قره باغ يحصي قتلاه ويودع سكّانه
في سياراتهم المملوءة بمؤن قليلة هي كل ما تبقى لديهم بعد أشهر من الحصار، يودع سكان ناغورني قره باغ الإقليم المضطرب.
وخلال فرارهم على الطريق الجبلي الوحيد الذي يربط الإقليم بأرمينيا، قُتل ما لا يقل عن 170 شخصاً في انفجار مستودع للوقود، وفق حصيلة جديدة نشرتها الشرطة التابعة للقوات الانفصالية اليوم الجمعة بعد حادث يوم الإثنين.
وقالت إنّه "تمّ العثور حتى الآن على رفات 170 شخصاً، وتمّ تسليمها إلى الطب الشرعي"، وسيتم إرسالها إلى أرمينيا لتحديد هويات أصحابها.
وتحدثت حصيلة سابقة عن مقتل 68 شخصاً على الأقل وفقدان نحو مئة آخرين.
وفي طريق فرارهم، توقف العديد من السائقين في هذه المحطة الواقعة على مشارف عاصمة الإقليم ستيباناكيرت، وهي واحدة من المحطات القليلة التي ما زالت في الخدمة.
وأدى الحادث أيضاً إلى إصابة 349 شخصاً، معظمهم يعانون من حروق خطيرة.
وفي المجموع، أُفيد عن مقتل حوالي 600 شخص في أعقاب الهجوم العسكري الخاطف الذي شنّته باكو وأدى إلى استسلام الانفصاليين الأسبوع الماضي. وأدى القتال نفسه إلى مقتل نحو 200 جندي من كلّ جانب.
تذكارات وكتب محترقة
أصدرت سلطات ناغورني قره باغ الانفصالية الخميس مرسوماً يأمر بحلّ "جميع المؤسسات في الأول من يناير/ كانون الثاني 2024"، معلنة أنّ "جمهورية ناغورني قره باغ" المعلنة من جانب واحد قبل أكثر من 30 عاماً، "ستزول من الوجود".
وقوبل هذا الإعلان بحزن في أرمينيا، حيث بكى مذيع تلفزيوني أثناء نقل الخبر في مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع.
بدوره، أعلن الكرملين الجمعة أنّ روسيا ستقرّر مع أذربيجان مستقبل مهمّة حفظ السلام في هذه المنطقة الانفصالية التي نشرت فيها قوات منذ العام 2020.
وفي غضون أيام قليلة، غادر 88,780 شخصاً، أي حوالي ثلاثة أرباع سكان الإقليم البالغ عددهم 120 ألف نسمة، منازلهم، وفقاً لآخر إحصاء نشرته يريفان.
ويخشى السكان من الانتقام بعد الهجوم العسكري الذي شنّته باكو.
وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود، خاضت هذه المنطقة ذات الغالبية المسيحية، والتي انفصلت عن أذربيجان ذات الغالبية المسلمة بعد تفكّك الاتحاد السوفياتي، مواجهات مع باكو، لا سيما خلال حربين بين العامي 1988 و1994 وفي خريف العام 2020.
ومن بين اللاجئين الذين التقتهم وكالة "فرانس برس" في بلدة غوريس الحدودية الأرمنية، تحدّث الجميع عن "وحشية" هذه الحرب الأكثر تدميراً بكثير من سابقاتها، فضلاً عن الرعب الذي عانوا منه عند وصول جنود العدو.
تعايش مستحيل
قال معظم الأشخاص في هذه المنطقة التي يتمتّع فيها جميع الرجال بخبرة في الجيش والقتال، إنّهم أحرقوا زيّهم الرسمي ووثائقهم العسكرية، وحتى أكثر من ذلك بكثير.
وقالت الفتات الشابة لاريسا "الصور العائلية وذكرياتنا، وكتب تاريخ أبطالنا. ليس هناك شك في أنّ الأذريين سيدنّسونها".
ويقول الباحث في معهد العلوم السياسية بفرنسا، بيرم بالجي، إنّ "لا أحد يؤمن بإمكانية التعايش بين الطائفتين. لا الأرمن ولا الأذريون مستعدّون لهذا الخيار".
ويضيف أنّ أرمن ناغورني قره باغ "غادروا بإرادتهم. أجد أنّ الأمر أكثر إثارة للقلق" ممّا لو تمّ طردهم، مقدّراً أنّ "5 إلى 10 آلاف نسمة فقط ربما سيبقون" هناك.
والأرجح أنه لن تبقى سوى الشقق الفارغة والحقول البور، عندما يسلّم الانفصاليون مفاتيح باكو.
aXA6IDE4LjExNy4xMDUuNDAg
جزيرة ام اند امز