"بشخطة قلم" تثير أزمة بين الكويت ولبنان.. غضب وتوضيح
عشية الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت، التي جدد فيها لبنان أحزانه وآماله بعدالة سريعة ناجزة، لضحايا الكارثة التي ذكّرت العالم بأسره بقنبلة هيروشيما، كان البلد المأزوم سياسيًا واقتصاديًا على موعد مع أزمة جديدة.
أزمة أطلت برأسها، مع تصريح لوزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، أمين سلام، في معرض حديثه عن تمويل إعادة إعمار صوامع القمح التي دمرها الانفجار، قال فيه، إن لبنان يعول بشكل كبير جدا على دعم دولة الكويت لإتمام المبادرة التي أطلقها الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح، ببناء الصوامع.
"بشخطة قلم"
وأوضح الوزير اللبناني، أنه أرسل رسالة قبل ثلاثة أسابيع إلى أمير الكويت نواف الأحمد الصباح، طلب فيها باسم الشعب اللبناني إعادة بناء الصوامع حفاظاً على الأمن الغذائي، مضيفًا: "الخبز للناس ولا يجوز أن يترك بلد عربي دون مخزون استراتيجي".
وفيما أعرب عن أمله في "أن نلقى الجواب قريباً لأن الأموال موجودة في صندوق التنمية الكويتي، وبشخطة قلم يمكن أن يتخذ القرار"، أشار إلى أن بلاده تواجه تحديات كبيرة في موضوع الأمن الغذائي منذ أن خسرت صوامع مرفأ بيروت، لأنها كانت تؤمن استدامة من 3 إلى 6 أشهر، أما اليوم فلبنان يعتمد على استيراد القمح لتأمين حاجاته.
وما إن أطلق وزير الاقتصاد اللبناني تصريحه، حتى قوبل بموجة استنكار واستغراب في الكويت، فوصفه وزير الخارجية الشيخ سالم عبدالله الجابر الصباح، بأنه "يتنافى مع أبسط الأعراف السياسية".
غضب في الكويت
وقال وزير خارجية الكويت، في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، إن "تصريح وزير الاقتصاد والتجارة في الجمهورية اللبنانية يتزامن مع مرور الذكرى الثالثة لواقِعة انفجار مرفأ بيروت الأليمة، التي نتج عنها سقوط عدد كبير من الضحايا والمصابين في الجمهورية اللبنانية، علاوةً على تسببها بتدمير عدد من المرافق الحكومية اللبنانية الحيوية، مثل صوامع الغلال بمرفأ بيروت، وهي الصوامع التي سبق لدولة الكويت أن مولت بناءها عام 1969 عبر قرضٍ مُقدم من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية".
وأشار إلى أن "التصريح يعكس فهماً قاصراً لطبيعة اتخاذ القرارات في الكويت، والمبنية على الأسس الدستورية والمؤسساتية بما في ذلك المنح والقروض الإنسانية التي تقدمها حكومة الكويت للدول الشقيقة والصديقة".
رئيس الدبلوماسية الكويتية، أضاف أن "دولة الكويت تمتلك سجلاً تاريخياً زاخراً بمساندة الشعوب والدول الشقيقة والصديقة، وترفض رفضاً قاطعاً أي تدخل في قراراتها وشؤونها الداخلية".
وحث وزير الخارجية، وزير الاقتصاد والتجارة في الجمهورية اللبنانية على سحب هذا التصريح، حرصاً على العلاقات الثنائية الطيبة القائمة بين البلدين الشقيقين.
إلا أن تصريح الوزير اللبناني، أثار أزمة في الكويت؛ فالنائب في مجلس الأمة سعود العصفور، قال في تغريدة عبر حسابه بمنصة "إكس" (تويتر سابقًا": "لمثل هذه الأمور، التي تحدث فعليا بشخطة قلم، تقدمنا قبل فترة مع عدد من النواب بتعديل يلزم الصندوق بالحصول على موافقة مجلس الأمة قبل اعتماد القروض الخارجية".
في السياق نفسه، قال البرلماني الكويتي جراح الفوزان: "سندعم تشريعا قانونيا يتطلب موافقة مجلس الأمة في المنح، وسوف أوجه يوم الأحد أسئلة برلمانية عن صندوق التنمية وعن التمويل وتصريحات الوزير اللبناني".
توضيح واعتذار
ردود الفعل الغاضبة على تصريح الوزير اللبناني، دفعت الأخير، إلى المسارعة لعقد مؤتمر صحفي أكد خلاله أنه لم يكن يقصد تجاوز الأصول الدستورية والقانونية مع الكويت".
وأوضح الوزير اللبناني، المقصود من "عبارة "بشخطة قلم"، قائلا: عبارة (بشخطة قلم) اخذت منحى سلبيا، وجعلت الأمور تنعكس بشكل سلبي على الكلمات والتفاصيل وعدم التركيز على الجوهر والمضمون. وينبغي التوضيح أن (بشخطة قلم)، هي عبارة تستعمل في اللغة اللبنانية العامية للدلالة على الأمر والموضوع القابل للتنفيذ بسرعة، ولم نقصد بها الاستخفاف أو قطع المسار الدستوري والطبيعي للتعامل بين دولتين شقيقتين كلبنان والكويت".
وأضاف: "لم يكن القصد من استعمال هذه العبارة تجاوز الأصول والآليات الدستورية والقانونية المرعية من قبل دولة الكويت أو من قبل دولة لبنان؛ لأننا أكثر من يعلم أن الأمور في دولة الكويت لا تتم إلا من خلال عمل مؤسساتي دستوري وإداري دقيق".
أضاف سلام: "نتمنى على إخوتنا في الكويت وفي البرلمان الكويتي أن يقبلوا منا هذا التوضيح والنية المقصودة من استعمال هذا الوصف. توجهت بهذا الطلب ضمن صلاحياتي، وكنت مرتاح الضمير في طلبي لأنني أناشد بلدا شقيقا لطالما دعم لبنان ووقف إلى جانبه".
وتابع: "عندما توجهنا بكلمتنا إلى دولة الكويت الشقيقة قلنا إننا نأمل وننتظر أن تتجاوب معنا الكويت؛ لأن الأمر موضوع إنساني يتعلق بالأمن الغذائي وليس له أي طابع آخر، والعبارات التي استخدمت لم يكن القصد منها الاستخفاف ولا الإساءة للعمل المؤسساتي. ونحن تواصلنا مع وزارة الخارجية ضمن الأصول، وأعدنا إحياء هذا الطلب، وعلى كل من حرّف الكلام أن يعرف أن النوايا إيجابية ونحن نكن كل الاحترام لدولة الكويت الكريمة".
رسائل حكومية
رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني، نجيب ميقاتي، دخل على خط الأزمة، ببيان صادر عن مكتبه الإعلامي، أكد فيه "عمق العلاقة بين الكويت ولبنان والشعبين الشقيقين ومتانتها والتي لن تشوبها شائبة"، مشيرًا إلى "أن دولة الكويت لم تتوان، ضمن الأصول، عن مد يد العون لإخوانها في لبنان على مر العقود".
وقال ميقاتي في البيان الذي اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه: "عطفا على تصريح وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام المتعلق بإعادة بناء إهراءات القمح في لبنان ودعوته دولة الكويت الشقيقة وسمو أميرها بالمساعدة في ذلك، والتوضيح اللاحق الذي أصدره الوزير بشأن مقصده، فإن الرئيس يؤكد احترام لبنان مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول كافة".
وتابع متسائلا: "فكيف إذا تعلق الأمر بدولة الكويت الشقيقة التي تخضع آلية اتخاذ القرار فيها لضوابط دستورية وقانونية ومؤسساتية تعكس حضارة سياسية عميقة ومتجذرة في المجتمع الكويتي؟ فاقتضى التوضيح".
aXA6IDMuMTM1LjIxNC4xMzkg جزيرة ام اند امز