكن في الحقيقة فإن ثمة مؤشرات على أن الحديث يدور على مشاريع استيطانية لصالح جمعية (العاد) الاستيطانية الإسرائيلية من بينها مراكز سياحية".
وتنشط جمعية (العاد) الاستيطانية الإسرائيلية في المنطقة الجنوبية للمسجد الأقصى في محاولة لطمس أي آثار إسلامية أو عربية في المنطقة.
وتطلق جمعية (العاد) الاستيطانية على المنطقة وبلدة سلوان المجاورة اسم "مدينة داود" وتحاول أن تسوق رويتها هذه على مئات آلاف السياح الذين يزورون المنطقة سنويا من كل أنحاء العالم.
ويعاني الفلسطينيون في مدينة القدس من قلة المساكن وهدم المنازل والأوضاع الاقتصادية الصعبة والحصار الذي يمنع الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة من الوصول إلى المدينة.