كيف تحول خالد مسعود من رب أسرة إلى إرهابي قاتل؟
تحول مسعود من رب أسرة بريطانية إلى إرهابي يقتل آخرين في شوارع لندن باسم أيديولوجيته ما زال يحير الخبراء ومسؤولي مكافحة الإرهاب
أعلنت الشرطة البريطانية أن منفذ الهجوم أمام مقر البرلمان بوسط العاصمة لندن، يدعى خالد مسعود، وكان يعرف سابقا باسم أدريان إلمز، قبل إشهار إسلامه، وهو مجرم محترف له تاريخ من جرائم الطعن بالسكين العنيفة.
ولم يخضع مسعود لأية تحقيقات من قبل الشرطة، لكن له تاريخا جنائيا في سجلاتها، وقالت شرطة سكوتلاند يارد: "لم يرد اسم مسعود ضمن أية تحقيقات في الآونة الأخيرة ولم ترد معلومات سابقة عن اعتزامه شن هجوم إرهابي".
وأدين مسعود للمرة الأولى في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1983 للتسبب في ضرر عام، وكانت آخر مرة أدين فيها في ديسمبر/كانون الأول عام 2003 لحيازة سكين، غير أنه لم يدن قط في جرائم تتعلق بالإرهاب.
وكانت آخر إدانة له عندما كان عمره 38 أو 39 عاما، وهذا يبدو عمرا متأخرا للغاية لشباب غاضب عالق في عالم الإجرام والعنف والسرقة.
تاريخ من الإجرام
ولد مسعود في 25 ديسمبر/كانون الأول عام 1964 بدارتفورد في مقاطعة كنت، لأم بيضاء وأب أسود، ولكنه كان يعيش مؤخرا في ويست ميدلاندز، وتنقل في السنوات الأخيرة ما بين مكانين أحدهما في لوتن شمال غرب لندن والآخر في شرقي لندن، وقالت شرطة العاصمة أيضا إنه كان يعرف بعدد من الأسماء المستعارة.
وفي يوليو/تموز عام 2000 فقد السيطرة على أعصابه، وطعن مالك المقهى بيرس موت في وجهه بسكين بعد مشادة ذات "أبعاد عرقية"، وبعد هذا الهجوم دخل السجن 3 سنوات.
وبعد 3 سنوات من السجن، طعن رجلا في أنفه فعاد إلى السجن وقضى عقوبة 6 أشهر لحيازة أسلحة هجومية، وقضى عقوبته في سجن لويس، شرق ساسكس، وسجن وايلاند في نورفولك، وسجن فورد المفتوح، غرب ساسكس، ومن المرجح للغاية أنه اعتنق أفكارا متطرفة أثناء قضائه عقوبة السجن.
في عام 2004 تزوج من المسلمة فرزانة مالك، وليس من الواضح ما حل بزواجهما وما إذا كان مسعود قد تحول إلى الإسلام في ذلك الوقت، وفي السنة نفسها، كما تشير "ذا صن"، تذكر السيرة الذاتية لمسعود أنه حصل على شهادة تسمح له بتعليم اللغة الإنجليزية للأجانب.
وببين عامي 2005 و2009 سافر خارج بريطانيا وعاد إلى بريطانيا في ربيع 2009 بعد فجوة مدتها 5 أشهر، ويقال إنه التحق بكلية تيفل في لوتون بصفته "مدرسا للغة الإنجليزية".
وكان إلمز أو مسعود، معروفا للسلطات على أنه بلطجي شرير لفت "تطرفه العنيف" انتباه جهاز الاستخبارات الداخلية البريطانية (إم 15)، ولكن في مرحلة ما، اتخذ قرار بأنه لم يعد يشكل تهديدًا.
هجوم لندن
بعد أن بات ليلة الهجوم في فندق رخيص في برايتون، قال مسعود للموظفين في فندق بريستون بارك: "سأذهب إلى لندن اليوم" كما لو كان سائحا، وأضاف العاصمة لا يجب أن تكون مثلما اعتاد أن تكون في الماضي.
ويوم الأربعاء، استأجر مسعود، سيارة من فرع لشركة "إنتربرايز" شمالي مدينة برمنجهام، وأبلغ الشركة أنه يعمل مدرسا، لكنه وفقا لـ"بي بي سي" لم يعمل قط كمعلم مؤهل في أي من المدارس الحكومية في إنجلترا.
وبعد ساعة من استئجار السيارة طراز هيونداي، يعتقد أن مسعود اتصل بالشركة وأبلغها أنه لم يعد بحاجة إليها، وما حدث بعد ذلك ليس واضحا بصورة كبيرة، حتى جاء مشهد قيادته للسيارة على جسر وستمينستر، حيث استخدمها كسلاح لقتل المارة والمشاة على الرصيف الغربي للجسر، ثم خرج من السيارة ملوحاً بسكينا، وذبح بدم بارد ضابط شرطة، كان يحاول حماية قصر وستمنستر.
لكن تحول مسعود من شخص ذي تاريخ إجرامي عنيف إلى إرهابي يقتل آخرين في شوارع لندن باسم أيديولوجيته، ما زال يحير الخبراء ومسؤولي مكافحة الإرهاب.
والصور الأولى التي نشرتها صحيفة "التلجراف" لمسعود ويعود تاريخها إلى عام 1980، لا توحي بأي دليل على مسار القاتل الذي سيسلكه خلال سنوات حياته المقبلة.
ويظهر في تلك الصور وعمره 15 عاما، أنه نشأ مراهقا عاديا يعشق ويمارس كرة القدم، واعتاد أن يستخدم اسم أدريان أجاو خلال سنوات المدرسة وهو لقب زوج والدته فيليب.
أسرة متدينة
وخلال السنوات الخمس أو الست الماضية، ووفقا لصحيفة "التلجراف"، تنقل مسعود وزوجته (39 عاما) وأطفاله الثلاثة بشكل مستمر، كما أظهرت سجلات قوائم الناخبين أنه كان يعيش في مناطق تشتهر بأنها جيوب للإرهابيين .
ويقول أحد جيرانه عن أسرته: "يمكنك القول إنهم متدينون؛ زوجته كانت دائما ترتدي ملابس تقليدية، وآخر مرة رأيتهم كانت قبل شهر، لديهم 3 أبناء وكان لديه وظيفة، وكنا نراه يغادر إلى العمل أو يأخذ أطفاله إلى المدرسة".
وفي غضون ذلك يحاول المحققون معرفة كيف تحول رب الأسرة إلى إرهابي ، حيث تقول صحيفة "الفاينانشال تايمز" إنه بالنسبة للجيران والشرطة على حد سواء، لا يوجد في حياة خالد مسعود سوى القليل الذي قد يشير إلى تحوله إلى الإرهاب.
وقال جيران مسعود، للصحيفة، إنه كانت لديه أسرة هادئة وإنهم كانوا يرونه يشذب الحشائش في حديقة المنزل بصورة منتظمة، وفي أعقاب الهجوم ألقت الشرطة القبض على عدد من الأشخاص في محاولة لمعرفة كيف تحول مسعود إلى الإرهاب.
وقالت امرأة شابة تدعى عائشة حسين، 24 عاما، وترتدي الحجاب، للصحيفة من قبالة ما يعتقد أنه شقة مسعود: "أن تعرف أن شخصا يقيم هناك يمكنه أن يقوم بما قام به أمر مخيف للغاية".
وتقول الصحيفة إن الشعور بالصدمة في شارع هاجلي رود، حيث كان منزل مسعود، مكثف للغاية، وأغلب المتاجر التي استهدفتها مداهمة الشرطة يمتلكها إيرانيون شيعة.
ووفقا لتحليل نشرته صحيفة "التايمز" بعنوان "ذئب منفرد أم مخطط لتنظيم داعش؟"، تقول إن الأمر استغرق 22 ساعة ليعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن هجوم وستمينستر في لندن، في إعلان باللغة العربية على قناة دعائية تستخدمها وكالة أنباء "أعماق"، التابعة للتنظيم.
لكن يبقى من غير الواضح ما الدور الذي لعبه التنظيم في الهجوم: أكان مدبره، أم من جعله ممكننا، أم ملهما لمنفذه؟ لكن هذا لا ينفي أن التنظيم ليس بحاجة لأن يكون متصلا بالمهاجم ليعلن مسؤوليته عن الهجوم، فعادة ما يربط بين نفسه وبين من يبدون أنهم يلبون دعوته للهجمات على المدنيين في الغرب، بأي وسيلة.
وأوضحت الصحيفة أن مسؤولي مكافحة الإرهاب يقسمون الهجمات إلى 3 فئات: مدبرة من قبل التنظيم، جعلها التنظيم ممكنة، أو مستلهمة من التنظيم، حيث تندرج هجمات باريس تحت الفئة الأولى: خطة رسمت فيما يسمى دولة الخلافة المزعومة ونفذها مجندون تم تدريبهم في سوريا، وهذا النوع من الهجمات هو الأكثر عنفا.
وفي حالة الهجمات التي جعلها التنظيم ممكنة، كان للمهاجم صلة مباشرة على الإنترنت مع التنظيم، تتراوح بين التشجيع إلى وضع خطط، وقد تشمل الإمداد بالسلاح، أما الهجمات المستلهمة من التنظيم، فهي ما يعرف بهجمات "الذئاب المنفردة"، وهي هجمات يستلهم منفذها أيديولوجية التنظيم دون أن يكون له صلة به، وغالبا ما يعتنق أفكاره الإرهابية عن طريق الإنترنت.
aXA6IDE4LjExNy4xOTIuNjQg جزيرة ام اند امز