«سيد الخواتم» ورجل لم يحضر أحد جنازته.. هؤلاء شكلوا سياسة نائب ترامب

عندما اختار دونالد ترامب جيه دي فانس ليكون نائبه، فقد ارتقى بأول شاب من جيل الألفية سيظهر على بطاقة ترشيح رئاسية.

وهذا يجعل فانس أول سياسي يبلغ سن الرشد أثناء حرب العراق والركود العظيم، وهو من جيل الإنترنت الذي تزامن صعوده السياسي مع مجموعة جديدة من المحافظين الذين سيصبحون اليمين الجديد.

• السيناتور الأمريكي فانس.. «رأس حربة» ترامب؟
• «جيه دي فانس» نجم وادي السيليكون.. قصة الرجل اللغز الذي يقف وراء ترامب

ولكن ربما تكون أكثر سمات جيل الألفية التي يتسم بها فانس هي مدى شغفه بسلسلة «سيد الخواتم»، ثلاثية الروايات المفضلة لدى الشباب لعقود من الزمان، لكنها أصبحت مركز الثقافة خلال سنوات فانس في المدرسة الثانوية بفضل أفلام بيتر جاكسون.

وبحسب «بوليتيكو»، فقد أشار فانس نفسه إلى الملحمة الخيالية التي كتبها جون رونالد تولكين باعتبارها نافذة لفهم رؤيته للعالم.

في حلقة أرشيفية من بودكاست "جراوندد" عام 2021، طلب النائب جيم بانكس من إنديانا، الذي جلس بجوار فانس في مقصورة أصدقاء وعائلة ترامب في المؤتمر، مساء الثلاثاء، من فانس تسمية مؤلفه المفضل.

قال فانس: "أعتقد أن تولكين هو الذي اختارني. فأنا من أشد المعجبين بسلسلة سيد الخواتم، وأعتقد أن جزءًا كبيرًا من نظرتي المحافظة للعالم تأثر بتولكين أثناء نشأتي".

سي إس لويس

وأضاف عن زميل تولكين: "أنا من أشد المعجبين بـ سي إس لويس - وهو ما يشبه حقًا عصر الكتاب الإنجليز. أعتقد أنهم كانوا مثيرين للاهتمام حقًا. لقد كانوا يتصارعون، جزئيًا بسبب الحرب العالمية الثانية، مع مشاكل كبيرة جدًا".

والكاتب والباحث الإيرلندي سي إس لويس، تنوعت كتاباته بين أدب القرون الوسطى وعلم العقائد في المسيحية والنقد، إلى جانب اهتمامه بأدب الطفل، واسمه الحقيقي كليف ستيبلز لوي.

ويشاع أنه يوم وفاته لم يحضر أحد جنازته لأنه صادف نفس اليوم الذي اغتيل فيه رئيس أمريكا جون كينيدي، وانشغل العالم بمتابعة الاغتيال عن جنازة الكاتب الإيرلندي.

سيد الخواتم

في الكتب، يعتمد مستقبل الحضارة على البحث والتدمير النهائي للخاتم. بينما يتنازع فرودو وغولوم على الخاتم الوحيد، يعلم عشاق تولكين الحقيقيون أن هناك 20 خاتم قوة إجمالاً".

ويبدو أن فانس ينتمي إلى هذه الفئة، حيث إن شركة رأس المال المخاطر التي أسسها في عام 2019 تحمل اسم "ناريا"، نسبة إلى أحد تلك الخواتم الأخرى التي يرتديها غاندالف.

وبالمثل، أطلق مرشد فانس، بيتر ثيل، على شركته اسم "بالانتير" نسبة إلى كرة البلور التي يستخدمها سارومان في "سيد الخواتم".

كما استثمر فانس في شركة ناشئة للدفاع أطلق عليها اسم "أندوريل"، نسبة إلى سيف أراغورن.

ويقول جون شيلتون، الذي يعمل، عندما لا يكون منخرطًا في أدب الخيال، مديرًا للسياسات في مؤسسة "تقدم الحرية الأمريكية" التي أسسها نائب الرئيس السابق مايك بنس: "بحلول وقت ثلاثية سيد الخواتم، تم تكليف غاندالف بناريا لمقاومة التأثير المفسد للشر والحفاظ على العالم من الاضمحلال وإعطاء القوة المستخدمة".

ويضيف: "على عكس القوى العظمى الأخرى في سيد الخواتم، كان غاندالف يهتم بالهوبيت وغيرهم من سكان ميدل إيرث المتواضعين، لذلك ليس من المستغرب أن يرى فانس نفسه على أنه نوع من غاندالف، يهتم بالناس المنسيين في مسقط رأسه، ويراقبهم بحذر ضد الآثار المفسدة للعالم."

تأثر فانس بشكل كبير بـ "سيد الخواتم" - فالأفلام الثلاثة التي صدرت بين عامي 2001 و2003، أثناء وجوده في المدرسة الثانوية، وحققت نجاحًا جماهيريًا كبيرًا وأرباحا وصلت 2.9 مليار دولار في شباك التذاكر وحصلت على 28 ترشيحًا لجوائز الأوسكار و17 فوزًا.

ويرى لوك برجيس، أستاذ جامعي وخبير أعمال، مؤثر فكري آخر لفانس، إن اهتمام فانس بتولكين ربما يرتبط باعتناقه الكاثوليكية عام 2019.

ويتمثل أحد تجليات الخيال الكاثوليكي لدى تولكين في العلاقة بين المرئي وغير المرئي. ويعتقد برجيس أن فانس يؤمن بوجود شر روحي حقيقي في العالم، ويمكن أن يتجسد في طقوس وشعائر.

وقال فانس في خطاب عام 2021: "أؤمن بأن الشيطان حقيقي وأنه يفعل أشياء فظيعة في مجتمعنا".

ووفقًا لبورجيس، استقى فانس من تولكين رؤية قتالية بين الخير والشر)، ولم يرد متحدث باسم فانس على طلب التعليق على هذه القصة.

وكتب تولكين أسطورة «ميدل إيرث» وهو يخدم في الخنادق خلال الحرب العالمية الأولى، وتعكس روايته معارضة واضحة للحرب، إذ يكتب في الجزء الثاني من الثلاثية: "لا مفر من الحرب ما دام علينا الدفاع عن حياتنا ضد مدمر يهدد كل شيء؛ لكني لا أحب السيف البراق لحدة بريقه، ولا السهم لسرعته، ولا المحارب لمجده. إنما أحب فقط ما يدافعون عنه."

وصرح فانس بأن خدمته في مشاة البحرية بالعراق شكلت توجهه الانعزالي المناهض للحرب في السياسة الخارجية.

وأضاف: "خدمت بلدي بشرف، وعندما ذهبت إلى العراق أدركت أنني قد تعرضت للكذب. أدركت أن وعود مؤسسة السياسة الخارجية في هذا البلد كانت مجرد مزحة."

ولكن معجبيه يتعارضون أيضًا مع بعض أفكار تولكين حول الكيفية التي ينبغي للدول القومية أن تتعامل بها مع العالم الخارجي.

والرواية، من نواحٍ عديدة، مناهضة للعزلة. فيريد فرودو تجاهل الأخبار السيئة والبقاء في المنزل، لكنه يدرك في النهاية أن مقاطعة شاير ليست بمنأى عن المشاكل في أماكن أخرى (مثل، على سبيل المثال، انخراط حلف شمال الأطلسي في الدفاع عن أوكرانيا من سورون بوتن).

في النهاية، يجب على روهان وجوندور والجان والإنتس والأقزام أن يتحدوا معًا ويضعوا حدًا لمشاحناتهم القومية التافهة. لقد أدركوا أن حياتهم مترابطة.

إن حب فانس لسيد الخواتم هو جزء من حب القوميين اليمينيين في الخارج. فقد قالت جورجيا ميلوني من إيطاليا، التي اعتادت أن تلعب دور الهوبيت: "أعتقد أن تولكين كان يستطيع أن يقول أفضل منا ما يؤمن به المحافظون"، على الرغم من أنها على عكس فانس تدعم المساعدات المقدمة لأوكرانيا.

وقالت جيسيكا هوتن ويلسون، رئيسة قسم بجامعة بيبرداين، التي تقوم بتدريس تولكين في وقضت بعض الوقت مع فانس في عام 2019 في مؤتمر ركز على الكاتب الكاثوليكي ووكر بيرسي. إن "فانس ربما استوعب الرسالة التي مفادها أن أمريكا، على عكس فرودو، ليست مدعوة للتدخل في الخارج".

وأضافت: "أعتقد أن هذا هو المكان الذي لم يرغب تولكين في تسمية عمله فيه بالرمزية لأنه لم يكن يريد طريقة واحدة لقراءة نصه".

وأضافت: "أتمنى أيضًا أن يكون كل من يقرأ سيد الخواتم ووكر بيرسي على استعداد للتعلم منه بدلاً من جعله يقول ما يريده أن يقوله".

بدوره يقول ريك سانتوروم، السيناتور السابق والمرشح الجمهوري، وأحد المتحمسين لتولكين: "لقد أمضى فانس في منصبه عامًا ونصف العام. ولم يكن منخرطًا بشكل كبير في السياسة قبل ذلك. وأظن أن هذا هو أحد الأسباب التي دفعت ترامب إلى اختياره: جيه دي رجل ذكي ولكنه لا يزال في طور التطوير".

وبحسب الكاتب المحافظ رود دريهر، عن فانس إنه "يفكر على نطاق واسع في كيفية انضمام الجميع إلى النضال العظيم ضد الظلام - لا مفر من النضال - وكيف يمكن لله أن يستخدم المتواضعين والمنبوذين للقيام بأشياء عظيمة".

وتابع: "فكر في الأمر: من كان ليتصور أن ذلك الصبي الصغير الحزين المرعوب من أوهايو الذي يعيش في أسرة مفككة سيتمكن من تجاوز كل هذا، وسيصل إلى أبواب السلطة السياسية العليا؟ ماذا قد يفعل الله به؟ ربما يكون جيه دي فانس هو فرودو، وهو هوبيت ريفي حقيقي".