كاسمه تمامًا، كان كريمُ كريمًا، أغدق على مشجعي ريال مدريد بالأهداف، ومنحهم ذكريات لا تُنسى، ولكنه كما السرَّاء كان كريمُ كريمًا في الضرَّاء، وكما عاشت الجماهير معه ذكريات سعيدة على مدى أعوام، عاشت مؤخرا ذكريات مؤلمة على مدار ساعات.
رحل كريم بنزيما، وترك ريال مدريد بعد حقبة تاريخية لا تنسى، صاح فيها كما تصيح الديكة في فرنسا، غير أن ديكًا لم يغلبه أبدًا في صيحاته، تلك الصيحات التي جعلته ثاني هدافي الفريق الملكي على مر التاريخ، سجل 353 هدفا في 647 مباراة، هزم بها كل الأساطير باستثناء صديقه البرتغالي كريستيانو رونالدو، الهداف التاريخي للنادي التاريخي.
14 عاما قضاها بنزيما في جنبات ملعب سانتياغو برنابيو، قاد خلالها ريال مدريد للفوز بـ25 لقبا، ليكون أكثر لاعبي النادي الإسباني تتويجا بالألقاب، بالتساوي مع الظهير البرازيلي مارسيلو، بعدما بصما معا على كل بطولات "الميرينغي" على مدار قرابة عقدٍ ونصف، ومن ينسى؟
من ينسى الخماسية التاريخية في دوري أبطال أوروبا؟ ومثلها في كأس العالم للأندية، ورباعية كأس السوبر الأوروبي، ومثلها في الدوري الإسباني، وكذلك السوبر المحلي، ومن ينسى 3 ألقاب في كأس ملك إسبانيا، آخرها في الموسم الحالي؟
إذا كان هناك من يمكنه أن ينسى ذلك كله، فبالتأكيد لن ينسى موسم كريم بنزيما التاريخي، الذي تجاوز فيه كرمه كل الحدود، فقاد ريال مدريد للفوز بالدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا لموسم 2021-2022، وحصل على لقب الهداف في المسابقتين لأول مرة في تاريخه الطويل.
موسمٌ كهذا انتهى كما يحق له أن ينتهي، تُوج بنزيما بجائزة أفضل لاعب في أوروبا، ثم الكرة الذهبية كأفضل لاعب في العالم من مجلة "فرانس فوتبول" الفرنسية، ليتوقع الجميع أن تكون بدايةً لرحلة من التوهج، ولكن العكس هو الذي حدث.
هبطت مستويات بنزيما، وطاردته الإصابات حتى حرمته من كأس العالم 2022 في قطر، ليكتب بيده لا بيد عمرو قصة اعتزاله دوليًا، بعد مسيرة متخبطة لم يُكتب لها النجاح، لكن ذلك لم يكن كافيًا ليستعيد النجم الفرنسي أفضل مستوياته مع ريال مدريد.
واصلت لعنة الإصابات مطاردة بنزيما، وحرمته من الوصول لأعلى مستوى، ليقرر مرة أخرى أن يكتب بيده لا بيد عمرو نهاية رحلته مع ريال مدريد، رحلة طويلة من التألق، تمتلك فيها الجماهير ذكريات لا تُنسى، وكريم أبدًا لن يُنسى.
وانضم بنزيما (35 عاما) إلى اتحاد جدة السعودي في صفقة انتقال حر، خلال صيف 2023، ليخوض أول تجربة احترافية له خارج القارة العجوز، مع اقترابه من الاعتزال.