رسائل "SMS".. سلاح الحوثي "الفتاك" لنهب اليمنيين وحشد التبرعات
رغم اعتزال "سالم قائد" في ريف اليمن، صخب العالم ووسائل الإعلام إلا أن هاتفه ظل يوميا يزدحم بتنبيهات رسائل قصيرة تطالبه بدعم مجهود مليشيات الحوثي الحربي.
ليس "قائد"، هو الوحيد، فملايين اليمنيين، تقتحم الرسائل الموجهة ( SMS ) لمليشيات الحوثي خصوصية هواتفهم الشخصية دون سابق إنذار لتطلب منهم بصيغة فعل الأمر التبرع لما يسمى المجهود الحربي وسلاح الجو والقوة الصاروخية والتعبئة للقتال وتجهيز قوافل الجبهات.
ويتخذ الحوثيون شركات اتصالات الهاتف النقال باليمن كسلاح فتاك لتحقيق أهداف متعددة، منها تحويل رسائل SMS إلى قناة اتصال طائفية وعسكرية لاستهداف 20 مليونا و110 آلاف مشترك وتكريس الولاء للمليشيات.
وقال مصدر في شركات الاتصالات في صنعاء لـ"العين الإخبارية"، إن مليشيات الحوثي تجبر مزودي الخدمة داخل شركات الاتصالات الخاضعة لسيطرتها لتقديم تقارير دورية لقياس رضاء مدى استجابة المواطنين المشتركين في شركات الاتصالات للرسائل القصيرة ذات المضمون الطائفي ومدى التفاعل الشعبي مع طلبات التبرعات.
واليمن كسائر دول العالم ظل لأكثر من عقدين يستخدم خدمات الرسائل القصيرة للهاتف النقال كأداة للتسويق التقليدي للشركات التجارية، فيما اعتمتدها الكثير من الصحف نافذة للأخبار الساخنة منها وكالة سبأ الرسمية ووكالة خبر والجمهورية وصحف حزبية ومستقلة مختلفة التوجهات.
لكن منذ اجتياح مليشيات الحوثي صنعاء أواخر 2014 وإغلاق الصحف وحجب المواقع، حول الانقلابيون هذه الخدمة للتظليل الحربي باحتكار قناة "المسيرة" و6 وسائل إعلام تابعة لهم، كنافذة إخبارية إلى جانب الرسائل اليومية لحشد التبرعات ونشر العنف والكراهية.
خطر الرسائل القصيرة
يدرك الكثيرون خطر هيمنة الحوثيين على إعلام اللون الواحد واستخدامه كسلاح في معركتهم العسكرية، إلا أن البعض رغم إدراكه فاعلية التواصل المباشر لا يزال يجهل تأثير الرسائل القصيرة الأسرع والأكثر موثوقية في بلد كاليمن الذي يعيش سكانه وسط تردي خدمات الإنترنت.
ويرى مختص الأمن الرقمي والتسويق الإلكتروني، هائل عبدالرحمن لـ"العين الإخبارية"، أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام للتأثير على اليمنيين بالتأكيد لها مكانتها لكن الرسائل القصيرة في الواقع أسرع وآمنة وموثوقة كأداة حوثية لتكريس الولاء ونشر الإرهاب.
وأوضح أن مليشيات الحوثي لم تترك أداة إلا ووظفتها لتمرير مشروعها بما فيه رسائل الـSMS ذات التأثير الفعال والتي تتميز بجذب الانتباه لأنها تعد بمثابة "رسالة شخصية للغاية تصل لكل شخص بشكل مفرد".
كما أن "الرسائل النصية القصيرة لها معدل ثقة وقراءة أعلى بكثير من أي وسيلة أخرى بما فيها الإعلانات الممولة على مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر البريد الإلكتروني التي تتطلب ضرورة وجود إنترنت"، طبقا لعبدالرحمن.
وإلى جانب رخص كلفتها التي لا تتجاوز 3 ريالات، تعد الرسائل القصيرة من أكثر أدوات الاتصال المباشرة انتشارا، فبضغطة زر وخلال ثوان يمكن لجماعات إرهابية كالحوثي الوصول إلى الملايين من خارج سيطرتها جغرافيا واستهدافهم إعلاميا وطائفيا وهذه أحد أوجه خطورة سيطرة المليشيات على الاتصالات، وفق الخبير اليمني.
رسائل مشحونة بالعنف
أرسلت مليشيات الحوثي طوال سنوات الحرب مئات الآلاف من الرسائل المشحونة بأفكارها ومعتقداتها وأيضا توجهاتها العسكرية العدائية لتمرير مشروعها الطائفي أوساط الشعب اليمني، مستغلة سيطرتها على الاتصالات.
فحسب تقرير حديث لمبادرة "Regain yemen”، منظمة غير حكومية، فإن "المليشيات حولت شركات الاتصالات إلى راع وممول لدعوات العنف والتحشيد للجبهات عبر خدمة الرسائل sms".
وأشار إلى أن هذه النوع من الرسائل التي لا تختلف عن الإعلام الموجهة حربيا "باتت روتينا يوميا يتلقى المواطنون عبرها مئات الرسائل للخدمات الحوثية التي تدعوهم للحشد ومقاتلة الخصوم والتبرع للجبهات والمجهود الحربي ودعم صناعة الطائرات المسيرة".
كما "فرضت مليشيات الحوثي رسوما خيالية على شركات مزودي خدمة الاتصالات بهدف احتكار خدمة الرسائل القصيرة لقياداتها ومصادرتها على القطاع الخاص"، وفقا لذات التقرير.
وأوضح التقرير أن مليشيات الحوثي بثت رسائل جماعية عبر الرقم "2121" لجميع مشتركي خدمات الهاتف النقال باليمن تدعوهم فيها للتبرع للقوة الصاروخية إلى حسابات خاصة شيدتها عبر جميع مكاتب البريد.
كما كشفت تلك الرسائل النصية للمواطنيين استغلال المليشيات الإرهابية لبنكي "التسليف والتعاون الزراعي" و"البنك اليمني للإنشاء والتعمير" في فتح حسابات بنكية خاصة في حشد التبرعات لتمويل حربها التدميرية.
ولم تكتف مليشيات الحوثي بالرسائل الصريحة في طلب الدعم المستمر عبر رسائل الـsms إذ تقوم من خلال شركات الاتصالات بإرسال رسائل نصية مختلفة للمشتركين تجمع خلالها الأموال ودعوة المواطنين إلى إرسال الرسائل دعما لما أسمته التبرع للمجهود الحربي والتعبئة العامة، طبقا لذات المصدر.
كذلك تستغل مليشيات الحوثي الاتصالات في توجيه رسائل قصيرة تطالب المواطنين بدعم اقتصادها وخزينة البنك المركزي الخاضع لسيطرتها بغطاء استقرار الريال اليمني وحددت مبالغ مالية من 100 إلى 1000 ريال، بحسب تقرير المنظمة اليمنية.