علم الأردن.. رايات خفاقة تضيء محطات فاصلة
رايات اختزلت تاريخ الأردن عبر الزمن ووثقت محطاته المضيئة منذ عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، في امتداد يكتب أمجاد بلد تتقاطع عنده العصور.
رايات مجد ونتاجُ تاريخٍ مضيء وصولاً إلى علَم المملكة الأردنية الهاشمية وعلَم الملك المعظم والراية الهاشمية، في تاريخ ثري يدخل دائرة الضوء بمناسبة دخول الأردن المئوية الثانية، ويدفع نحو كشف أسرار ألوان ورموز تطورت على مدى 14 قرنا من الزمان لتصل إلى علم الأردن اليوم.
- ملك الأردن: الفتنة وُئدت وبلادنا آمنة ومستقرة
- فيديو: عمر العبداللات يحتفي بمئوية الأردن.."وتستمر المسيرة"
الأبيض والأسود
يرجع اختيار اللونين الأبيض والأسود في رايات الأردن، بحسب عدد من المصادر والمراجع التاريخية، للرايتين اللتين اتخذهما الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وهما باللون الأبيض والأسود، وتكرّر ذكرُهما ووصفُهما تاريخيا.
وقال العلّامة بن برهان الدين الحلبي في "السيرة الحلبية" إنه "كان قُبالة الرسول محمد رايتان؛ سوداء يحملها عليّ بن أبي طالب عنه وتسمّى العقاب، وهي راية الرسول محمد، والثانية البيضاء وكان يحملها الأنصار".
واستمر استخدام الرايتين السوداء والبيضاء في عهد الخلفاء الراشدين (أبو بكر الصديق، عمر بن الخطاب، عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب).
ورفعت الجيوشُ الإسلامية تلك الأعلام في جميع معاركها، وعُرف المثنى بن حارثة برايته السوداء، وخالد بن الوليد برايته الخضراء، وسعد بن أبي وقاص برايته الحمراء، ورفعَ أسامة بن زيد الراية البيضاء.
وفي عهد الدولة الأموية، استمر الأمويون باستخدام الراية البيضاء استبشاراً بفتح مكة وانتصار الرسول صلى الله عليه وسلم فيه.
أما في عهد الدولة العباسية، فقد اتخذ العبّاسيون الأسْودَ لوناً لرايتهم تيمُّناً بعمامة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وبراية العقاب السوداء، وحداداً على من استشهد من آلِ البيت.
اللون الأخضر
وجاء استخدام اللون الأخضر للمرة الأولى في عهد الفاطميين حينما اتخذوه لوناً لرايتهم تيمُّناً بُجبّة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم التي تدثّر بها علي بن أبي طالب في الليلةَ التي حاول فيها المشركون قتلَ الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وحين رأوا "عليّا" في فِراشه ارتدّوا.
اللون الأحمر
وظهر اللون الأحمر الداكن للمرة الأولى في الراية الهاشمية، حينما اختير لهذه الراية الإسلامية العربية الهاشمية اللونُ الأحمر الداكن (العنّابي).
وتمتدّ جذورها إلى العام 1515م حينما اتّخذها الشريف أبو نمّي رايةً للأشراف الهاشميين.
العلم الحديث
بدأ التفكير بالعلَم العربي في العصر الحديث عندما بحث الشباب العرب الذين أسسوا المنتدى الأدبي في مسألة العلَم القومي للعرب، خلال الفترة 1909-1911.
وتوصل الشباب إلى أن عَلَم المستقبل يجب أن يتألف من 4 ألوان، هي (الأبيض والأسود والأخضر والأحمر)، وصَنعوا راية بهذه الألوان ورفعوها داخل بناية المنتدى الأدبي.
وكتبوا تحتها بيتا من قصيدة الشاعر صفي الدين الحلّي "سلي الرماحَ العوالي عن معالينا" التي تتغنى بأمجاد العرب.
وفي شهر مارس/آذار 1914 بدأ الشباب من حمَلَة الفكرة العربية التفكير في راية جديدة حتى تبلورَت في القرار الذي اتخذه المركز الرئيسي للجمعية العربية الفتاة عندما عقد أعضاء المركز اجتماعاً في مكتب صحيفة "المفيد" في بيروت.
وقرر الشباب أن يتألف عَلَم الدولة العربية المستقلة من ثلاثة ألوان هي (الأبيض ويرمز للدولة الأموية، والأسود ويرمز للدولة العباسية، والأخضر ويرمز للدولة الفاطمية).
وبدأ أعضاء الجمعية في استخدام تلك الألوان الثلاثة في منشوراتهم
راية الثورة العربية الكبرى
وخلال لقاءات الشريف الحسين بعددٍ من أعضاء الأحزاب العربية السرية، حدّثوه عن ألوان العلم العربي التي كانت آراؤهم قد استقرت عليها قبل نشوب الحرب العالمية الأولى وانطلاق الثورة العربية الكبرى.
واقترحوا أن يتشكل منها علم الدولة العربية التي كانوا يأملون قيامها، فأخذَ الشريف بالفكرة.
وقد نشرت صحيفة "القِبلة" في العدد 82 (8 يونيو/حزيران 1917)، بياناً رسمياً أُقِرّ فيه رفع العلم العربي ابتداءً من 31 مايو/أيار 1917م، الموافق للذكرى الأولى لقيام الثورة.
ونصّ البيان على ما يلي (مرفق12): "إنّ الراية مؤلفة من الألوان الثلاثة المتوازية الأسود والأخضر والأبيض، وأن يصل الألوانَ الثلاثة المذكورة مثلثٌ ذو لون أحمر (عنّابي)".
وأكد البيان أن ألوان العلم الجديد جامعةٌ لرموز الاستقلال العربي في جميع أدواره التاريخية.
راية المملكة العربية السورية
وحينما دخلت القوات العربية بقيادة الأمير فيصل دمشقَ في 1 أكتوبر/تشرين الأول 1918، رفع العلم العربي على ربوعها، وأعلن تشكيل الحكومة العربية في 5 أكتوبر/تشرين الأول 1918.
وبعد إعلان استقلال سوريا وتنصيبه ملكاً عليها في 8 مارس/آذار 1920، اتخذت الدولة العربية في سوريا (المملكة السورية) علم الثورة العربية، مع إضافة نجمة سباعية بيضاء في وسط المثلث.
وتشير تلك النجمة إلى أنها الدولة العربية الأولى التي تنبثق عن الدولة الأم في الحجاز، وذلك بناءً على قرار المؤتمر السوري العام.
وقد أوردت صحيفة "القِبلة" تفاصيل ذلك في العدد 270 (29 مارس/آذار 1920) واستُخدمت هذه الراية إلى أن أنتهى العهد الفيصلي في سورية في أعقاب معركة ميسلون (24 يوليو/تموز1920).
راية المملكة العراقية
وفي العام 1921 نودي بالملك فيصل بن الحسين ملكاً على العراق، واتخذت المملكة العراقية علمَ الثورة العربية علماً رسمياً لها مع إضافة نجمتين سباعيتين في وسط المثلث (كناية عن أنها الدولة الثانية التي تنبثق عن الدولة الأم في بلاد الحجاز).
واستُخدمت هذه الراية إلى أن انتهى العهد الهاشمي في العراق بتاريخ 14 تموز 1958.
راية المملكة الأردنية الهاشمية
وفي العام 1921، شرع الأمير عبدالله في تأسيس إمارة شرق الأردن، وقيادة مرحلة تشكيل الدولة والاستقلال، فألّف أول حكومة أردنية مركزية برئاسة رشيد طليع في 11 أبريل/نيسان من العام نفسه.
وتميزت هذه الحكومة التي حملت اسم "حكومة الشرق العربي" بطابعها العربي.
وبقي علم الدولة العربية في سوريا علماً للإمارة، مع تبديل في ترتيب الألوان بموجب البيان الرسمي الذي ورد في العدد (568) من صحيفة "القِبلة" (13 آذار 1922).
وفي عام 1928 صدر القانون الأساسي الذي بيّن شكل راية شرق الأردن وقياسها.
وفي 25 مايو/أيار 1946 وقّع الأمير عبدالله على قرار الاستقلال الذي تضمّن إعلان الأردن بلادا مستقلة استقلالا تاما، وبويع ملكاً على المملكة الأردنية الهاشمية.
علم الملك
ينطوي علم الملك على رمزية خاصة لكونه العلمَ الشخصي له، ويُعَدّ ثاني الأعلام في الأردن وفقاً لما ورد في العدد (217) من الجريدة الرسمية (1 كانون الأول 1929).
علم ولي العهد
استخدم علَمُ ولي العهد من قِبل الأمير الحسن بن طلال، وقد قدّم هذا العلم إلى الملك عبدالله الثاني بن الحسين عندما عُيّن ولياً للعهد بتاريخ 24 يناير/كانون الثاني عام 1999.
ويرمز هذا العلم إلى ولي العهد، وهو العلم الشخصي لولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ويستمد ألوانه من دلالات راية الثورة العربية والراية الأردنية وعلَم الملك.
الراية الهاشمية
في 9 يونيو/ حزيران 2015، سلّم الملك عبدالله الثاني ابن الحسين راية ذات لون أحمر عنّابي داكن إلى القوات المسلحة الأردنية-الجيش العربي بمناسبة عيد الجلوس الملكي ويوم الجيش والثورة العربية الكبرى، في باحة قصر الحسينية.
وانضمّت بذلك تلك الراية إلى رايات وأعلام القوات المسلحة الأردنية-الجيش العربي، لتؤكد التزامها ومنذ تأسيسها بالدفاع عن المبادئ السامية لرسالة الإسلام والثورة العربية الكبرى والحفاظ على الشرعية والإنجاز.
وتستمدّ الراية الهاشمية دلالاتها من تاريخ الأسرة الهاشمية منذ عهد الشريف أبي نُمّي 1515م، وكانت هذه الراية تُستخدم عند انطلاق الثورة العربية الكبرى إلى جانب علم الثورة، وقد رفعها الأمير عبدالله الأول عندما توجّه إلى مدينة معان عام 1921.
علَم القائد الأعلى
يُمنَح علَم القائد الأعلى من قِبَل الملك عبدالله الثاني شخصياً خلال احتفال رسمي، كأعلى درجة تكريم عسكريّ للوحدات المقاتلة في القوات المسلحة الأردنية، تكريماً منه لما يبذله منتسبو هذا الوحدات من بسالةٍ وبطولة وتضحية دفاعاً عن الوطن، حدوده وأرضه وسمائه.
أعلام اليوبيل
رُفعت أعلام اليوبيل في الاحتفالات بميلاد الملوك الهاشميين وجلوسهم على العرش، وهي مناسبات حرص الأردنيون على الاحتفال بها رسمياً وشعبياً، لتعزيز المنجزات والبناء عليها، والولاء للقيادة الهاشمية، وتجديد البيعة لهم، والاستمرار في بناء الوطن وخدمته.
وتضم تلك الأعلام، علم اليوبيل الفضي لجلوس الملك الحسين بن طلال على العرش عام 1977، وعلم اليوبيل الذهبي لميلاد الملك الحسين بن طلال عام 1985، وعلم اليوبيل الذهبي لميلاد الملك عبدالله الثاني ابن الحسين عام 2012.
aXA6IDE4LjExNi4xNC40OCA= جزيرة ام اند امز